أثار وجود قوات روسية في مالي غضب الدول الأوروبية وخاصة الدول المشاركة في المهمات العسكرية في أفريقيا، وعلى رأسها فرنسا التي أنهت مهمة قوة برخان العسكرية، وألمانيا التي أعلنت انسحابها ووقف دورها في تدريب قوات مالية ضمن بعثة للاتحاد الأوروبي، وآخرها بيان التحالف الدولي لهزيمة تنظيم داعش الإرهابي، الذي أعلن عن قلقه حيال تواجد قوات لـ"شركة عسكرية خاصة" في إشارة لقوات فاجنر الروسية.
قبل أيام، وتحديدا في 11 مايو الجاري، اجتمع وزراء دول التحالف الدولي ضد داعش، في العاصمة المغربية مراكش، وفي إشارة إلى التواجد العسكري الروسي، جاء في البيان أن اجتماع الوزراء لاحظ بقلق نشر قوات من قبل شركات عسكرية خاصة مزعومة في الوقت الراهن في منطقة الساحل مما قد يزعزع الاستقرار ويزيد من هشاشة البلدان الأفريقية ويمهد الطريق لتنظيم داعش والمنظمات الإرهابية والمتطرفة العنيفة الأخرى في نهاية المطاف.
وفي مطلع الشهر الجاري، قالت وزيرة الدفاع الألمانية، كريستين لامبرخت، إن ألمانيا ستنهي مشاركتها في مهمة تدريب الاتحاد الأوروبي في مالي، لكنها مستعدة لمواصلة مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في البلاد في ظل شروط معينة.
وعللت وزيرة الدفاع القرار الألماني، أنه في ظل الحكومة المالية الانتقالية الحالية، يوجد خطر من أن الجنود الذين دربتهم ألمانيا يمكن أن يقاتلوا مع القوات الروسية، ويرتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان. وأضافت "لا يمكننا دعم مثل هذا النظام بعد الآن".
وأوضح جاسم محمد، مدير المركز الأوروبي لدراسات ومكافحة الإرهاب، أن قرار ألمانيا بإنهاء مشاركة قواتها في مالي، في أعقاب سحب فرنسا قوة برخان، جاء بالتوازي مع مطالب من داخل البرلمان الألماني لسحب الجنود.
وقال مدير المركز في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، إن فرنسا كانت تنشط في المنطقة بآلاف العسكريين في الحرب ضد الإرهاب، وتنتشر القوات المسلحة الألمانية في مالي مع حوالي 1350 جنديًا كجزء من بعثة الاتحاد الأوروبي وبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام (مينوسما).
وأكد "جاسم"، أن القوات الأوروبية والقوات الأممية أصبحت في وضع لا يمكنها من محاربة التطرف والإرهاب في الساحل الإفريقي، ولا حتى القدرة على حماية نفسها من هجمات التنظيمات المتطرفة.
ويرى "جاسم"، أن السبب يعود إلى أن معالجات دول أوروبا للتطرف والإرهاب تتركز على عسكرة الأمن، دون وجود معالجات حقيقية لأسباب التطرف والإرهاب والفقر في دول الساحل الإفريقي، وهذا يعني أن فرنسا تحديدًا ودول الاتحاد الأوروبي قد تعمل على ترتيب قواتها من جديد، وبإشراك قوات دولية أخرى مثل الولايات المتحدة، لتعود من جديد إلى الساحل الإفريقي.