ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية الصادرة اليوم /الأحد/ أن الاتحاد الأوروبي يكافح حاليًا لتأمين مخزونه من الحديد الصلب في سياق استمرار العمليات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا، لاسيما بعد ارتفاع تكاليف أسعاره في أوروبا وسط تعطل الواردات القادمة من أوكرانيا.
وقالت الصحيفة (في مستهل تقرير لها نشرته حول هذا الشأن على موقعها الإلكتروني) إن مصانع الصلب في آزوفستال بمدينة ماريوبول الأوكرانية كانت، قبل الأزمة الأوكرانية، بمثابة مصدر رئيسي لواردات الصلب لأوروبا، حيث أُستخدم حديدها في أشد المباني صلابة في أوروبا ولندن على وجه التحديد، ولكن اليوم أصبح المجمع الصناعي الضخم في ماريوبول رمزًا للمقاومة الأوكرانية ضد الروس، الذين قصفوه باعتباره الجزء الأخير من المدينة التي لا تزال في أيدي المقاتلين الأوكرانيين.
وأضافت: أنه بينما لا تزال آزوفستال تحت هجوم مكثف، تمكنت أحدي مصانع الصلب بها من استئناف الإنتاج في مكان آخر، وكان ذلك أول خطوة نحو إعادة تشغيل صناعة الحديد والصلب في أوكرانيا، والتي تشكل ما يقرب من 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وتوظف نصف مليون شخص، مع ذلك فإن هذه التطورات تمثل نسبة أقل بكثير مما كانت عليه صناعة الصلب في أوكرانيا، ومع استئناف بعض الصادرات برزت تحديات لوجستية كبيرة، من بين ذلك تعطيل الموانئ وكثرة الهجمات الصاروخية الروسية على شبكة السكك الحديدية في البلاد.
وأردفت "فاينانشيال تايمز" تقول إن تداعيات فقدان الإمدادات في جميع أنحاء أوروبا تجلت على نطاق واسع، خاصة وأن روسيا وأوكرانيا من بين أكبر مصدري الصلب في العالم، وكانت الدولتان قبل الحرب، تمثلان حوالي 20 في المائة من واردات الاتحاد الأوروبي من منتجات الصلب الجاهزة،كما اعتمد العديد من منتجي الصلب الأوروبيين على أوكرانيا للحصول على المواد الخام مثل الفحم المعدني وخام الحديد، واستوردت شركات تصنيع أخرى الألواح وقطع الصلب المسطحة نصف المصنعة، وكذلك قضبان حديد التسليح المستخدمة في تقوية الخرسانة في مشاريع البناء من كييف.
وتسببت العمليات العسكرية الروسية في أوكرانية في البداية في تعطيل الإمدادات وأجبرت العملاء على الحصول على المنتجات من أماكن أخرى، من جانبه قال يوري ريجينكوف، الرئيس التنفيذي لشركة Metinvest ، وهي مجموعة أوكرانية متكاملة من شركات الصلب والتعدين: إن الشركة عادة ما تصدر نحو 50 في المائة من منتجاتها إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، إنها مشكلة كبيرة خاصة بالنسبة لدول مثل إيطاليا والمملكة المتحدة، فالعديد من إمداداتهم من المنتجات نصف المصنعة كانت تأتي من أوكرانيا".
وتعد شركة Marcegaglia الإيطالية، وهي إحدى أكبر شركات تصنيع الصلب في أوروبا وعميل Metinvest منذ فترة طويلة، من بين الشركات التي اضطرت إلى البحث عن إمدادات بديلة. لاسيما وأن الشركة استوردت في المتوسط ما بين 60-70 في المائة من ألواحها من أوكرانيا. وقال الرئيس التنفيذي للشركة أنطونيو مارسيجاليا: "نشأت حالة من الذعر في الصناعة، وأصبح من الصعب العثور على العديد من المواد الخام".
وعلى الرغم من المخاوف الأولية بشأن الإمدادات تمكنت الشركة من الاستمرار في الإنتاج في جميع مصانعها، وإيجاد مصادر بديلة في آسيا واليابان وأستراليا، كما وجدت شركات أخرى موردين جددًا أيضًا، بما في ذلك في تركيا، لكن التكلفة المضافة كانت كبيرة لأن الأسعار ارتفعت بعد أزمة أوكرانيا؛ حيث قال أحد المديرين التنفيذيين للصلب في المملكة المتحدة: "المشكلة تكمن في التأثير الضار، خاصة مع ارتفاع الأسعار".