"السيرفر وقع.. السيستم مش شغال".. كلمات كلنا نعرفها جيدا، فكثيرا ما نواجهها خلال تعاملاتنا اليومية مع المصالح الحكومية والبنوك وغيرها من الأماكن التي دبت فيها روح الرقمنة في السنوات الأخيرة، ولعل الواقعة الأخيرة، قبل يومين، التي شهدها امتحان الصف الثاني الثانوي كان الأبرز حيث أن الخطأ هنا تسبب في مشكلة لقرابة من 93 ألف طالب لم يتمكنوا من أداء الامتحان، والسبب "خطأ فني" بحسب بيان وزارة التربية والتعليم، التي أكدت أنها اتخذت إجراءات عاجلة لمعالجة هذا الخطأ.
وقالت الوزارة في بيانها إن 582 ألفا و852 طالبا وطالبة من طلاب الصف الثاني الثانوي تقدموا لامتحان اللغة العربية "الفترة الصباحية" يوم الخميس الماضي، وأدى الامتحان الإلكتروني 490 ألفا و134 طالبا وطالبة بنسبة 84%، بينما لم يتمكن من أداء الامتحان 92 ألفا و718 طالبا وطالبة.
وأوضحت الوزارة أنها حققت في الأمر وتبين حدوث تأخير في استجابة قواعد البيانات الرئيسية، وذلك لحدوث العديد من التعديلات في بيانات الطلاب الواردة من الإدارات التعليمية، والتي تمت في نفس التوقيت، ما تسبب في تعطل وصول الامتحانات إلى خوادم المدارس، وتم التحقيق مع المسؤول عن هذا الخطأ الفني والتعامل الفوري فنيًا عن طريق زيادة سعة وسرعة خوادم قاعدة البيانات، وكذلك تم تحسين أدائها لضمان عدم حدوث هذا التأخير مرة أخرى، كما قررت أن تحتسب لهؤلاء الطلاب الذين لم يتمكنوا من أداء الامتحان الإلكتروني درجة الامتحان الإلكتروني الكاملة لمادة اللغة العربية، وتم وضع كل الضوابط لمنع تكرار هذا الخطأ الفني في الامتحانات القادمة.
ويؤكد خبراء التعليم وتكنولوجيا المعلومات إن توفير سبل الحماية الممكنة والخوادم هو السبيل الوحيد لمنع تكرار هذه الحوادث، مشددين على ضرورة توفير البنية التحتية التكنولوجية الكافية قبل الشروع في التطبيق العملي للامتحانات، كما أكدوا على ضرورة وضع خطط شاملة لتطوير التعليم لا تقوم على تصويب الثغرات.
وفي هذا الشأن قال الدكتور يسرى زكى، خبير تكنولوجيا وأمن المعلومات، إنه من الواضح للجميع أن مصر حقت طفرة تكنولوجية في شتى مجالات الحياة وبخاصة في المجالات الخدمية، التي أصبح معظمها إلكترونية، ومن ثم انتقلت الرقمنة لتعليم الذي يخطو بشكل إيجابي نحو التطوير.
وأكد "زكي" في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" أن السبيل للحفاظ على هذه المنجزات يجب أن يستند على بنية تكنولوجية قوية حتى لا نواجه مشكلة "السيرفر أو السيستم وقع"، وذلك من خلال توفير الخوادم "السيرفرات والمساحات الكافية لتغطية الخدمة المقدمة سواء خدمة تعليمية أو مالية أو دفع إلكتروني.
كما شدد خبير أمن المعلومات على ضرورة توفير الحماية الكافية لهذه الخوادم أو "السيرفرات"، مشيرا إلى أن الاعتماد بشكل كامل على الرقمنة في أداء خدمة معينة يتطلب جهد مماثل للحفاظ على استدامة هذه الخدمة وحمايتها من القرصنة التي تتعدد أشكالها وتكون نتائجها إما السرقة أو التلف، وهو الأمر الذي يعطل تقدينم هذه الخدمة.
أما الدكتور طلعت عبد الحميد، أستاذ التربية بجامعة عين شمس، فأكد على ضرورة العمل على وضع خطط شاملة لإصلاح العملية التعليمية من الجذور والبعد عن التجارب الأجنبية المعلبة التي تضعنا أمام هذه المواقف.
وأضاف الخبير التربوي في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" أن الارتقاء بالتعليم في مصر يتطلب خلال وضع رؤية تشمل تطوير كل أوجه التعليم العام والفني، حتى لا نكون أمام مجرد سد لثغرات صغيرة في منظومة تعاني لسنوات طويلة، فلا تكون أزمتنا في فشل أو معالجة عطل في الامتحان الإلكتروني أو عطل في السيرفر، لذلك يجب أن تكون لدينا رؤية شاملة لحل مشكلات التعليم بجميع قطاعاته، ووضع خطط وسياسات عامة تكون ملزمة لكل المسؤولين عن القطاع، على أن يستكمل كل مسؤول ما بدأه سلفه في سبيل تطوير المنظومة التعليمية بالشكل الأمثل.