هل مازال الإرهاب قادرا على تهديد الأمن القومي المصري، كما كان في فترة الاضطرابات العنيفة، بين عامي 2011 و2014؟.. يتبادر هذا السؤال إلى الأذهان، في أعقاب العملية الإرهابية التي وقعت مؤخرا، واستهدفت مناطق نقطة رفع مياه في غرب سيناء.
ويتفق الخبراء على أن إجابة هذا السؤال، وفقا للمعطيات المتاحة، لا بد أن تكون بالنفي، إذ إن جهود الدولة المصرية بجميع أجهزتها، على مدار السنوات الماضية، أسفرت عن تدمير البنية التحتية لوجود الجماعات الإرهابية في سيناء، وهو ما يعني أن المجموعات التي تتحرك حاليا، مجرد فلول تحاول الإيهام بأنها قادرة على التأثير، لجذب أنظار الأتباع والممولين.
معركة النهاية
ويرى عمرو فاروق، الخبير في شئون الجماعات المتطرفة، أن الجماعات الإرهابية تخوض معركتها الأخيرة في سيناء، مستغلة وجودها في أماكن يصعب رصدها، بسبب التضاريس الوعرة، وأيضا بسبب أن تمركزات فلول الإرهاب حاليا أصبحت لأعداد صغيرة، بعد فقدان قوتهم البشرية الرئيسة خلال الفترة الماضية، وهو ما يجعل مطاردتهم مهمة عسيرة في ظل ما توفره لهم البيئة المحيطة من طرقة فعالة للاختباء.
وأشار «فاروق» إلى أن زيادة نشاط الجماعات الإرهابية، وهجماتها ضد قوات الأمن، مسألة وقتية تستهدف الإيحاء بأنهم مازالوا قادرين على التأثير، مما يمكنهم من جذب الأتباع والممولين، مضيفا: لكن الخبراء يعرفون جيدا أن الأهداف التي تختارها الجماعات الإرهابية في سيناء حاليا، جميعها مدنية، وهو ما يعني أنها لم تعد تمتلك القوة ولا التسليح الذي تدخل به في مواجهة مع تمركزات عسكرية عالية التحصين، لأنها ستخسر لا محالة.
المواجهة مستمرة
بدوره قال عمرو عبد المنعم، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن العالم الآن يستشعر بخطر تنظيم داعش، ولذلك يحاول عقد مؤتمرات عديدة مثل مؤتمر السعودية الأخير الذي حضره مفتي الديار المصرية، ومؤتمر المغرب ضد تنظيم داعش الذي يعقد هذا الأيام في مراكش، وغيرها من المؤتمرات لتوحيد العالم في مواجهة خطر هذا التنظيم، وكافة الطرق لمواجهة التطرف التي بدأتها مصر منذ حقبة من الزمن هي الإطار السليم للمواجهة.
وأضاف «عبد المنعم» أن داعش في سوريا والعراق وغيرها من تلك الولايات المزعومة تؤكد علي أن مصر في قلب المعركة، وإذا لم يستيقظ العالم الغربي الأوروبي والأمريكي للمواجهة هذا التحدي القائم سوف ينال من مقدسات الأوطان وهويته وثقافة الشعوب.
وأكد «عبدالمنعم» أن الموجهة الآن ليست مواجهة دين أو جنس أو لون، الجميع الآن يشترك في هذا الأمر، لأن المستهدف هو الإنسانية والكرامة والهوية والثقافة، وعلي الغرب أن يحترم ثقافة ومبادئ وديانة ومقدسات شعوب الأمة العربية، لأن هذا هو بريد التطرف هو الذي يغذي التطرف.
فترة خمول
بينما قال طارق أبوالسعد، باحث في شئون الحركات الإسلامية، إن تنظيم داعش تمكن خلال الفترة الأخيرة من تسجيل عمليات بعد فترة خمول وبدأ استعداد قدرته العسكرية في المركز سوريا والعراق والأطراف في الولايات المختلف مثل ولاية خراسان وغرب أفريقيا ومالي وغيرها، من الواضح أنه تم رفع قدرة التنظيم من خلال ترمم التنظيم بعد تصفيات أغلب القادة في التنظيم، وأيضا رفع قدرته العسكرية من خلال مد فروعه بالأسلحة والذخيرة.
وأضاف «أبوالسعد» أن المجتمع الدولي بدأ يستشعر خطورة استعداد داعش لقدرتها واستعدادها للاستهداف مدنين ودول ومنشآت لذلك اجتمع كثير من الدول «الثلاثاء الماضي» في المغرب، وأرجع اختيار المغرب إلى أن داعش نشط في أفريقيا في الفترة الأخيرة من خلال فيديوهات يستعرض التنظيم فيها قوتهم، خرج البيان المؤتمر يوضح القلق العالمي من خطر داعش.
وأكد « أبوالسعد» أن الفترة القادمة سنشهد عمليات إرهابية شرسة ستهدف بعض الأنظمة في كل دول العالم، وأن الإرهاب في سيناء وغير من الدول لم يزل، رغم القضاء علي نسبة 90% من قادة داعش حول العالم، لكن هناك بقايا وفلول لم يتم القضاء عليها حتي الآن، ارجع ذلك إلى أن العالم اكتفي بكسر التنظيم بالمواجهة العسكرية، وهي مهمة جدا لكن يجب أن يكون هناك مواجهة فكرية في العالم بأكمله للقضاء علي أفكار التطرف.
وتابع الباحث في شئون الحركات الإسلامية، أن داعش ستنشط الفترة القادمة وتدير مجموعة من العمليات علي مستوي كبير، وفي الأغلب ستكون في أفريقيا وسوريا والعراق، ومازالت المواجهة مستمرة يجب أن نستمر في مواجهة هذه التنظيمات فكريا وأمنيا واجتماعيا.
التعاون ضروري
في غضون ذلك، دعا الدكتور فتحي العفيفي، أستاذ الفكر الاستراتيجي بجماعة الزقازيق، دول العالم إلى التكاتف والاصطفاف، خلف الدول التي تحارب الإرهاب، مثل مصر، مشيرا إلى أن المعركة ضد التنظيمات الإرهابية، وبخاصة تنظيم داعش، ليست معركة دولة دون أخرى كما يتصور البعض.
وأشار «العفيفي» إلى أن تنظيم داعش مازال حيا في أفريقيا، وتوجد مخاوف من أن يتطور أداؤه في ظل الاضطرابات التي تجتاح بعض الدول مثل: ليبيا، والنيجر، مالي، وأفريقيا الوسطى.
وطالب «العفيفي» بالاستفادة من الدروس التي تلقاها العالم بأسره، إبان فترة ازدهار داعش في سوريا والعراق، مشيرا إلى ضرورة تبادل الخبرات والمعلومات بين الدول كافة، حتى يمكن محاصرة التنظيم ووأد خطته الرامية إلى استعادة نفوذه، والانطلاق مجددا. ولفت إلى ضرورة السعي للقضاء على أسباب انعدام الأمن في أفريقيا، وإيجاد آلية دائمة لوقف انتشار داعش في القارة، وبذلك الجهود لتعزيز التعاون لتحقيق هدف تجفيف منابع الإرهاب.
تنسيق الجهود
من جانبه قال هشام النجار، باحث في شئون الحركات الإسلامية، إن التعامل مع داعش في الوقت الحالي يحتاج تنسيق الجهود وتبادل المعلومات بين الدول والحكومات سواء بين الدول العربية أو بين الدول العربية والأفريقية أو بينها وبين غيرها في آسيا وأوروبا بالنظر لتمدد نشاط داعش في هذه الساحات البعيدة في العالم، وأثبت التنسيق واستمرار التباحث ووضع خطط مشتركة بين دول العالم خاصة المعنية بملف مكافحة الارهاب أنه قادر على كبح نشاط التنظيم وتحجيمه.
التحالف الدولى
وقال الدكتور محمد صفر، باحث في شئون الحركات الإسلامية، إن اجتماع التحالف الدولي التاسع ينعقد لأول مرة في أفريقيا، التي تعاني من الإرهاب وانتشار الحركات الإرهابية مثل داعش، الذي يسعى إلى إثارة الفوضى وقتل الأبرياء.
وأشار إلى أن التواجد العسكري الروسي من قبل قوات «فاجنر» الخاصة، جاء في البيان أن اجتماع الوزراء لاحظ بقلق نشر قوات من قبل شركات عسكرية خاصة مزعومة في الوقت الراهن في منطقة الساحل، مما قد يزعزع الاستقرار ويزيد من هشاشة البلدان الأفريقية ويمهد الطريق لتنظيم داعش والمنظمات الإرهابية والمتطرفة العنيفة الأخرى في نهاية المطاف.
وتابع: أن عقد المؤتمر هذه المرة في أفريقيا، وهو تنافس القوى الكبرى على التواجد في أفريقيا، ويظهر رغبة أمريكا في استغلال ما يحدث في غرب أفريقيا من تلويح فرنسا بانسحاب قواتها من مالي، لتعزيز تواجدها، خاصة مع المتغير الجديد وهو الانتشار الروسي في مالي وأفريقيا الوسطى.