لا يزال الشعب الإثيوبى يعانى تداعيات الحرب التى بدأها رئيس الوزراء آبى أحمد، فى نوفمبر من العام قبل الماضى ٢٠٢٠، وتسببت فى أزمة إنسانية مروعة، بعد نزوح عشرات الآلاف إلى دول الجوار الإثيوبى على رأسها السودان ومنطقة أرض الصومال.
ونشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية، تقريرا حول المعاناة الإنسانية لعدد من الأسر الإثيوبية خلال هروبها من الحرب والجفاف إلى أرض الصومال، حيث يتجمع اللاجئون الإثيوبيون فى منطقة بورما، أملا فى تبرع باعة الخبز ببعض الصدقات إلى جانب تقديم بعض المقاهى ما يمكنها من مشروبات لمئات الأشخاص الذين تركوا القتال فى إثيوبيا بحثًا عن ملاذ فى المدينة الحدودية بأرض الصومال.
وقالت «الجارديان» فى تقريرها الذى نشرته فى ١٢ مايو الجاري، تحت عنوان «الناس يموتون.. الإثيوبيون يهربون من الحرب ليواجهوا الجوع فى أرض الصومال» إن امرأة إثيوبية تدعى أناجوا أبانا، سافرت خلال شهر يناير الماضى لمسافة ٣٠٠ كيلو متر من تيجراى فى شمال إثيوبيا إلى أرض الصومال، وتعيش هى وابنتها البالغة من العمر ثلاث سنوات فى شوارع المدينة، على صدقة السكان المحليين، وتقول «أبانا»: فررنا من القتال والجفاف، كان القتال سيئا للغاية وقتلوا زوجى واثنين من أطفالي، لقد استغرقنا ١٢ يومًا للوصول إلى هنا وكان وقتا صعبا للغاية.
ونقلت الصحيفة البريطانية صورة أخرى من المعاناة الإثيوبية فى أرض الصومال، حيث تعيش ميمى تاداسى فى شوارع مدينة بورما التى وصلت إليها بعد مسيرة استغرقت ١٤ يوما وقالت: جئنا إلى هنا منذ أسبوع، بعد رحلة شاقة، حيث كان علينا أن نمر فى مناطق القتال، وهو أمر خطيرا للغاية.
و«تاداسي» من منطقة أمهرة الإثيوبية، التى انغمست فى الصراع خلال الحرب التى بدأت بين القوات الموالية لحكومة إقليم تيجراى والقوات المسلحة الإثيوبية فى نوفمبر ٢٠٢٠، وسرعان ما تصاعدت لتشمل عددا من الجماعات المسلحة والمليشيات الإقليمية، والجيش الإريتري.
ويعتقد محمد ورسامى بارادو، رئيس بلدية بورما، التى يقطنها حوالى ٢٠٠ ألف شخص، أن عدد اللاجئين فى المدينة أعلى بكثير من التقديرات، ووفقا لمسئولى الهجرة، فقد وصل ما لا يقل عن ١٠ آلاف شخص فى الشهرين الأولين من العام الجارى ٢٠٢٢، والعديد غيرهم قد عبروا الحدود المليئة بالثغرات بشكل غير رسمي.
وفى السياق نفسه، يعيش المواطن الإثيوبى دايس أمين وزوجته سولدان، فى مخيم للاجئين بمنطقة بورما مع أطفالهما الثمانية بعد أن فرا من منطقة متنازع عليها بالقرب من هرار فى إثيوبيا، ويقولون إنهم لم يتمكنوا من زراعة أى محاصيل بسبب القتال والجفاف، وأكد «أمين» أن الوضع صعب هنا، فى بعض الأيام لا نأكل شيئا، كانت لدينا حياة جيدة من قبل، كان لدينا ٢٠ بقرة و ٣٠ خروفا، ولكن لم نتمكن من الزراعة بسبب القتال، لذلك عندما حل الجفاف ماتت كل الحيوانات.
وقالت «الجارديان» إن اللاجئين الإثيوبيين يصلون يوميا إلى بلدة باليجوبادل، على بعد حوالى ١٧٠ كيلومترا جنوب شرق بورما، إلى جانب الصوماليين النازحين الباحثين عن الماء والغذاء، ووصلت عائلة لإثيوبى يدعى عبدى الرحمن لتوها إلى البلدة وهم يقيمون ملاجئ مؤقتة، وقال اضطررنا إلى مغادرة منزلنا لأن الحيوانات كانت تموت بسبب الجفاف، كان لدينا ٢٠٠ ماعز من قبل، ولكن لدينا الآن خمسة فقط، وبقرة واحدة بعدما فقدنا أربعة، ونفق الحيوان الأول منذ ثلاثة أشهر ثم مات المزيد عندما أصبح أضعف.
وأضافت «الجارديان» أن العديد من اللاجئين يسافرون إلى مدينة هرجيسا عاصمة أرض الصومال ومناطق أخرى، بدلا من البقاء فى بورما، ويمشى البعض حتى بوساسو على الساحل ويحاولون ركوب قارب عبر خليج عدن إلى اليمن من هناك، أو يذهبون إلى السعودية على أمل العثور على عمل، ويجد الأشخاص الذين يصلون من المنطقة الصومالية فى إثيوبيا أنه من الأسهل استيعابهم وإقامة مأوى لهم فى مخيمات اللاجئين، ويوجد مخيمان للاجئين فى بورما، حيث يقدر عدد العائلات المقيمة فيها بأكثر من ٢٠٠٠ أسرة، وكان بعضهم فى المخيمات منذ أكثر من ٢٠ عاما، والبعض الآخر لبضعة أيام فقط.
وأشارت الصحيفة إلى أن محنة اللاجئين فى بورما هى جزء من أزمة متنامية تجتاح القرن الأفريقي، حيث يوجد ١٦ مليون شخص فى الصومال وكينيا وإثيوبيا، فى أمس الحاجة إلى الغذاء.