تستعد مصر خلال الربع الأخير من العام المالى الحالى 2021/2022، لطرح أول صكوك سيادية لتمويل المشروعات التنموية لاستقطاب شريحة جديدة من المستثمرين "العرب والأجانب" ممن يفضلون المعاملات المالية المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
بدأ الاهتمام بالصكوك السيادية فور تصديق الرئيس السيسى، فى 18 أغسطس الماضى، على قانون الصكوك السيادية، بعد موافقة البرلمان، ويستهدف القانون استحداث آليات ووسائل جديدة لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة، وتنويع مصادر التمويل وذلك بتقديم منتجات جديدة لسوق أدوات الدين وتطوير آلياته، بما يعمل على تحفيز الطلب على الإصدارات الحكومية من الأوراق المالية وأدوات الدين التى يتم إصدارها بالعملة المحلية والعملات الأجنبية.
ومن المنتظر أن تحدد الحكومة قائمة الأصول الثابتة والمنقولة المملوكة للدولة "ملكية خاصة"، التى تصدر على أساسها الصكوك السيادية، بحيث تكون هناك آلية لتقييم حق الانتفاع بتلك الأصول التى تصدر على أساسها الصكوك، أو مقابل تأجيرها لهذا الغرض.
قال الدكتورعبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن طرح مصر أول إصدار للصكوك السيادية فى الربع الأخير من العام المالى الجارى 2021/2022 بهدف تمويل المشروعات التنموية والاستثمارية المدرجة بالخطة الاقتصادية للموازنة العامة للدولة، مضيفًا أن مصر تمتلك حجم محفظة أصول ضخمة مثل "محطات تحلية المياه وإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة، ومشروعات النقل والتنموية والخضراء" المدرجة بالموازنة العامة، واشار الى أن اتجاه الحكومة، لإصدار صكوك سيادية، لأنها تتميز بعائد منخفض مقارنة بالعوائد على أدوات الدين ذات الآجال الزمنية "الأذون - السندات"، كما أنها تهدف إلى تخفيض تكلفة التمويل للمشروعات وتحقيق المستهدف المطلوب وتنفيذ المشروعات التى تهدف لتحسين معيشه المواطنين.
وكشف السيد، أن إصدار الصكوك يكون على أساس الأصول المملوكة للدولة ملكية خاصة ومن أهم الصفات التى سيصدر بها الصكوك، أن تكون (الصكوك اسمية، ويتم اصدارها فى شكل ورقى إو إلكترونى متساوية فى القيمة، وأن تصدر لمدة محدده، وسيكون للصك موعد محدد للاستحقاق بمدة لا تزيد على 30 عامًا من تاريخ إصداره، وعند نهاية عمره، يسترد مالكه قيمته وينتهى حق الانتفاع المقرر على الأصول التى اتخذت أساسًا لإصداره، على أن يكون الإصدار بالجنيه المصرى أو بعملة أجنبية، على أن يتم إصدارها فى أطروحات عامة أو خاصة).
وأضاف أنه تم إعداد اللائحة التنفيذية لقانون الصكوك بالتعاون مع الأزهر الشريف، مكاتب محاماة دولية ومحلية لتغطية كافة النواحى القانونية والشريعة، كما حددت اللائحة التنفيذية إخضاع الصكوك لإشراف ورقابة هيئة الرقابة المالية وأيضا لجنة رقابة متخصصة تتألف من خبراء فى الاقتصاد والتمويل والقانون وبعض علماء الأزهر الشريف وأيضا سيتم إنشاء "شركة التصكيك السيادي" لإدارة وتنفيذ عملية إصدار ومتابعة الصكوك ويجوز لشركة التصكيك السيادى التعامل فى أكثر من إصدار وإعداد تقرير سنوى فيما يتعلق بالاستثمارات وفقًا لاستخدامها فى الأغراض التى صدرت من أجلها والإصدارات وفقًا لقيمتها وقيمة العوائد المستحقة لمالكى الصكوك وتواريخ استحقاقاتها، وبالتالى سيكون هناك إحكام للرقابة والإشراف على عملية الإصدار والتداول، بما يُسهم فى توفير التمويل اللازم للمشروعات.
وأكد السيد، أن مصر تأخرت كثيرا على الدخول فى أسواق المال المحلية والعالمية، حيث إن الصكوك السيادية أداة تمويلية تحظى بقبول كبير فى أسواق المال العالمية حيث تبلغ إجمالى الصكوك المصدرة والمتداولة حاليا فى العالم 3.2 تريليون دولار، وهناك كثير من دول العالم مثل "ماليزيا، السعودية، إندونيسيا، انجلترا، تركيا، البحرين، الإمارات" ضمن الدول الأكثر إصدارًا للصكوك، بينما حصيلة مصر فى سوق إصدار الصكوك السيادية صفر أى (منعدمة) حتى الآن.
ووفقًا لقانون الصكوك السيادية المصرية رقم 138 لسنة 2021 ولائحته التنفيذية سيتم قيد الصكوك المصدرة فى السوق المحلية ببورصة الأوراق المالية وسيتم حفظها فى مصر المقاصة كما من الممكن قيدها بالأسواق الدولية.
ويعتمد إصدار الصكوك السيادية على أساس حق الانتفاع للأصول المملوكة للدولة ملكية خاصة، وذلك عن طريق بيع حق الانتفاع بهذه الأصول أو تأجيرها، أو بأى طريق آخر يتفق مع عقد الإصدار وضمان حصة مالك الصك وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية، ويوجد تنوع فى الصكوك السيادية يتيح التوسع فى إصدارها من بينها "صكوك المرابحة" وهى التى تصدر على أساس عقد المرابحة، وتستخدم حصيلة إصدارها من شركة التصكيك السيادى لتمويل شراء حقوق الانتفاع بأصول مرابحة من مورد أو مالك.
صكوك الإجارة التى تصدر على أساس عقد يتضمن نقل حق الانتفاع بالأصول ويبرم بين الجهة المصدرة وشركة التصكيك السيادى بقصد تأجيرها إلى الجهة المصدرة بموجب عقد إجارة.
وهناك "صكوك الوكالة" التى تصدر على أساس عقد وكالة فى الاستثمار فى حقوق الانتفاع بالأصول وأيضًا "صكوك الاستصناع" التى تصدر على أساس استصناع أصول بغرض بيع حقوق الانتفاع بهذه الأصول أو تأجيرها ويمثل الصك حصة شائعة فى ملكية حقوق انتفاع الأصول المصنعة.
وبالنسبة لحجم إصدار أول صك سيادى، قال السيد، إن الحكومة لم تقرر بعد حجم أول إصدار، وربط تحديد قيمة الإصدار بحالة أسواق الدين خلال فترة الطرح، مشيرًا إلى أن مصر تتبع سياسة تحفظية فى أول إصدار لأى أداة تمويل جديدة، مستشهدًا بطرح أول إصدار للسندات الخضراء بقيمة 750 مليون دولار، وأتوقع أن أول إصدار للصكوك السيادية قد يكون بنفس القيمة وقد يزيد إلى مليار أو 1.25 مليار دولار الأمر مرتبط بحالة أسواق الدين.
وتوقع زيادة قبال المستثمرين الراغبين فى الاستثمار باستثمارات تتوافق مع الشريعة الاسلامية، خاصة مع ارتفاع حجم الصناعة المصرفية الإسلامية على مستوى العالم خلال عام 2020 إلى حوالى 2.7 تريليون دولار، ومن المتوقع أن يصل حجم تلك الصناعة إلى حوالى 3.2 تريليون دولار بنهاية عام 2022، كما ارتفع حجم العمل المصرفى الإسلامى بمصر حوالى 347 مليار جنيه بنهاية يونيو 2020، ومن المتوقع أن يتخطى حجم تلك الصناعة فى مصر قيمة 500 مليار جنيه بنهاية يونيو 2022.
وأضاف، أن إصدار الصكوك سيساهم فى توفير تمويل إضافى من العملة الأجنبية بما يلبى احتياجات الخزانة العامة للدولة، مشيرًا فى الوقت نفسه إلى إقرار تعديلات بقانون سوق المال عام 2018 سمحت للشركات بإصدار الصكوك، وبعدها شهدت مصر 3 إصدارات صكوك لشركات مما أثبت نجاح الصكوك فى مصر وإقبال المستثمرين عليها بما يعزز من نجاح طرح الصكوك السيادية، مضيفا أن سوق الصكوك "سواء صكوك سيادية أو صكوك شركات" يشهد إصدارات بقيمة تتخطى 100 مليار دولار العام الماضى أغلبها من دول الخليج العربى، ماليزيا، تركيا، مشيرًا إلى أن الدولة نجحت فى العودة للأسواق الدولية للسندات، رغم تداعيات الأزمة الأوكرانية، بعد طرح السندات فى السوق اليابانية، بما يعادل نصف مليار دولار.
وأكد أن نسب التضخم زادت على المستوى العالمى والمحلى، خاصة مع استمرار العمليات العسكرية الروسية الأوكرانية، مما دفع لزيادة الفائدة، وألقى بظلال سلبية على ما يسمى بـ(الأموال الساخنة)، وهى الاستثمارات غير المباشرة، فضلا عن ارتفاع أسعار الطاقة والقمح والحبوب والغلال، وتباطؤ سلاسل الإمداد.
ونوه بأن حصيلة مصر الدولارية انخفضت بسبب عدم قدوم ما يقرب من 4.5 مليون سائح لمصر من روسيا وأوكرانيا، مما يستدعى تدعيم الحصيلة الدولارية المصرية بعدة بدائل.