أول الكلام..
حاسب من الاحزان وحاسب لها
حاسب علي رقابيك من حبلها
راح تنتهي ولابد راح تنتهي
مش انتهت أحزان من قبلها؟
تذكرت هذه الكلمات الرائعة لشاعرنا الإنسان صلاح جاهين وأنا أراقب مشاعر الفزع والرعب التي تنتاب العالم وتلقي بظلالها القاتمة على بلدنا الأمين.. وأنا أتابع الظرف الحاسم الذي تمر به مصرنا الغالية في ظل الحرب الروسية الأوكرانية وما استتبعها من حالة ركود اقتصادي أصاب العالم أجمع بالشلل ونقص في الأموال والثمرات.. فتذكرت قول المولى عو زجل "فبشر الصابرين".. فأهم شيء أن مصر بخير وستظل بخير طالما كان شعبها فيه الخير.. نعم الظروف قاسية ونار الأسعار تكوي الجميع لكن مصر بخير.
فأحيان كثيرة تمر على الإنسان حالة يشعر خلالها بالكآبة تسيطر على حياته.. فيحس شرايينه قد تحجرت.. وأن دمائه قد تجمدت.. وأن عقارب الساعة قد توقفت.. فيعتقد أنها نهاية الكون من شدة الهم والغم والكرب العظيم، فيستسلم لحالة اللاموت واللاحياة.. فيفقد حاسة تذوق طعم الأيام.. وفجأة وبدون سابق إنذار نستفيق من حالة "الرعب الإكلينيكى" هذه على وقع أمل جديد يعيننا على بداية جديدة مع هذه الدنيا التى هى فى الأساس دار بلاء.
وهنا تتبدل الأحوال وتعود الابتسامة، ويدرك الإنسان أنه كان فى غاية القسوة على نفسه بل وعلى من حوله.. ولعل هذه الحالة هى جوهر الابتلاء الذى يختبر به المولى جل فى علاه قدرتنا على الصبر والاحتمال.. فإذا كان الله قد أعطانا الصحة أعوامًا كثيرة فلماذا لا نصبر على المرض.. وإن كان يسر لنا الرزق الواسع فكيف لا نطيق ضيق الحال.
فعلينا أن نحترس حتى لا نغرق في التشاؤم ولا تسود الحياة فى عيوننا ونحن ما زلنا على قيدها.. فلماذا نفقد الأمل ورب الكون لا يغفل ولا ينام.. ولماذا لا نفعل كل ما علينا فعله ثم نتوكل على الله الحي الذي لا ينام، فعلينا أن نطرد اليأس من خيالنا وأن نحاول مرة واثنين وعشرة الاقتراب للسعادة ولو قررت هى أن تعطينا ظهرها.. فلابد أن نعيش هذا الحياة بجميع تفاصيلها وحالاتها فساعتها ستجد الأمل يدب من جديد في كل من حولك، فلا يجب أن نسمح للكآبة أن تسيطر علينا وأن تغرقنا فى تفاصيلها التعيسة.
هيا بنا نطمأن.. هذه دعوة لكل من ضاقت الدنيا أمامه وأصبحت كـ"خرم إبرة"، وكل من تكاتفت عليه الهموم والغيوم.. وكل من فقد الأمل فى أن تبتسم له الحياة.. فرغم قسوتها فإن فيها ما يستحق أن نعيش من أجله.. ولا يجب أن ينسينا الحديث عن القبح أن هناك جمالا لا نراه.. فاليأس آفة الحياة وفيروس السعادة.
وقتها سترتفع المناعة النفسية لدينا، وستدب روح النشاط فى أوصالنا، وسنواجه أى مصيبة أو كارثة بصدر رحب حتى لو من باب «ياما دقت على الرأس طبول».. فدعونا نبدأ من جديد ونحاول الاستمتاع بالحياة رغم صعوباتها.. ونعلى قيمة الابتسامة على أى شعور آخر، فالابتسامة هى سر الوجود، وهى تعبير عن السمو على كل السخافات.. وكما يقولون: لو أن الشيطان، الله يحرقه بجاز وسخ، ابتسم لما طرد من الجنة.
فلو ارتفعت الأسعار ابتسم، وأنت تقاوم الغلاء بالاستغناء.. ولو أصابك مرض فتذكر أنه اختبار من الله وأكيد انت أحسن من غيرك، ولو فقدت عزيزًا ابتسم وأنت تدعو له بالرحمة.. وإن نقص مالك فاعلم أن الله هو المعطي المانع ولا أحد يموت جوعًا أو قبل ساعته.
خير الكلام
«قُلْ يَا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ».