الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

«بيزنس المكملات الغذائية».. رقابة غائبة وأرباح فاسدة.. %40.6 نسبة تفاعلات الحساسية من بين الآثار الضارة للمكملات الغذائية.. ودراسة: المكملات غير آمنة

ستاندر تقارير، صور
ستاندر تقارير، صور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بمجرد أن يشعر المرء بأعراض مرضية ويقرر الذهاب إلى الطبيب سواء أثبت الطبيب حالته المرضية أو لم يثبتها يحرر للمريض روشتة مليئة بأسماء المكملات الغذائية، حتى أصبح الأمر ثقافة عامة عند كثير من الناس، وهى ثقافة اللجوء للمكملات من دون استشارة أى طبيب؛ وسواء استدعى الأمر ذلك أو لم يستدع.
أثارت هذه الثقافة جدلًا واسعًا فى ظل تنامى «بيزنس» المكملات الغذائية التى يتزايد سعرها بمرور الوقت وتتعدد أنواعها وأشكالها فى كل فترة، لاسيما أن الطعام الطبيعى القابل للاستهلاك يحتوى على تلك المواد، فالكالسيوم ينتشر فى الجرجير الأخضر، والأوميجا ثرى تنتشر فى عين الجمل وفيتامين دى يمتصه الجلد بمجرد كشفه على أشعة الشمس، فلما كل هذا الاهتمام بالمكمل الغذائي؟.
تساؤل محورى فى ظل فوضى استهلاك المكملات هذه ينبثق منه عدة أسئلة أخرى بينها ما الأعراض الجانبية لهذه المكملات؟ وما آليات عملها داخل الجسم؟ وهل يمكنها أن تغنى عن التغذية الطبيعية فعلا؟، ولو كانت مضرة فلماذا الصمت عليها والسماح بها فى مصر تتداول بشكل حر دون كثير من القيود التى تفرض على باقى الأدوية العلاجية؟ كل هذه الأسئلة دفعت «البوابة» للبحث عن الإجابات لاسيما بعد ظهور عدة دراسات حديثة أكدت أضرار المكملات الغذائية وزادت الجدل جدلًا.
فهناك أبحاث حديثة ظهرت لتحذر من الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا للمكملات الغذائية معتمدة على قياس تفاعلات الحساسية التى تصف رد فعل الجسم تجاه طعام أو مادة معينة.
وهذه الأعراض يمكن أن تكون مصدر إزعاج ولها تأثير على النشاط اليومى لجسم الإنسان، ومع ذلك يمكن التعامل مع معظمها.
ومن ضمن تلك الدراسات دراسة حديثة، نُشرت فى مجلة  « نيو إنجلاند» الطبية، رصدت ٦٣ قسمًا للطوارئ فى الولايات المتحدة، فوجدت أن حوالى ٢٣ ألف زيارة للطوارئ والحوادث كانت ناجمة عن الآثار السلبية للمكملات الغذائية، تم تصنيفها إلى ردود فعل سلبية وتفاعلات حساسية وجرعات زائدة وأحداث أخرى، مثل الاختناق.
ذكرت الدراسة أنه عندما يتعلق الأمر بالمغذيات الدقيقة، كانت الآثار الضارة الأكثر شيوعًا هى تفاعلات الحساسية الخفيفة إلى المعتدلة، والتى تمثل حوالى ٤٠.٦ ٪.
وأضافت أن معظم تفاعلات الحساسية خفيفة، ولكن فى بعض الأحيان يمكن أن يحدث رد فعل شديد يسمى الحساسية المفرطة أو صدمة الحساسية، هذه حالة طبية طارئة وتحتاج إلى علاج عاجل.

أضرار على الصحة
وفى هذا السياق، يقول الدكتور إبراهيم عبدالحكيم، أخصائى التغذية والتخسيس والعلاج الطبيعى، إن المكملات الغذائية وتناولها بكثرة ودون استشارة الطبيب تسبب خطورة بالغة سواء كان على الكبار أو الأطفال، موضحا أن هناك فئة كبيرة من المجتمع تستخدم المكملات الغذائية كشىء أساسى وبديل فى بعض الأوقات عن الطعام خاصة لبعض الأطفال لمساعدتهم على التركيز وسرعة الفهم خلال العام الدراسى، دون استشارة الطبيب، مؤكدا أن تلك المكملات فى بعض الأحيان تؤدى إلى نتائج عكسية وتتسبب فى الإصابة بأمراض خطيرة.
وأوضح «عبدالحكيم» أن كل شخص يمثل حالة مختلفة عن الآخر لذلك لابد وأن يكون تناول تلك المكملات بحرص شديد وتحت إشراف الطبيب لعدم حدوث أزمة صحية أو مشاكل كبيرة مثل الإصابة بأمراض مزمنة مثل مرض الفشل الكلوى أو غيرة من الأمراض، موضحًا أن تشخيص الحالة التى تستخدم المكملات الغذائية يأتى حسب المرحلة السنية وما يحتاجه جسد كل شخص من عناصر غذائية.
وتابع «عبدالحكيم» أن تناول الأشياء الطبيعية والبروتين والفاكهة أفضل بكثير من تناول المكملات الغذائية، مؤكدًا أنه لا يوجد مقارنة بين المكملات الغذائية والغذاء الطبيعى، ولكن بعض الأشخاص يتعمدون تناول المكملات الغذائية لسرعة نتائجها ولا يدرون كم المشاكل والأمراض التى تسببها تلك المكملات على المدى البعيد، وطالب بإتباع نظام غذائى يكون بديلا للمكملات الغذائية مع تناول الكثير من الفواكه والخضروات والأطعمة الكاملة المغذية الأخرى.
وأشار إلى أن هناك جزءا كبيرا من الأطباء وخبراء الصحة يوصون فى بعض الحالات بتناول بعض الفيتامينات أو المكملات الغذائية استنادًا إلى الأدلة العلمية الحديثة، ولكن هناك تحذيرات حديثة من تناول إحدى المكملات الغذائية لأنه يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالسرطان أو أمراض القلب والأوعية الدموية القاتلة حسب ما نشرته بعض المواقع العالمية.
وأكد أخصائى التغذية والتخسيس والعلاج الطبيعى أن أكثر المكملات الغذائية ضررا وخطرا التى تكون بديلة للوجبات لأنها لا تحتوى عادة على أى ألياف، فهى عبارة عن مخفوقات أو مساحيق، موضحا أن تناول تلك المكملات بهدف التخسيس أو غيرها من الأسباب والاعتماد عليها بشكل أساسى وترك الوجبات الأساسية يعد شيئا كارثى لذلك لابد من الحذر لأن آثارها الجانبية السلبية المحتملة ربما تفوق أحيانًا الإيجابية.
وأوضح أن الظاهر فى استخدام المكملات الغذائية للتخسيس قد يبدو لها نتائج سريعة وفعالة لكن الآثار الجانبية المحتملة التى تظهر بعد فترة لا تكون فعالة وخطرها كبير للغاية، لذلك فإن تلك الخطوات لابد وأن تكون بعد استشارة اختصاصى تغذية أو طبيب لمعرفة ما هو السياق الأنسب لتحقيق إنقاص الوزن مع عدم التأثير على الصحة.
فوضى البيع
فيما يقول محمود فؤاد، رئيس المركز المصرى للحق فى الدواء، إن مصر عرفت تصنيع المكملات الغذائية منذ قديم الأزل، مؤكدا أن المعهد القومى للتغذية هو المكان الوحيد الذى كان يعطى تصريحا بمكمل غذائى، موضحًا الأطباء يحتاجونه فى أشياء كثيرة خاصة فى النظام الغذائى لكبار السن فى تقوية المناعة أو الصغار أو أشياء أخرى حسب تشخيص الطبيب، وكانت الأمور تسير طبيعية وكانت ثقافة المكمل الغذائى معروفة مثل ذلك الوقت ومع تطور الطب وانتشار التكنولوجيا فى الطب بدأ العالم يشهد ثورة فى المكملات الغذائية وبدأ فى مصر شركات عديدة تلجأ إلى المكمل الغذائى وهناك شيء موجود فى المكمل الغذائى بخلاف الأدوية الطبية وهو إنه غير مسعر جبريًا.
وأوضح «فؤاد» أن هيئة سلامة الغذاء أصبحت هيئة تسجل المنتجات الغذائية أو المكملات الغذائية بدون تعسف وبدأت شركات عديدة تنتبه لذلك الموضوع وتصنع تلك المكملات، ومن ضمن شروط المكمل الغذائى أن يكتب فى النشرة لأنه ليس بدواء، ومع ظهور الهيئة بدأ التكالب على تسجيل المنتجات، وكان كل ذلك أمر طبيعى إلى أن بدأت بعض الشركات الكبرى فى السوق المصرية تستفرد بهذه الهيئة، على سبيل المثال هناك منتج ما دواء تصنعه شركة الدواء تقوم تلك الشركة بعمل هذا الدواء فى شكل مكمل غذائى وتعطيه تسعيرا أعلى من تسعير الدواء الكيميائى، وفى بعض الأوقات لا يجد المريض الدواء الكيميائى وتجد المكمل الغذائى الأعلى سعرا ففى هذه الحالة هناك إجبار على المريض بشراء ذلك المكمل الغذائى، خاصة أن هناك بعض الأطباء بينهم وبين الشركات اتفاقات معينة.
وأضاف «فؤاد» أن المكمل الغذائى لديه أريحية فى التوزيع حسب القرار رقم ١ لأنه يمكن بيع تلك المنتجات فى المحلات والمكتبات والبوتكيات سواء كانت تلك المكملات مصرية أو مستوردة، ولكن الأمر اختلف كثيرا فى الوقت الحالى وأصبح هناك مافيا للمكملات الغذائية موضحا أن هناك شركات سجلت خلال سنة واحدة ٢٥ منتجا غذائيا وتحديد أسعار خيالية لتلك المنتجات على سبيل المثال منتج لفيتامين سى سعره يتخطى ١٦٠ جنيها ومنتجات أخرى تقليدية لفيتامين بى وصل إلى ٨٥ جنيها، موضحا الكل استغل الأزمة وأصبح ينهش فى جسد المريض دون مراعاة الإنسانية أو المرض أو غيرهما، والحقيقة أن المكملات الغذائية ليس لها بقريب أو بعيد من الدواء وهى مجرد مكملات غذائية لا تغنى ولا تسمن من جوع.
وتابع رئيس المركز المصرى للحق فى الدواء: «طالبنا منذ فترة طويلة من مجلس النواب منذ أكثر من عامين أن هناك هيئة فى العالم اسمها هيئة الغذاء والدواء يخص الإنسان وصحته يكون فى هيئة واحدة ويتم ربط القانون بحيث يكون هناك اختلاف رهيب فى الأسعار بين المنتجات الخاصة بمعهد التغذية والمنتجات الخاصة بهيئة الدواء مع العلم أن المنتج واحد، لذلك لابد من هيئة واحدة لكل ذلك تحت مسمى هيئة الغذاء والدواء».
وأشار «فؤاد» إلى أن معظم المكملات الغذائية ليست خطيرة بالدرجة التى يتخيلها البعض، موضحًا أن معظم المكملات الغذائية مكونة من عناصر الغذاء المفيد للجسم، خاصة أن هناك بعض الأشخاص لا يستطيعون الحصول على تلك المكملات من الغذاء بنفس الدقة المقدمة فى المكملات الغذائية المصنعة، لذلك يكونون مجبرين على تناول المكملات الغذائية، ولكن هناك شروط ضرورية لتناول تلك المكملات من بين تلك الشروط وأهمها أن يتم تناولها تحت إشراف استشارة أخصائى تغذية لأن فى معايير على أساسها يتم حساب العناصر الغذائية التى يفتقدها الجسم وعلى أساسه يتم توجيهك للمكمل الغذائى المناسب.
أنواع المكملات
وتقول الدكتورة رضوى نبيل إسماعيل، أخصائى التغذية العلاجية بقصر العينى وعضو الجمعية الأوروبية والمصرية لدراسة السمنة والنحافة، إن أنواع مكملات غذائية من الممكن تناولها بدون استشارة طبية دون أى مشاكل مثل اوميجا ثرى أو فيتامين د، أما الفيتامينات مثل الزنك بجرعة كبيرة والماغنسيوم بجرعة كبيرة والبوتاسيوم وغيرهما من المكملات التى لا يمكن تناولها بأى حال من الأحوال إلا باستشارة الطبيب.
وأضافت أن الشق الآخر من الأدوية التى تحمل مكملات غذائية المكتوب عليها مصرحة بوزارة الصحة لا تنفع ولا تضر ولكن يكتب عليها مكملات غذائية لكى تباع عن طريق أدوية تخسيس أو غيرها من الأغراض ولكن هى لا تفيد وتضر أصحاب الأمراض المزمنة مثل مريض الضغط أو القلب أو السكر.
وأوضحت «رضوى» أن المكملات الغذائية أقل ضررا بكثير من المنشطات، موضحة أن المكملات الغذائية هى مصنعة صيدلانية على أشكال أقراص ومساحيق ومنها سائل جاهز للشرب، ولكن خطر المكملات الغذائية يأتى بسبب أن معظم تلك المكملات شبه مجهولة فى المواد، مؤكدة أن الكثير من الأطباء يحذرون من استعمال المكملات بسبب جهل المواد والعناصر الموجودة فيها.
وطالبت من أى شخص يستخدم تلك المكملات، أن يتم تناولها بنظام وسيستم معين لأن استخدامها بدون معرفة أو بطريقة عشوائية تسبب إضرارا على الجسم، خاصة أن معظم الأضرار الخاصة بتلك المكملات يشعر من يتناولها بتأثيرها متأخرًا.
سموم فى «بير السلم»
بينما يقول الدكتور محمد عز العرب، استشارى الكبد ومؤسس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومى للكبد والمستشار الطبى للمركز المصرى للحق فى الدواء، إن المكملات الغذائية فى مصر عبارة عن سموم تباع بسبب تصنيعها فى مصانع تحت بير السلم إلى جانب عدم وجود رقابة كافية من هيئة سلامة الغذاء على المكملات الغذائية فى الأسواق لذلك مطلوب مائدة مستديرة عاجلة تشمل كل المختصين عن هذا الملف سواء كان صحة وسلامة الغذاء أو هيئة الدواء أو المجتمع المدنى ورجال القانون والتشريع، مؤكدا أن موضوع المكملات الغذائية الموضوع خطير جدا ولا يمكن السكوت عنه بأى حال من الأحوال. وأضاف أن معظم المكملات الغذائية باب خلفى للكسب وزيادة الربح، مؤكدًا أن هناك جزءا كبيرا من تلك المكملات لا يصلح للاستخدام ولا يجب تناوله من قبل المرضى لأن ضرره أكثر بكثير من نفعه.
سمك لبن تمر هندى
وتابع استشارى الكبد، أن هناك جزئية خطيرة لا ينتبه إليها أحد وهى عدم تسجيل تلك المكملات كدواء هروبا من الإجراءات والتفتيش والالتزام بمعايير الجودة ثم تقوم تلك الشركات بالإعلان عن تلك المنتجات أنها ضد الأمراض ولكن هى فى الحقيقة لا تغنى ولا تسمن من جوع لأن مصنيعها لا يبحثون من قريب أو بعيد عن صحة المريض ولكن كل هدفهم الربح المادى.
وأوضح «عز العرب» أن هناك منظومة موحدة فى جميع دول العالم يطلق عليها هيئة الغذاء والدواء «FDA» إلا مصر فإن هيئة الدواء منفصلة تمامًا عن هيئة سلامة الغذاء مع العلم أن كلاهما مرتبط بالآخر، ولا يمكن انفصالهما عن بعضهما البعض بأى حال من الأحوال، موضحًا أن انفصالهما عن بعضهما جعل هناك صعوبة بالغة فى الرقابة من قبل التفتيش الصيدلى وأيضا هيئة الدواء.
وطالب بأن يكون هناك قرار وزارى ملزم بمنع كتابة مكملات غذائية فى روشتات الأطباء وعقوبة للمخالف لأن تجارة المكملات الغذائية عبارة عن بيزنس مشبوه، لذلك لابد من وقف تلك التجارة بقرار من الحكومة مع مراقبة بيع وتداول تلك المكملات من قبل الجهة المنوطة بهذا الأمر، مؤكدًا أن تلك القرارات ستعمل بشكل كبير فى القضاء على عصر فوضى المكملات الغذائية.
وأشار«عز العرب» لا يمكن بأى حال من الأحوال أن نعتمد على المكملات الغذائية على أنها بديلة عن الطعام لأن استبدال المكملات الغذائية من بروتين وعصائر وفواكه بالمكملات الغذائية شيء كارثى لا يعرف عواقبه أحد مؤكدًا أن معظم المكملات الغذائية الموجودة فى الأسوق لا تصلح للاستخدام لذلك بلا يمكن وأن نعتمد عليها أو نستخدمها إلا فى الحالات الضرورية فقط وبكميات قليلة وحسب وصف الطبيب وشرائها من الصيدليات وعدم شرائها من المحلات أو المولات بأى حال من الأحوال لأن معظم المكملات الموجودة فى تلك الأماكن مجهولة المصدر.