تحيي منظمة الأمم المتحدة اليوم الدولي لشجرة الأركان التي تزرع في موطنها المغرب باستخدام ممارسات الزراعة الحراجية القديمة من استخدام خزانات مياه الأمطار المنحوتة في الصخر، ولهذه المدرجات ذات الأحجار الجافة مرونة عالية لندرة المياه وتآكل التربة، وشجرة الأركان (أركانيا سبينوزا)، هي نوع متوطن من الأشجار الغابية يوجد في محمية في جنوب غرب المغرب، وتنمو هذه الشجرة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.
وهي النوع المحدد للنظام البيئي للغابات الغني بالنباتات المستوطنة، الذي يعرف بـ"ارقانيري" وهذا النظام قادر على الصمود في بيئة قاسية في ظل ندرة المياه، وخطر التعرية والتربة الفقيرة، كما أن هذا النظام البيئي ذي الجمال الاستثنائي مهم لصون للتنوع البيولوجي وللبحث وللتنمية الاجتماعية والاقتصادية نظرًا لتأثيره في الغابات والزراعة وتربية الماشية، ولغابات شجر الأركان منتجات حرجية وفواكه وأعلاف، وأوراقها وثمارها صالحة للأكل وذات قيمة عالية، كما أنها تشكل احتياطي علف حيوي للقطعان حتى في فترات الجفاف.
وتستخدم هذه الأشجار حطبا ووقودا للطبخ والتدفئة ويستخرج زيت الأركان المشهور عالميًا من بذور هذه الشجرة، ولهذا الزيت استخدامات متعددة، وبخاصة في الطب التقليدي والتكميلي وفي صناعات الأغذية ومستحضرات التجميل، ويعتبر زيت الأركان من أندر الزيوت في العالم ويشتهر بـ"الذهب السائل" للمغرب، وله استخدامات متعددة في الطبخ والأدوية ومستحضرات التجميل ويعرف عن هذا الزيت علميًا قدرته على الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية وفوائده للبشرة.
وتتصدر المرأة الريفية عملية استخراج الزيت كاملة من خلال المعرفة المنقولة عبر الأجيال، ولشجرة الأركان أهمية كبرى نظرا لتعدد استخداماتها وبوصفها وسيلة من وسائل الكسب، فضلا عن دورها في زيادة المرونة وتحسين التكيف مع المناخ وتحقيق الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على المستوى المحلي، وتساهم الممارسات المتعلقة بالأركان وقطاع الإنتاج المستدام للأركان يسهمان في التمكين الاقتصادي والإدماج المالي للمجتمعات المحلية، ولا سيما النساء اللائي يعشن في المناطق الريفية وغيرها من المنظمات الزراعية المدعومة من المجتمعات المحلية والعاملة في مجال الأركان تقوم بدور أساسي في تعزيز فرص العمل المحلية ويمكن أن تؤدي دورا هاما في الإسهام في تحقيق الأمن الغذائي وفي القضاء على الفقر.
ولقرون طويلة، كانت الشجرة هي الدعامة الأساسية للمجتمعات الريفية الأصلية من البربر والعرب، التي طورت ثقافة وهوية محددة، وتقاسمت المعارف والمهارات التقليدية بالتعليم غير الرسمي، ولا سيما المعرفة الفريدة المرتبطة بعمل النساء في الإنتاج التقليدي لزيت الأركان، ولا يستخدم النظام الفريد القائم على زراعة الغابات والمراعي إلا الأنواع المتكيفة محليًا وأنشطة الرعي ويعتمد على إدارة التقليدية للمياه بطريق خزانات مياه الأمطار المحفورة في الصخور، وهو ما يساهم بالتالي في التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، فضلا عن الحفاظ على التنوع البيولوجي.
وتجمع هذه المنطقة الفريدة التي تزرع فيها أشجار الأركان منذ عقود طولية بين التنوع البيولوجي الزراعي والنظم البيئية المرنة والتراث الثقافي الثمين ولهذا السبب، حصلت على اعتراف من مختلف كيانات الأمم المتحدة وحماياتها، وحددت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في عام 1988 منطقة إنتاج الأرگان بوصفها محمية، كما أدرجت جميع الممارسات والدرايات الفنية المتعلقة بأشجار الأركان القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في عام 2014 .
واعترفت منظمة الأغذية والزراعة في ديسمبر 2018 بالنظام الزراعي والرعوي المعتمد على أشجار الأركان في المغرب بوصفه نظاما تراثيا زراعيا ذي أهمية عالمية، وفي عام 2021، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 10 مايو يومًا عالميًا لشجرة الأركان وشاركت 113 دولة عضو في رعاية مشروع القرار الذي قدمه المغرب وتبني بالإجماع.