تحل اليوم الأحد، ذكرى رحيل الفنان التشكيلي الفرنسي بول جوجان، الذي تخرج من أحضان المدرسة الانطباعية، إلا أنه أبدى ميولاً أخرى، استعمل تدريجات واسعة من الألوان المنتظمة، في رسوماته الإهليجية، فكان يريد أن يستكشف المنابع الأولى للإبداع، وله بالغ الأثر على اتباع المدرستين الوحوشية والنابية.
اشتهر "جوجان" بالسيراميك والنحت والرسم الخشبي في لوحاته الزيتية المزخرفة، وكان يغير الصورة الطبيعية بإدخال مساحات واسعة ملونة ومتعرجة، وسع أسلوبه الطرق التي يمكن للفنانين التعبير بها عن أنفسهم في بداية القرن العشرين، أثرت لوحاته الزيتية على المدرسة الفوفية، وبخاصة الرسام الفرنسي هنري ماتيس، كما أثرت على التعبيريين الألمان.
دخل عالم الملاحة البحرية عندما كان عمره 17 سنة كطالب عسكري في البحرية التجارية، ولكنه لم يواصل عمله البحري، فدخل، بدلاً من ذلك، الصناعة المصرفية وأصبح خبيرًا ماليًا ناجحًا، وفي عام 1873م، تزوج جوجان بمتي صوفيا جاد "ابنة وزير دنماركي"، وأنجبت له خمسة أطفال، وبعد زواجه بفترة قصيرة بدأ جوجان الرسم بالزيت وجمع الصور، في عام 1883م عانت الصناعة المصرفية من الإفلاس، مما حفز جوجان على استبدال عمله التجاري بالرسم.
تشابهت لوحات جوجان الزيتية لأعمال الرسامين الفرنسيين كاميل كورو وكاميل بيسارو، وكلما اكتسب جوجان خبرة كرسام، استخدم ألواناً زاهية وغنية مؤكداً على النمطية بدلاً من الأشكال ذات الأبعاد الثلاثة.
انتقل جوجان إلى بريتاني وأُعجب ببراءة الناس وصراحتهم، فظن أنه يمكن أن يجد هذه الصفات في الناس البعيدين عن الحضارة المعاصرة، وأخذه بحثه عن هذه العينة من الناس إلى تاهيتي، حيث عاش من عام 1891م إلى 1893م، ثم عاد إلى فرنسا في 1893، ولكنه عاد مرة أخرى ليستقر في البحار الجنوبية في 1895، واستوطن ثانية في تاهيتي متحاشيًا المستوطنين الأوروبيين هناك.
ساءت الحالة الصحية لجوجان بشكل خطير في التسعينيات من القرن التاسع عشر، فانتقل إلي جزر ماركيساس في 1901م ومات هناك، تبدو لوحته الأخيرة وكأنها تعبير أخير عن غربة رجل مريض يائس، فهي تُصور منظرًا للشتاء في إقليم بريتاني الفرنسي.