يبدو أن الاقتصاد العالمي على موعد مع العام الأسوأ عبر العصور، إذ ضرب البنك الفيدرالي الأمريكي، الاقتصاد العالمي مرة أخرى، بعد قراره برفع الفائدة الرئيسي بمقدار ٥٠ نقطة بمعدل ٠.٥٪ في أكبر زيادة خلال ٢٢ عامًا، ومن المتوقع أن يرتفع سعر الفائدة خلال الأشهر المقبلة مرتين على الأقل، ما يعني أن العالم على موعد مع موجة تضخمية كبيرة متأثرة بقرارات الفيدرالي الأمريكي، وهو ما دفع عددا كبيرا من البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة، في محاولة لمواجهة شبح التضخم الذي اجتاح الولايات المتحدة بسبب تداعيات جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية.
وأصبح العالم يواجه حاليًا ٤ أزمات رئيسية، الأولى التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا التي لم يتمكن من احتوائها، ووصلت الخسائر لأكثر من ٢٢ تريليون دولار، وفقًا لتصريحات سابقة لـ«جيفري أوكاموتو» النائب الأول لمدير عام صندوق النقد الدولي.
والثانية الأزمة الروسية الأوكرانية التي أشعلت أسعار سوق النفط، الذي وصل إلى أكثر من ١٠٧ دولارات للبرميل، ومن المنتظر أن يرتفع خلال العام مع اقتراب تنفيذ عدد من الدول الأوروبية قرارًا بحظر النفط الروسي في ظل استمرار تأزم الموقف في أوكرانيا.
الثالثة، استمرار الأزمة الروسية الأوكرانية الذي يزيد من أزمة الغذاء العالمية التي قد تؤدي لكارثة إنسانية بعدما تسببت في أزمة تضخمية كبرى في سوق الغذاء بنسبة تقدر بـ٣٧٪، خاصة وأن أوكرانيا تعتبر واحدة من أكبر منتجي القمح في العالم، بالإضافة إلى كونها المنتج الأول للذرة.
رابع الأزمات التي تواجه العالم، وهي أزمة سلاسل الإمداد التي تعمقت بشكل أكبر في ظل الإغلاق الواسع للمدن الصينية بسبب انتشار جائحة كورونا، خاصة بعد إغلاق مدينة شنغهاى المركز الرئيسي لصناعة الإلكترونيات والسيارات في العالم، بالإضافة لامتلاكها أكبر الموانئ ازدحاما بالعالم، والتي تم فرض حصار فيها لأول مرة منذ عام ٢٠١٩ عند بدء انتشار كورونا.
ويأتي إغلاق شنغهاى وبعض المدن الصينية الرئيسية ليزيد معاناة الاقتصاد العالمي بعد توقف الإنتاج في ثاني أكبر الاقتصاديات عالميا، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على سوق التكنولوجيا والسيارات والإلكترونيات، بالإضافة لعمليات الشحن لباقي السلع.
الأزمات السابقة أدت إلى أزمة التضخم التي سيعاني منها العالم لفترات طويلة حتى وإذا تم التصدي للأزمات السابقة، وهو ما ظهر في عدد من الدول الأوروبية، مثل بريطانيا التي تشهد أعلى مستوى من التضخم منذ أكثر من ٥٠ عاما، حيث سجل ٧٪ في شهر أبريل المنصرم.
أما ألمانيا فقد دعت الحكومة المواطنين لتخزين السلع الأساسية والأدوية بالتزامن مع ارتفاع معدلات التضخم وتزايد أزمة سلاسل إمداد الطاقة والسلع الغذائية خاصة «القمح والذرة» بسبب الأحداث في أوكرانيا.
ونبهت الحكومة المواطنين لاحتمالية حدوث انقطاعات في الكهرباء، خلال الفترة المقبلة، في ظل تراجع امدادات الطاقة بسبب العقوبات على روسيا التي تمد ألمانيا بأكثر من ٤٠٪ من الطاقة.