في حين تعربد الولايات المتحدة في كثير من دول العالم ولا تكترث بالقانون الدولي أو الأمم المتحدة وتعتمد على قوتها الذاتية وخصوصا النووي وقد رأيناها تغزو أفغانستان وبعدها العراق وقبلهما فيتنام وترتكب مجازر وجرائم حرب وقصف للأبرياء بالأسلحة المحرمة دوليا، وحتى أصدقائها من الرؤساء الذين عينتهم فقد اعتدت على سيادة دولهم الحليفة لها فاجتاحت بنما واعتقلت رئيسها الشرعي مانيول نورييجا وحوكم أمام محكمة أمريكية حكمت عليه بالسجن ٤٠ عاما.
وبريطانيا التي تبعد آلاف الكيلومترات عن الأرجنتين جردت أساطيلها وهاجمت الأرجنتين لمجرد أنها رغبت في استعادة جزيرة فوكلاند الأرجنتينية من الاحتلال البريطاني وغزت روسيا أفغانستان ثم أوكرانيا ولم يجرؤ الناتو علي التدخل عسكريا.
بينما لم تتمكن الولايات المتحدة ولا باقي حلفائها على التصدي لكوريا الشمالية وهي تطلق صواريخها الواحد تلو الآخر تحت بصر الناتو والجميع يرتعد ويتخوف من تصرفات الرئيس الكوري، ونفس الجبن والخذلان حدثا في مواجهة إيران التي تصول وتجول في سوريا ولبنان واليمن دون أن يجرؤ الناتو على وقفها ولا معاقبتها لعدوانها على جيرانها.
وقد تنبهت الهند مبكرا لأهمية دخول العصر النووي وقامت بتفجير نووي لحقتها باكستان وأجرت تفجير نووي بعدها بفترة قصيرة مما يعني انضمام الدولتين إلى النادي النووي.
أما إسرائيل والتي دخلت النادي النووي منذ فترة طويلة وتملك مفاعل ديمونة وتحيطه بالغموض والكتمان والسرية بينما تعمل في سرية تامة، ورأينا أن أوكرانيا وقد كانت القوة النووية الثالثة في العالم ولكنها وبسذاجة بالغة تنازلت طواعية عن أسلحتها النووية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وحصلت على ضمانات بموجب مذكرة وارسو عام 94 ولكن هذه الضمانات لم تنفعها عندما غزتها روسيا.
ورغم أن كثير من دول العالم التي تستخدم المفاعلات النووية في أغراض سلمية كتوليد الطاقة وتحلية المياه قد بدأت في التخلص منها بعد سلسلة من المشاكل التي حدثت فيها إلا أن الموقف الراهن بعد الحرب الاوكرانية والتهديد بإيقاف الغاز الروسي الذي تعتمد عليه أوروبا جعل دول كثيرة تعود للمفاعلات النووية ومنها ألمانيا.
والحقيقة أن مصر قد بدأت مبكرا في دخول العصر النووي وإقامة مفاعل تعليمي صغير في انشاص في الستينات إلا أن القوى الكبرى تكالبت عليها لتحجيمها وعند زيارة الرئيس نيكسون لمصر عام 74 حصل منه الرئيس السادات علي وعد بتزويد مصر ب 4 مفاعلات إلا أن فضيحة ووترجيت أنهت فترة رئاسته وتنصل خليفته فورد بضغوط صهيونية من وعود نيكسون وضاعت فرصة كبيرة علي مصر، وبعد ذلك بأكثر من 15 عاما عاد مبارك لفكرة المفاعل النووي إلا أن كبار أصدقائه من كبار ملاك قري الساحل الشمالي أقنعوه بإيقاف المشروع حرصا على السياحة في الساحل الشمالي وهو حق يراد به باطل، وظل المشروع متوقفا وقامت 25 يناير واستولي العرب علي الأرض المخصصة للمشروع بالضبعة وبنوا عليها كوضع لليد إلا أنه بعد 2014 قامت القوات المسلحة بالتفاهم مع العرب واستعادت الأرض وبدأت الخطوات الأولى لتنفيذ 4 مفاعلات روسية، أتمنى أن تكتمل وفقا للبرنامج الزمني الموضوع وألا تتأثر بالحرب الأوكرانية.
ورغم أن هذه المفاعلات سلمية لتوليد الكهرباء إلا أنها خطوه أولى لابد منها لاكتساب المهارات النووية وتدريب آلاف الكوادر للعمل فيه حتي لو احتاجت مصر أو شعرت بأخطار تحيق بها فيمكن تطويرها وتكون الخبرات متوفرة.
وأسوق مثالا من ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولي فقد فرض عليها بمقتضى معاهدة فرساي 1919 عدم تكوين جيش وعدم التدريب علي الطيران العسكري فقامت ألمانيا بفتح معاهد عديدة للطيران الشراعي حتي تغرس في نفوس آلاف الشباب هذه الهواية وأمكن بعدها بمجهود بسيط تعديل خبرات هؤلاء الشباب من الطيران الشراعي إلى الطيران الحربي.
وقد صدق الرئيس السيسي حين قال:"إن القوي ما حدش يقدر يأكل لقمته"، كما سبقه الرئيس الراحل عبد الناصر عندما أطلق شعاره المشهور “ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة”.
نعم لمصر نووية.