الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

المستهلك المصري أولًا.. قرارات للسيطرة على عشوائية الاستيراد.. 1.2 مليار دولار صادرات الأغذية فى الربع الأول من 2022.. 379 مليون دولار منها للدول العربية بنسبة 61 %

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

«الشركات العالمية تخرج من مصر.. اختفاء سلع لكبرى العلامات التجارية من السوق المصرى خلال أيام.. مصر توقف استيراد سلع لكبرى الشركات لأسباب غير معلومة».. الكلمات القليلة سالفة الذكر ما هي إلا ملخص للشائعات التى انتشرت منتصف أبريل الماضى، بعدما قررت وزارات التجارة والصناعة ممثلة فى الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، وقف استيراد السلع لأكثر من 825 شركة عالمية. 

«البوابة نيوز» حصلت على نسخة من بيان الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات الخاص بأسماء الشركات الصادر بحقها قرارات بوقف واردات الشركات الأجنبية والبالغة نحو 825 شركة، حيث ضمت القائمة شركات من دول عدة أبرزهم تركيا، ومجموعة من الدول العربية، ومجموعة دول أوروبية وأمريكية.

يرى خبراء ومحللون أن القرارات التى أعلنت عنها وزارة التجارة والصناعة تسعى إلى حماية المستهلك من الحالة العشوائية التى سيطرت على الاستيراد طوال السنوات الماضية، والتى كانت نتيجتها إغراق السوق المصرى بالعديد من السلع العشوائية غير الضرورية، بل أن بعض السلع كانت لا ترتقى للمواصفات القياسية العالمية أو المصرية، والأدهى من ذلك أن بعض السلع كانت بالفعل «لا تصلح للاستخدام الآدمي»، وكان للمنتج المحلى الأفضلية فى الجودة عن المستورد.

قرارات وقف استيراد بعض السلع

وأكد خبراء الاقتصاد أن القرار من شأنه حماية الصناعة المحلية من خلال توفير قدر عادل من التنافسية بين السلع، وهو ما يخدم الصناعة الوطنية المحلية، كما يخدم المستهلك المصرى الذى من حقه الحصول على سلع وخدمات بجودة عالية.

أسباب وقف الاستيراد

تؤكد الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات أن وقف الاستيراد جاء بعد مخالفة تلك الشركات قرار وزارة الصناعة رقم ٤٣ لسنة ٢٠١٦، وهو ما يضم قواعد تسجيل المصانع المؤهلة لتصدير منتجاتها إلى مصر، وبموجب القرار، تلزم وزارة التجارة والصناعة كافة المُصدرين إلى مصر بالتسجيل لدى هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، كشرط أساسى لمرور بضائعها من الجمارك، بشرط أن تملك الجهة المُصدرة ترخيص قانونى فى بلد المنشأ.

ويحدد القرار مجموعة من الإجراءات التى من المقرر أن تتخذها مصر حال استمرار هذه الشركات فى تكرار المخالفات من قبل الشركات، والتى تبدأ بالإنذار ثم وقف الواردات ثم الشطب من قوائم الاستيراد، حيث أرسلت هيئة الصادرات والواردات إنذارات متعددة للشركات من أجل توفيق أوضاعها طبقا للقرار رقم ٤٣ لسنة ٢٠١٦، كخطوة أولى من ٣ مراحل، وحال عدم الاستجابة يتم نقل الشركة من قائمة الإنذار إلى قائمة الوقف، ثم منح الشركات مهلة إضافية لتوفيق الأوضاع بعد الوقف، لكن حال استمرارها فى المخالفة يتم نقلها إلى قائمة الشطب، وحينئذ لا يمكنها تمرير بضائعها إلى السوق المصرى، إلا قبل الحصول على موافقة رسمية من إعادة التسجيل مرة أخرى.

القرار ١٩٥

وفى منتصف شهر مارس الماضى أصدرت وزارة التجارة والصناعة قرار وزارى رقم ١٩٥ لسنة ٢٠٢٢، وهو القرار المعنى بتعديل القواعد المنظمة لتسجيل المصانع المؤهلة لتصدير منتجاتها إلى مصر والواردة بالقرار الوزارى رقم ٤٣ لسنة ٢٠١٦ بهدف تيسير الإجراءات على الشركات ووضع توقيتات زمنية محددة للتسجيل.

وبموجب القرار يتعين على الشركات الراغبة فى التصدير إلى مصر أن تقوم بتجديد المستندات التى لها تاريخ صلاحية خلال مدة لا تتجاوز ٣٠ يوماً من تاريخ انتهاء الصلاحية، وفقا للبيان.

وقف استيراد بعض السلع

وذكرت الوزارة فى بيان رسمى منتصف شهر أبريل الماضى، أن وحدة تسجيل المصانع بالهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات تقوم بمراجعة الملفات المقدمة من الشركات للتسجيل وذلك للتأكد من أن الشركة أو المصنع كيان قائم ويطبق نظم الجودة على منتجاته، وتشمل قائمة المستندات التى تحتاج إلى تجديد شهادات الجودة والعلامات التجارية والسجل الصناعى.

وأشارت إلى أنه فى حال وجود مستند انتهت صلاحيته يتم توجيه إنذار لمدة أسبوعين على موقع الهيئة، وإن لم يتم التجديد فيتم البدء فى إجراءات الإيقاف لمدة عام، وفى حال عدم التجديد يتم شطب الشركة وذلك لعدم جديتها فى الدخول إلى السوق المصرى.

وأوضحت الوزارة أن مفوضى الشركات على علم تام بهذه الإجراءات، حيث يوقعون إقرارات بتجديد كافة المستندات المنتهية الصلاحية.

استجابة الشركات

كما أوضح بيان الوزارة أن العديد من الشركات استجابت لقرارات توفيق الأوضاع، مشيرا إلى إنه يتم حذف أسماء الشركات التى توفق أوضاعها أولاً بأول من قوائم الإيقاف، مضيفة أن ١٢٢ شركة وفقت بالفعل أوضاعها منذ بداية ٢٠٢٢ وحتى منتصف أبريل الجارى.

وذكرت الوزارة أن بعض هذه الشركات تم إيقافها منذ عام ٢٠٢٠، حيث أنها أنشأت مصانع جديدة لها بمصر ولم تعد فى حاجة إلى تصدير منتجاتها إلى مصر، كما أن هناك شركات أخرى تحمل علامات تجارية دولية لم تعد تصدر منتجها للسوق المصرى فى ضوء تواجد فروع للشركة تعمل بالسوق المصرى، وتمتلك أكثر من ٢٥ علامة تجارية، وفقا للوزارة.

وأكدت الوزارة أن القرار يصدر لا يستهدف شركة بعينها بل الهدف منه تقنين إجراءات التسجيل لدى هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، كشرط للسماح بدخول منتجاتها إلى مصر، وربطت التسجيل بأن يكون لدى المصنع المصدر ترخيص قانونى فى بلده، أو أن تكون العلامة التجارية التى تحملها منتجاته مسجلة بشكل قانونى.

اقتصاديون: القرارات تخلق منافسة عادلة لصالح المستهلك المصرى

الإدريسي

يقول الدكتور على الإدريسى، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، إن الهدف من قرار وقف الاستيراد ليس بجديد بل هو صادر قبل ٦ سنوات «القرار ٤٣ لسنة ٢٠١٦» هو توفيق أوضاع عمل هذه الشركات واستيفاء شروط دخول منتجاتها للسوق المصرى وتنظيم التجارة الدولية، ورغم ذلك ظهرت الكثير منا لشائعات وبدأت الناس فهم الموضوع لاتجاهات مختلفة مثل علاقة القرار بالدولار وحظر الاستيراد أو اختفاء سلع بعض العلامات التجارية من مصر وهو غير صحيح.

ويضيف «الإدريسى» أن ما تم هو حق ومتبع لكل الدول، وتوفيق أوضاع الشركات وإعادة النظر فى القوانين واللوائح الخاصة بالاستيراد وبخاصة للسيطرة على عملية الاستيراد العشوائى للسلع، ووقف العشوائية فى عملية الاستيراد، ومن هنا نستطيع أن نسيطر على السلع غير المطابقة للمواصفات ومتدنية الجودة التى عانى منها السوق المصرى طوال السنوات الماضية.

ويتابع: ومن هنا نقول أن السلع والعلامات التجارية لن تختفى من السوق المصرى بحسب التكهنات التى انتشرت وبخاصة على مواقع التواصل الاجتماعى، كما أن السوق المصرى سوق ضخم يضم أكثر من ١٠٠ مليون مستهلك، وبالتالى ستحرص هذه العلامات التجارية على توفيق أوضاعها فى أقرب وقت من أجل الحفاظ على التواجد فى السوق المصرى الضخم».

ويوضح الخبير الاقتصادى أن العلامات التجارية تربح الملايين من السوق المصرى، كما أن المستهلك المصرى يستفيد من خلال المنافسة العادلة ما بين المنتجات الموجودة فى السوق المحلى، وهى منافسة لصالح المستهلك من حيث الجودة والسعر، فالمستفيد هو المستهلك من خلال محاربة عشوائية الاستيراد ونودع الفترة التى كانت تصلنا سلع غير صالحة للاستخدام الآدمى.

دعم الصناعة الوطنية 

ويؤكد «الإدريسى» أن العديد من السلع التى كانت تستورد بشكل عشوائى لا ترقى للمواصفات وكانت المنتجات المحلية أفضل بكثير، وهنا نقول أن وقفها يعد نقطة مهمة ومحورية لدعم للصناعة الوطنية، فالسوق المحلى يكون أمام فرصة لرواج السلع التى تم إنتاجها محليًا.

ويكمل قائلا: القانون ينص على أن يكون للعلامات التجارية مصانع فى مصر، وأبرز الأمثلة شركة المراعى، فلها مصنع ضخم فى مصر بل وبالعكس كل إنتاجه تقريبا يصدر للسوق الخارجى، بعد الاستفادة من المقومات الطبيعية لمصر مثل الموقع الجغرافى المميز لمصر وتوافر المواد الخام، والتكلفة المنخفضة فى النقل.. ومن هنا نؤكد أن «السلع لن تختفى من السوق المصرى والموضوع كله يقتصر على توفيق الأوضاع لهذه الشركات».

الصناعة الوطنية

الشافعي

ووافقه الرأى الدكتور خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، الذى أكد أن وزارة التجارة والصناعة أصدرت اشتراطات للاستيراد فى عام ٢٠١٦، ومن خلالها بدأت هيئة الصادرات والواردات فى تطبيق هذه الاشتراطات، وبدأت الشركات فى توفيق أوضاعها مع الاشتراطات الجديدة إلا أن الجزء الأكبر لم يوفق أوضاعه وبالتالى اضطرت الوزارة إلى اتخاذ إجراءات من شأنها توفيق أوضاع الشركات المتبقية مع الاشتراطات الجديدة، وبالتالى تم وقف الاستيراد من هذه الشركات لحين توفيق الأوضاع.

ويشدد «الشافعى» على أن قرارات وقف الاستيراد قد يصب فى مصلحة الصناعة الوطنية وإعطاء المزيد من الفرص للمنتجين المحليين وتنشيط المناطق الصناعية الموجودة فى مصر لتزويد الطاقة الإنتاجية وجذب المزيد من الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية إلى مصر، والتى من شأنها تشغيل المزيد من العمالة المصرية والحد من البطالة وزيادة الطاقات الإنتاجية وزيادة حجم الناتجة وتحقيق اكتفاء لاحتياجات المستهلك المصرى، وتحقيق فائض فى الإنتاج يجعل مصر قادرة على تزويد حجم صادراتها لدول العالم.

لا علاقة بنقص الدولار 

واستبعد الخبير الاقتصادى أن يكون للقرار علاقة بنقص الدولار، مؤكدا أن الإجراءات التى اتخذتها وزارة التجارة والصناعة ممثلة فى هيئة الرقابة على الصادرات والواردات بدأت قبل أعوام منذ صدور القرار رقم ٤٣ لعام ٢٠١٦ وبالتالى لا يوجد أى شك أن للقرار علاقة بتراجع الاحتياطى النقدى من العملة الأجنبية، مضيفا: «وما يؤكد حديثنا هنا هو أن القرار لم يتخذ فى أعقاب أزمة الدولار، فالهيئة اتخذت قرار وحددت فترة قانونية وبعد انتهاء الإجراءات وفترة السماح بدأت الدولة تطبيق الإجراءات».

حماية السوق

ويختم «الشافعى» تصريحاته قائلا: «القرار فى الأساس يستهدف الحفاظ على السوق المحلية وحماية حقوق المستهلك، من خلال وقف استيراد أى سلع غير مطابقة للمواصفات، وهو الأمر الذى عانينا منه كثيرا فى الفترة الماضية».

الصناعة والصحة

الدمرداش

أما الدكتور شريف الدمرداش، لخبير الاقتصادى، فكان له رأى مغاير حيث يقول إن أى قرار سيؤثر عل مدخلات الإنتاج المحلى سيكون له أثر سلبى على الصناعة المحلية وبالتالى لا يجب المساس بمدخلات الصناعة المحلية مثل قطع الغيار ومستلزمات الإنتاج، وهذا شئ غاية فى الأهمية.

ويرى أن أى قرار سيؤثر على الصناعة الوطنية غير مقبول، وهذا المعيار هو ما نقيس به، فالمدخل الوحيد للحديث فى هذا الإطار هو مصلحة الصناعة الوطنية، وللأسف هذا الجزء به شئ من الغموض فى تصريحات المسئولين فى وزارة التجارة والصناعة.

يوضح أن الغموض وعدم وجود معطيات واضحة خلق حالة من التشكك فى المجتمع وبين المتخصصين أيضا، فإحدى الشركات الصادر بحقها قرار بوقف الاستيراد مثل «يونيليفر» لها مصانع فى مصر وتنتج منتجات تتوافق مع السوق المصرى من حيث مواصفات وأسعار السوق، من هنا يجب أن تكون البيانات الحكومية واضحة من أجل عدم خلق ريبة بين المواطنين. 

ترشيد الاستيراد

ويؤكد الخبير الاقتصادى أن مصر لديها عجز فى الاحتياطى من العملة الأجنبية، وهو ما أعلنه البنك المركزى بشكل رسمى ومن هنا نقول أن ترشيد الاستيراد هو أمر مقبول ولا عيب فيه، نتيجة لأن صافى الاحتياطى من النقد الأجنبى سلبى، وكل هذه إجراءات شرعية بشرط ألا تطول الصناعة المصرية وواردات الصحة العامة للمواطنين، فنحن لا نستطيع تحمل نقص أدوية للأمراض المزمنة مثل السكر والقلب وغيرها، ومن هنا نقول أن هناك أدوية أساسية لا يجب المساس بها.

ويطالب «الدمرداش» بتشديد الرقابة على السلع الترفيهية وعدم المساس بالسلع الأساسية، حيث يقول: «يجب أن يكون التطبيق على الأدوية غير الأساسية مثل أدوية التخسيس على سبيل المثال، وكذلك السلع الترفيهية مثل بعضا الأغذية ومستحضرات التجميل وغيرها من السلع الاستهلاكية غير الأساسية، ولا يمكن المساس بالزيوت والقمح وغيرها منا لسلع الاستراتيجية.