قال الكاتب أحمد الصاوي في كتابه «رمضان زمان» إن كسوة العيد كانت من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر المبارك وقد احتلت مكانة كبيرة بين إجراءات احتفال الفاطميين حتى أن هذا العيد كان يُعرف في وقتهم وعصرهم بعيد الحلل لكثرة ما يوزع فيه كسوات جديدة على الخاصة والعامة .
وأوضح الصاوي أن دار الكسوة كانت هي الجهة المنوط لها توزيع كسوات العيد بين أربابها بدءا من الوزير ومرورا بالأمراء وكبار وصغار موظفي الدواوين وانتهاء بالفراشين .
ويقوم صاحب الديوان بكتابة « رقاع» من الورق توضع في كل كسوة خاصة بأحد وجوه الدولة، ومن هذه الرقاع واحدة كتبها ابن الصيرفي لتوضع في كسوات عيد الفطر عام 535هـ قائلا فيها: ولم يزل أمير المؤمنين منعما بالرغائب موليا إحسانه كل حاضر وغائب مجزلا حظهم من منائحه ومواهبه، وإنك أيها الأمير لأولاهم من ذلك بجسيمه وأحراهم باستنشاق نسيمه وأخلقهم بالجزاء الأوفى من عند نصبه وتقسيمة ولما أقبل هذا العيد السعيد والعادة فيه أن يحسن الناس هيأتهم ويأخذوا عند كل مسجد زينتهم ومن وظائف كرم أمير المؤمنين تشريف أوليائه وخدمة فيه بكسوات على حسب منازلهم تجمع بين الشرف والجمال ولا يبقى بعدها مطمع الآما .
وبيّن «الصاوي» أن من كان المسئول عن «دار الكسوة» كان يعرف بـ «صاحب المقص» وهو مقدم الخياطين، ولرجاله مكان يقومون فيه بالخياطة والتفصيل وهو يعمل وفق الأوامر الصادرة إليه من الخليفة وحسب ما تدعو إليه الحاجة ويحمل إلى دار الكسوة ما يعمل من نسيج من دور الطراز بمدن تنيس ودمياط والإسكندري ، ودور الطراز هي مصانع النسيج الحكومية التي تشرف الدولة على إنتاجها فكلمة طراز معربة من الفعل «ترازيدن» ومعناها يطرز، وإن استخدمت في مصطلح العصور الوسطى لتدل على العبارة الرسمية التي تتخذها الدولة شعارا لها وتقوم بتسجيلها على النسيج والعملة.
ودور الطراز على نوعين «دار الطراز العامة» وهي تصنع منسوجات تباع في الأسواق أو تهدى لموظفي الدولة في المواسم والمناسبات ، و«دار الطراز الخاصة» وإنتاجها موقوف على الخليفة وآل بيته فقط وهذه الدور هي التي تسلم كسوات العيد إلى دار الكسوة ، وكان بدار الكسوة قسم خاص بملابس الخليفة تتولى الإشراف عليه إمراء تنعت بزين الخزان وتحت إمرتها ثلاثين جارية ولا يغير الخليفة.
الدولة كانت تخصص ميزانية ضخمة للإنفاق على كسوة العيد فقد بلغت النفقة عليها عام 515همظاهر الاحتفال عند الفاطميين بعيد الفطر بمثابة الأوسمة والنياشين والأنواط في العصر الحديث .
وتقضي الأوامر التي كانت تصدر لدار الكسوة بتوصيلها إلى أصحابها فبيل ليلة العيد حتى إذا ما خرج الخليفة لصلاة العيد خارج باب النصر مارا بباب في قصره يُعرف بباب العيد ، وآمنت القاهرة في ذلك اليوم أشبه بكرنفال للملابس الجديدة الزاهية الألوان التي يرتديها الأمراء وموظفو الدواوين والجنود وكافة أصحاب الرواتب في الدولة.