فى إطار احتفالات مصر والعالم بعيد العمال أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء أن الملك خوفو "خنم خواف لي" أي المعبود خنوم هو أول من أمّن العمال ضد البطالة فى التاريخ، واتسم عصره بأنه أزهى عصور الدولة القديمة وكان عهد رخاءً وازدهار، مشيرًا إلى أن المؤرخين وضعوه فى قائمة عصور مصر الذهبية وأطلق عليه "العصر الفيروزى" نسبة لمناجم الفيروز التى اكتشفها خوفو بسيناء.
وأشار الدكتور ريحان، إلى أن الملك "خنم خواف لي" استفاد من أوقات البطالة البعيدة عن موسم الحصاد والرى والزراعة وهى مواسم العمل فى مصر القديمة ليقوم العمال بأعمال قومية عظيمة وأعمال إنتاجية ساهمت فى الازدهار الاقتصادى فى كل مناحى الحياة وذلك طبقًا لما جاء فى كتاب " لغز الهرم الأكبر" للدكتور سيد كريم.
وينفى الدكتور ريحان ما ذكره المؤرخ الإغريقى هيرودوت عن بناء الهرم بالسخرة، مؤكدًا أن بناء الهرم كان مشروعًا قوميًا وأنه وغيره من بيوت العبادة فى مصر القديمة نفذت طبقًا للقواعد التى أرساها إيمحتب معبود الطب والهندسة وأول من استعمل الحجر فى البناء ووضع نظرياته الإنشائية.
وأن هذه القواعد تنسب لمتون العقيدة وهى أن المساهمة فى بناء تلك البيوت نوع من أنواع العبادة وركن من أركانها إمّا بالمساهمة بالمال أو العمل فى التشييد أو تقديم القرابين والذبائح التى كانت تصرف كتموين وإعاشة للعمال كنوع من التكافل الاجتماعى ومساهمة كل الشعب فى المشاريع القومية بوازع دينى وحب لهذا الإنجاز مؤكدًا أن السخرة لا تنتج أعمال عظيمة خلدها التاريخ كالأهرامات والمعابد المصرية.
وكان العمال يتسابقون طواعية فى العمل على قطع الأحجار من المحاجر ونقلها والاشتراك فى أعمال البناء، وقبل البدء فى بناء الهرم قامت الحكومة ببناء مدينة للعمال والفنيين وسوقًا للتموين ومخبزًا ومخازن للغلال.
وينوه الدكتور ريحان إلى طبيعة مدينة عمال بناء الهرم والتى تعد أول مدينة عمالية فى التاريخ تبنى بطريقة الإسكان الجاهز أو سابق التجهيز حيث تم توحيد نماذج تصميم المساكن لمختلف طبقات العمال والفنيين بتوحيد الأبعاد القياسية والأبواب والشبابيك والأسقف ليسهل تركيبها وفكها وبعد انتهاء بناء الهرم أهديت هذه الوحدات للعمال لتركيبها لهم فى قراهم وهو ما وصفه مؤرخو عصر الأهرام بنهضة تعمير القرى.
ولم يكتف الملك خوفو ببناء الهرم بل قام بتشغيل العمال فى مشاريع تنموية أخرى وأشركهم فى حملاته الفنية لاكتشاف مناجم الديوريت فى أسوان والذهب فى النوبة وخرجت أساطيل مصر التى خلفها سنفرو والد خوفو لتجوب شواطئ البحر الأبيض لتنقل أخشاب الأرز والسرو من بيليوس ليكون أول اتصال فى التاريخ بين مصر وبلاد الإغريق.
ويشير الدكتور ريحان إلى أن الحملات البحرية للملك وصلت لتجوب شواطئ البحر الأحمر وشرق أفريقيا لتجلب لمصر البهارات والبخور اللازم للمعابد وكذلك أخشاب الصندل والأبنوس وريش النعام والحيوانات النادرة والعاج الذى صنع منه التمثال الوحيد المكتشف للملك.
وعندما تولى خوفو الحكم أعلن عقيدة توحيد المعبود " أوزوريس رع" والذى نادى به إيمحتب دينًا رسميًا للدولة وأطلق كل من ملوك أسرة بناء الأهرامات اسم المعبود رع على أسمائهم (خفرع "جدف رع"، منقرع "من كاو رع" ساحورع) وبنوا لإيمحتب مجموعة من المعابد والمزارات فى أنحاء الوادى واحتفلوا رسميًا بأعياده الذى بدأها خفرع.