أكد الكاتب يسري عبدالغني أن الإذاعة زمان كانت مدرسة حقيقية للثقافة وفي الشهر الكريم أتذكر دائما العم جرجس في مجالسنا وقت الإفطار والسحور وأضاف في حواره لـ«البوابة نيوز» أن القراءة في شتى مجالات المعرفة هو الحصن ضد خفافيش الظلام متمنيا أن تكون لدينا استراتيجية حقيقية لها آليات فاعلة ملزمة تصون تراثنا الثقافي وتحميه وإلى نص الحوار.
رمضان زمان حوارات ثقافية يسرى عبدالغنى: الإذاعة كانت مدرسة حقيقية للثقافة.. و مصر لا تقدم الآن دراما تثقيفية على مائدة «البوابة نيوز» الثقافية خلال شهر رمضان، مثقفون وأدباء يتحدثون عن البدايات وكيف تكونت شخصية المثقف، ومدى تأثرهم بالأدب العربى والعالمى، ذكريات وطقوس المثقفين خلال الشهر المبارك، الدراما ومسلسلات رمضان من وجهة نظر المثقفين، ونصائح للجيل الجديد والشباب.. حوارات يومية على مدار الشهر.
موعدنا اليوم مع حوار جديد من حوارات رمضان الثقافية مع الكاتب يسري عبدالغني، وإليكم نص الحوار
■ حدثنا عن ذكرياتك مع شهر رمضان.. كيف تفتح وعيك بطقوس الشهر المعظم في الصغر وما أبرز المواقف العالقة في ذهنك تجاهه؟
- تفتح وعينا على رمضان بأنه يبدأ بطقوسه من منتصف شهر شعبان أي بعد احتفالنا بهذه الليلة المباركة، يأخذنا الوالد رحمه الله في جولات متتالية لزيارة الأهل والأقارب والأصدقاء، طالبين منهم العفو والسماح إذا كنا قد قصرنا في حق من حقوقهم، ومع رمضان يكون اجتماع العائلة يوميًا حول «الطبلية» يجمعنا الحب والوئام. أتذكر العم جرجس وزوجته وأبناءه معنا في وقت الإفطار والسحور وفي مجالسنا وأحاديثنا.. نذهب إلى المسجد كبارًا وشبابًا وصغارًا، نصلي ونستمع إلى الدروس الدينية التي كانت خير مثال على الاستنارة والوعي والتأكيد على أن الكل في واحد وأن رمضان محطة نتزود فيها بزاد روحي يدفعنا إلى الأفضل طوال العام ، العطف على الفقير ومساعدة المحتاج تعلمناه في رمضان بدون إعلانات سخيفة مستفزة ملحة.. في رمضان نجتمع بعد صلاة العشاء والتراويح نقرأ في الكتب الأدبية والتاريخية ونستمع إلى الكبار وهم يقصون علينا حكايات تعلمنا وتربينا ما زالت عالقة في نفوسنا قبل عقولنا، نستمع إلى الإذاعة أيام كانت مدرسة حقيقية للثقافة ، إلى التلفاز عندما كان يقدم كل ما هو جاد ومفيد ، كل يوم في رمضان كنا نتعلم الكثير الذي صقل وعينا ورسخ داخلنا القيم والأصالة.
■ ماذا عن طقوسك في شهر رمضان الآن؟
- أحاول قدر الإمكان أن أعلم أولادي وأحفادي ما تعلمناه في رمضان من قيم تراثية على أمل أن نحافظ عليها، ومن أهمها أن نجتمع معًا معظم أيام الشهر الفضيل، ونتواصل مع الأهل والأصدقاء، ونؤدي الشعائر أداءً حقيقيًا لا شكليًا، كما نحاول أن نكثر من القراءة للكتب التي تربطنا بتاريخنا وتراثنا.
■ هل هناك كتب معينة تستعيد قراءتها في هذا الشهر؟
- القراءة لدي فعل دائم طوال العام وكأنها واجب يومي وإن كنت في رمضان أحاول الإكثار من قراءة التفاسير القرآنية وكتب الأحاديث النبوية المطهرة والتاريخ العربي والإسلامي.
■ كيف ترى الدراما التي يتم تقديمها في المواسم الرمضانية وما أبرز النجوم أو الكتاب الذين تحرص على متابعتهم؟ - أعشق الدراما الدينية والتاريخية أو التي تتحدث عن شخصيات كان لها أثرها في حياتنا على كل الأصعدة، وبكل أسف نحن الآن لا نقدم هذا النوع من الدراما التثقيفية التي يجب أن نعود إليها لتنوير وتثقيف أجيالنا الصاعدة، كنا قديمًا نتابع السحار وأمينة الصاوي وأسامة أنور عكاشة.. وغيرهم من الكتاب والمخرجين والممثلين، في المسلسلات الدينية والتاريخية أو الاجتماعية.. لا أكتمك سرًا أنني لا أعرف ممثلي أو مؤلفي هذه الأيام والعيب مني بالطبع ..
■ كيف بدأ اهتمامك بالكتابة والأدب؟
- أتذكر أن بداياتي مع الكتابة بوجه عام كانت في المرحلة الإعدادية ثم الثانوية، وتعمقت بعد التحاقي بالجامعة، ولعل البيئة التي نشأت فيها كان لها أثرها في ذلك، فأبناء عمومتي كانوا من الكتاب والصحفيين البارزين في الستينات من القرن الماضي، أضف إلى ذلك الأسرة التي كانت تحفز على القراءة والاطلاع ولا ننسى بالطبع دور المدرسة التي كانت تشجعنا على القراءة وتفتح لنا أبواب المكتبة برعاية مدرسينا لنقرأ ونتعلم ..
■ ما أبرز الكتاب الذين أثروا فكريا عليك؟
- بالطبع أستاذنا العقاد، والذي شرفت برؤيته وأنا في الصف الرابع الابتدائي في أخريات ندواته، وكنت بصحبة بعض أبناء عمومتي، وما زلت أردد «عقادي وأفتخر»، وشرفت بأني كتبت عنه أكثر من كتاب ..
■ وما أبرز الكتب التي شكلت وعيك في مرحلة التكوين؟
- جميع كتب الأستاذ العقاد، وكتب عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين ، وكتب المازني وهيكل باشا وأحمد أمين والزيات والرافعي ... إلخ .. وصدق ابن المقفع عندما قال «ما الأسد إلا عدة كباش مهضومة».
■ ما أبرز الكتاب الذين تحرص على متابعة أعمالهم على الساحة الآن؟
- كلهم رائعون ممتازون ولكن العبد لله مقصر جدًا جدًا في مسألة المتابعة.
■ ما أهم الكتب التي تنصح الجمهور بقراءتها ولماذا؟
- دائمًا أقول إن العقل مثل الجسم يحتاج إلى جميع أنواع الفيتامينات، لذلك أوصي أبنائي وأحفادي بالقراءة في شتى مجالات المعرفة، مع التركيز على قراءة كتب التراث بقواسمه المشتركة الداعية للحب والخير والجمال، أمة بدون تراث وأصالة هي أمة في مهب الريح، التراث هو الهوية، وهو الحصن الحصين لنا ضد ما يراد بنا من خفافيش الظلام، وهذه مسئوليتنا جميعًا أقصد الاهتمام بالتراث وصونه وحمايته وتحقيقه وإحيائه والدفاع عنه والتعريف به .. ■ ما أبرز النصائح التي تقدمها للجمهور الآن؟
- مصر في حاجة إلى حبكم وعطائكم، مصر تريد منكم المزيد من العطاء الحقيقي، اهتموا بالثقافة والتعليم، وحاولوا أن تربوا الأجيال الصاعدة على قيم الولاء والعطاء والانتماء والوعي المستنير .
■ ما رأيك في مصطلح القراءة السريعة الذي انتشر بشكل كبير بين الشباب وكأنه موضة؟
- القراءة بدون استيعاب وفهم لما أقرأ وتدبر ما أقرأ لا تسمى قراءة، من الممكن أن أقرأ صفحة واحدة وأستوعبها أفضل بكثير من كتاب أكره كرًا بدون إدراك أو وعي بما فيه.
■ كيف ترى تأثر الأدب المصري بالأدب الأجنبي؟
- موضوع التأثير والتأثر موضوع كبير، وقد كتبت فيه أكثر من كتاب منها «التواصل الأدبي بين الشعوب»، مما لا شك فيه أن الأدب المصري تأثر بالآداب الأجنبية وهذه هي سنة الحياة، ولكن في اعتقادي أن المذاهب الأدبية بوجه عام أقصد الغربية بالطبع لم تؤثر في جوهر وقيم الأدب المصري، وقد ظل محتفظًا بسماته وخصائصه الذاتية التي تعبر عن بيئته وقيمه وعاداته وتقاليده، وهذا موضوع كبير يستحق الحوار والنقاش.
■ ما الأمنية الادبية التى تتمنى أن تتحقق؟
- أن يكون لدينا استراتيجية حقيقية لها آليات فاعلة ملزمة، وأن نهتم بتراثنا تعريفًا وصيانة وحماية، وأن نهتم بالتعليم الذي هو أساس النهضة والرقي.