على هامش حفل إفطار الأسرة المصرية بمناسبة شهر رمضان المبارك، التي عقدت أمس الثلاثاء، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، عددًا من القرارات الهامة والتكليفات الرئاسية للحكومة بشأن التعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، وتقديم الدعم لمزارعي القمح في مصر وسبل توطين الصناعات الوطنية.
شملت هذه القرارات، تكليف الحكومة بعقد مؤتمر صحفي عالمي لإعلان خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي تشمل تنفيذ إجراءات عاجلة لتحسين مناخ الاستثمار وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجال البنية التحتية والطاقة والصحة والتعليم والتحول الرقمي وتوجيه كل الدعم اللازم للمستثمرين المصريين في كافة المجالات السياحية والصناعية والزراعية والتطوير العقاري والتحول الرقمي.
وتضمنت القرارات أيضًا، إطلاق مبادرة دعم وتوطين الصناعات الوطنية للاعتماد على المنتج المحلي وتقليل الواردات من خلال تعزيز دور القطاع الخاص الوطني في توطين العديد من الصناعات الكبرى والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في مصر مع تقديم عدد من الحوافز في صورة أراضي بحق الانتفاع والإعفاء من الضرائب لمدة 5 سنوات، بالإضافة إلى تقديم أوجه الدعم اللازم لتقنين الأوضاع للمخالفين وتقديم الدعم الفني والمادي اللازم للمتعثرين.
كما كلف الرئيس السيسي، أجهزة ومؤسسات الدولة بالاستمرار في دعم مبادرة التحالف الوطني للعمل الأهلي والتنموي التي نفذتها خلال الشهرين الماضيين لتقديم الدعم والحماية الاجتماعية لعدد 9 ملايين أسرة مع قيام الحكومة بدعم التحالف بقيمة 9 مليارات جنيه حتى نهاية العام الجاري.
ودعا الرئيس انطلاقا من إعلان عام 2022 عاما للمجتمع المدني، كافة الأجهزة المعنية ومؤسسات المجتمع المدني لإطلاق منصة حوار من خلال التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي ووزارة التضامن الاجتماعي والمجلس القومي لحقوق الإنسان لتقديم الدعم للعمل الأهلي والمجتمعي واقتراح التعديلات التشريعية اللازمة لتسهيل العمل المجتمعي بما يخدم أهداف الدولة في تحقيق التنمية المستدامة، كما كلف الحكومة وكافة الأجهزة المعنية بتعزيز كافة أوجه الدعم المقدم لمزارعي القمح في مصر، وذلك بزيادة المحفزات المقدمة للمزارعين سواء كانت مادية أو خدمية لما يحقق زيادة في الاكتفاء الذاتي من القمح.
كما قرر الرئيس السيسي، إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي التي تم تشكيلها كأحد مخرجات المؤتمر الوطني للشباب على أن توثق إعادة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة، قائلًا: "لا أخفي عليكم سعادتي البالغة في خروج دفعات لعدد من أبنائنا الذين تم الإفراج عنهم خلال الأيام الماضية، وأقول لهم أن الوطن يتسع لنا جميعًا، وأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية، وتكليف الوزارات والمؤسسات والأجهزة التي ساهمت في توفير السلع الأساسية للمواطنين من خلال المعارض المختلفة التي تم إقامتها على مستوى محافظات الجمهورية باستمرار عمل هذه المعارض لتقديم كافة السلع الأساسية للمواطنين بأسعار مدعمة وحتى نهاية العام الجاري.
وكلف الرئيس، إدارة المؤتمر الوطني للشباب بالتنسيق مع كافة التيارات السياسية الحزبية والشبابية لإدارة حوار سياسي حول أولويات العمل الوطني خلال المرحلة الراهنة، ورفع نتائج هذا الحوار إلي شخصيًا مع وعد بقيامي بحضور هذه الحوارات في مراحلها النهائية، وقيام الحكومة بالإعلان عن خطة واضحة يتم الالتزام بها لخفض الدين العام كنسبة من الدخل القومي وكذا عجز الموازنة على مدار الأربع سنوات القادمة، وطرح الحكومة رؤية متكاملة للنهوض بالبورصة المصرية تستهدف مضاعفة أحجام وأعداد الشركات المقيد لها أوراق مالية والمستثمرين المحليين والأجانب والمؤسسات المختلفة، وتكليف الحكومة بالإعلان عن برنامج لمشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة بمستهدف 10 مليارات دولار سنويًا ولمدة 4 سنوات.
كما تضمنت هذه القرارات، قيام الحكومة بالبدء في طرح حصص من شركات مملوكة للدولة في البورصة المصرية من ضمنها شركات مملوكة للقوات المسلحة وذلك قبل نهاية العام الجاري، واستكمال سداد المديونية الخاصة لـ 700 من الغارمين والغارمات المتواجدين بالسجون بتكلفة مالية تصل إلى 45 مليون جنيه لإخلاء سبيلهم وذلك كدفعة أولى من المساعدات الموجهة لهم ولأسرهم والعمل على دمجهم في الحياة العامة وتمكينهم اقتصاديًا.
وبدوره، يقول الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن الرئيس السيسي أصدر مجموعة من القرارات الهامة التي تدعم الاقتصاد المصري، من بينها مشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة بـ10 مليارات دولار سنويًا ولمدة 4 سنوات أي بمبلغ 40 مليار جنيه، بما يساهم في زيادة السلع وتوفير الخدمات فرص العمل وتراجع في معدلات التضخم وموجه ارتفاع لاسعار في ظل الضبابية، مؤكدًا أنه كان المهم رسالة الثقة والطمأنينة لهم التي أعطها الرئيس السيسي من خلال حديثه أمس.
ويواصل الإدريسي، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أنه من المهم العمل في مجالات الزراعة والتوسع في عمليات الزراعة، وخاصة السلع الممثلة للأمن الغذائي وتقديم كافة الحوافز والضمانات لتحقيق الجدوى من الزراعة، وكذلك في مجال الصناعة وتوطين الصناعات الوطنية، مضيفًا أن عقد مؤتمر عالمي لعرض التحديات والحلول لمواجهة الأزمة العالمية والشفافية للتعامل مع الأزمة أمر هام جدًا وضروري، فضلًا عن دعم البورصة بزيادة حجم الاستثمارات الحكومية وتقديم اقتراحات لدعمها، وزيادة الاستثمارات الكبيرة من الداخل والخارج بما يزيد من رأس مال الشركات وقيام الحكومة بالبدء في طرح حصص من شركات مملوكة للدولة في البورصة المصرية من ضمنها شركات مملوكة للقوات المسلحة وذلك قبل نهاية العام الجاري، بما يصب في صالح الاقتصاد المصري في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية جراء الحرب الروسية الأوكرانية.
كما يوضح الدكتور مصطفى أبو زيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية، أن تلك القرارات التي اعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى تأكد على حرص ومتابعة حثيثة للمتغيرات الاقتصادية الحالية، نتيجة للازمات المتلاحقة على الاقتصاد العالمي وتأثيراته على الاقتصاديات الناشئة، ومنها مصر حيث أن تلك القرارات تعد استكمالا لسلسلة القرارات الاقتصادية التي من شأنها المحافظة على كل المكتسبات التي تم تحقيقها بعد تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي وتحسن المؤشرات الكلية من ارتفاع معدلات النمو وتراجع معدلات البطالة ونسبة العجز ونسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي.
ويتابع أبو زيد، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن الاهتمام بمواصلة دعم البورصة المصرية منذ جائحة كورونا يعد رسالة مهمة في جذب الاستثمارات غير المباشرة وتوفير التمويل، إلى جانب دعم مزارعي القمح في إطار تشجيع المزراعين على المضي قدمًا في الاستدامة في زراعة القمح وزيادة الإنتاجية، بما يساهم في تقليل الفجوة الاستيرادية من الخارج، ويخفف الضغط على الموازنة العامة للدولة وتوفير النقد الأجنبي اللازم لعملية الاستيراد، بالإضافة إلى الاستمرار في توفير كافة السلع في الأسواق نتيجة للسياسات الاقتصادية التوسعية التي تهدف إلى تكوين احتياطيات من السلع تتعدى 6 أشهر.
ويستكمل، أن ملف دعم الاستثمار عبر تيسير الإجراءات وتذليل العقبات بجانب تزفير المحفزات الاستثمارية والضريبية التي يتضمنها قانون الاستثمار للمساهمة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وإقامة مشروعات إنتاجية يكون لها قيمة مضافة حقيقية على الاقتصاد الوطني في زيادة الناتج المحلى الإجمالب، وتوفير الكثير من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، بما يؤدى إلى تراجع معدل البطالة وأيضًا معدل الفقر الذي نجحت الدولة المصرية في تحقيق تراجعه إلى 29.7% مقابل 32.5% في إطار مستهدفات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.