قبل أيام قليلة كانت مصر على موعد مع توقيع اتفاقيات ضخمة للاستثمار في الطاقة الخضراء، بعدما كشف بيان صادر عن مجلس الوزراء مؤخرا عن توقيع اتفاقيات مع شركات دولية لإنتاج الطاقة الخضراء في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وذلك في إطار استراتيجية مصر للاستثمار في إنشاء صناعة محلية للطاقة الخضراء، من أجل مواكبة التوجه العالمي نحو الطاقة الخضراء الصديقة للبيئة.
وتشمل الاتفاقيات الموقعة الشراكة مع شركة الطاقة الفرنسية العملاقة "إي دي إف رينيوابلز" وشركة مصدر الإماراتية وشركة "إيميا باور" اتفاقيات لإنشاء مصانع لإنتاج الوقود والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، لإنتاج الطاقة الخضراء في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بهدف تحويل المنطقة إلى مركز للطاقة الخضراء في المنطقة.
اتفاقيات ضخمة للطاقة الخضراء
ونصت الاتفاقيات على أن تنشئ شركة إي دي إف رينيوابلز مصنعا لإنتاج الوقود الأخضر للسفن بقيمة 3 مليارات دولار جنبا إلى جنب مع شركة زيرو ويست المصرية وصندوق مصر السيادي، والتي من المنتظر أن تبلغ الطاقة الإنتاجية للمصنع 140 ألف طن سنويا في البداية، قبل أن ترتفع إلى 350 ألف طن لاحقا، وتنطلق الأعمال الإنشائية للمشروع في عام 2024، على أن يبدأ تشغيله في 2026.
في حين تقيم شركة إيميا باور الإماراتية، مصنعا لإنتاج الأمونيا الخضراء بالتعاون مع الصندوق السيادي وعدة هيئات حكومية، وهو المصنع الذي من المقرر أن تبلغ الطاقة الإنتاجية للمصنع 235 ألف طن سنويا خلال المرحلة الأولى، ويمكن أن تصل إلى 390 ألف طن في وقت لاحق. ويبدأ بناء المصنع بحلول نهاية هذا العام، على أن يبدأ تشغيله بنهاية عام 2025.
وعلى صعيد متصل تم تدشين تحالف مكون من شركة حسن علام للمرافق، التابعة لشركة حسن علام القابضة، وشركة مصدر الإماراتية محطات لإنتاج الهيدروجين الأخضر بطاقة 480 ألف طن سنويا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وعلى ساحل البحر المتوسط، وذلك على مراحل مختلفة تمتد حتى عام 2030. ويهدف التحالف إلى إنشاء محطة بطاقة 100 ألف طن من الميثانول سنويا لاستخدامه كوقود أخضر للسفن في المرحلة الأولى، والتي يبدأ تشغيلها بحلول عام 2026، وفق ما نقله بيان مجلس الوزراء عن الرئيس التنفيذي لشركة حسن علام القابضة عمرو علام، والذي أضاف أن التحالف يستهدف أيضا "زيادة محطات تصنيع المحللات الكهربائية ضمن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وعلى ساحل البحر المتوسط لتوفر طاقة إنتاجية قد تصل إلى 4 جيجاوات بحلول عام 2030 لإنتاج 2.3 مليون طن من الأمونيا الخضراء المعدة للتصدير إلى جانب تزويد الصناعات المحلية بالهيدروجين الأخضر".
وكان صندوق مصر السيادي وشركة سكاتك النرويجية وشركة فيرتيجلوب وأوراسكوم كونستراكشون قد وقعوا اتفاقية لإنشاء وتشغيل مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة 100 ميجاوات في العين السخنة، ومن المقرر أن يبدأ تشغيل المشروع بحلول عام 2024، ليصبح أول مصنع هيدروجين أخضر في البلاد. ويأتي هذا بعد أسابيع قليلة من إعلان شركة سكاتك عن خططها لبناء مصنع لإنتاج الأمونيا الخضراء بطاقة مليون طن سنويا في المنطقة.
ويؤكد خبراء البيئة والطاقة أن خطى مصر نحو الطاقة الخضراء غاية في الأهمية، في ظل التوجه الجديد للعالم نحو الحفاظ على كوكب الأرض من مخاطر التغيرات المناخية.
وفي هذا الشأن قال الدكتور مجدي علام، مستشار وزير البيئة الأسبق، إن الحفاظ على كوكب الأرض من مخاطر التغيرات المناخية أصبح توجه عالمي وبخاصة في ظل المخاطر المتواصلة التي تهدد استقرار العالم أجمع، ومن هنا انطلقت رحلة البحث عن مصادر طاقة بديلة وصديقة للبيئة.
وأضاف "علام" فى حديثه لـ"البوابة نيوز" أن مصر تمتلك الكثير من الخبرات والإمكانيات التي تؤهلها للتحول إلى مركز للطاقة الخضراء في المنطقة، بعدما نجحت وزارة البترول في تجربة مصر الرائدة في قطاع الغاز الطبيعي، وهو مماثل في التقنيات والتخزين والنقل للطاقة الخضراء من الهيدروجين الأخضر ومختلف أنواع الطاقة المتجددة.
وأشاد "علام" بخطط مصر للتوسع في الهيدروجين الأخضر الذي يعد أحد أهم وأنظف أنواع الطاقة المتجددة، مشيرا إلى أنه يعتمد على استغلال الموارد المتوافرة لدى مصر من موارد المياه بالاعتماد على تقنيات تكنولوجية متطورة.
من جهته، قال الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول بالجامعة الأمريكية، إن المحور الأهم في استراتيجية مصر للتوجه نحو الطاقة الخضراء هو توطين الصناعة محليا من خلال التعاون مع الشركات العالمية، والتي يجب أن تتضمن توطين تكنولوجيا إنتاج وتخزين مخرجات الطاقة المتجددة، وهو الأمر الذي يعد تحدي عالمي في الوقت الحالي.
وأضاف "القليوبي" في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" أن "التكنولوجيا الدقيقة" لإنتاج الطاقة الخضراء أصبحت تحدي عالمي، وعلى سبيل المثال إنتاج وإسالة الهيدروجين الأخضر، الذي يحتاج إلى قدرات عالية من التدريب والمعرفة التكنولوجية.
وأكد "القليوبى" أن الطبيعة الجغرافية لمصر منحتها موقع ممتاز وشواطئ ممتدة وهو الأمر الذي يجعلها بيئة خصبة لإنتاج مختلف أنواع الطاقة الخضراء، وذلك جنبًا إلى جنب مع اكتساب المصريين لخبرات واسعة في مجال البترول الذي يؤهلها لتخزين مخرجات مشروعات الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة بكفاءة عالية.