الكوميديا نوع من أنواع التشخيص الجميل ذات طابع خاص، يجسد فيه الممثل شخوصا معينة في صور وقوالب مرحة من صنع المفارقات، ينتج عنها عروض تُكتب بقصد التسلية في فصول سهلة تنهض على المفارقة والإفيهات الخالدة لصنع حالة من البهجة والسعادة للجمهور.
وتحت قبة المسرح تجتمع كافة أشكال الفنون، وخلال رحلته الطويلة وقف على خشبته مبكرا؛ مجموعة من الرائدات منذ مراحله الأولى وصولا اللحظة الحالية، قدمن تراثًا خالدًا سيبقى على مر الزمان.
اختص المؤرخ المسرحي د. عمرو دوارة "البوابة" بفصول لم تنشر بعد من موسوعته الجديدة "سيدات المسرح المصري"، التي تضم السيرة الذاتية والمسيرة المسرحية لـ150 رائدة، منذ بدايات المسرح الحديثة 1870 حتى 2020، والمصحوبة بصور نادرة سواء شخصية أو لعروضهن المسرحية، وقد نجحن في المساهمة بإبداعهن في إثراء مسيرة المسرح المصري.
وخلال أيام الشهر المبارك نستكمل نشر 30 حلقة للسيرة الذاتية لرائدات برعن في أداء الأدوار الكوميدية، بعدما قدمنا على مدار الأعوام الماضية عددا من السلاسل حول رائدات المسرح المصري.
تتمتع ابنة مدينة "الزقازيق" بالشرقية الفنانة سناء يونس "3 مارس 1944 – 20 مايو 2006"، بمهارات وقدرات فنية كبيرة ومن بينها القدرة على الارتجال ومشاركة كبار النجوم في تقديم الكوميديا الراقية بعيدا عن الابتذال والإسفاف، حصلت على ليسانس الآداب بقسم الاجتماع في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية.
وكانت بدايتها الفنية من خلال فرق "المسرح الجامعي"، وفرقة الإسكندرية المسرحية التي شاركت من خلالها بمسرحية "المرجيحة"، وانطلقت بعد ذلك من خلال فرق "التليفزيون المسرحية" منذ عام 1963، هكذا أشار الدكتور عمرو دوارة، إلى ذلك، فشاركت في بعض عروض فرق: "الكوميدي"، "الجيب"، "الحديث"، و"الحكيم"، ومن أشهر مسرحياتها خلال الستينيات بفرقة "المسرح الكوميدي"، وانضمت مع بداية السبعينيات لأسرة "مسرح الجيب" والذي أطلق عليه اسم "مسرح الطليعة" بعد ذلك.
تميزت بأداء الأدوار الاجتماعية البسيطة، باسلوب بعيد عن الابتزال والتصنع، وتألقت في تقديم الأدوار الكوميدية بصفة خاصة، فهي كوميديانة من الدرجة الأولى، ويتضح ذلك جليا من خلال أدوارها البديعة مع الفنان فؤاد المهندس، والذي ساهم كثيرا في نجاحها وتألقها وتحديد مكانتها، لدرجة أن مجموعة تعبيراتها اللاذعة "الإيفهات" بالمسرحيات، التي رسخت وعلقت بذاكرة الجمهور.
خاضت تجربة العمل كمذيعة مرتين، الأولى عبر شاشة دبي من خلال برنامج "على المكشوف"، والثانية في قناة النيل للمنوعات من خلال برنامج "سناء يونس دوت كوم،" كما أنها مع بدايات الألفية الجديدة أعلنت عن اضطرارها اعتزال العمل الفني لرفضها المشاركة في تلك الأعمال الهابطة التي تعرض عليها ولا تتناسب مع مكانتها الفنية، وبالفعل لم تشارك تقريبا خلال تلك الفترة سوى في خمسة أفلام حتى رحيلها.
مسرح سناء
منحها المسرح فرصة القيام ببعض أدوار البطولة المطلقة، لكنها لم تستطع خلال مسيرتها المسرحية اكتساب عضوية فرقة واحدة والارتباط بها، فاضطرت إلى التنقل بين عدد كبير من الفرق المسرحية، ومن أهم تلك الفرق التي صقلت موهبتها: "الجيب"، و"المسرح الكوميدي"، و"المدبوليزم"، و"الكوميدي المصرية".
ومن أهم الشخصيات الدرامية التي جسدتها بالمسرح: شخصية "فوزية" بمسرحية "سك على بناتك"، و"جانيت" بـ"روميو وجانيت"، و"مديرة ملجأ الأيتام" بـ"هالة حبيبتي"، و "نازك" شقيقة رئيس مجلس الإدارة العانس بـ"مع خالص تحياتي"، و"شفاعات" بـ"على بلاطة".
قدمت مع فرقة "المسرح الكوميدي" عروض: "حلمك يا شيخ علام" عام 1963، و"حالة حب" 1965، و"جوازة لازم تتم" 1998؛ ومع فرقة "المسرح الحديث": "سيد درويش، وإحترس من البوية" عام 1965؛ ومع فرقة "مسرح الجيب": "ليلى والمجنون" 1970، و"الغول" 1971، و"عازب و3 عوانس" 1972؛ ومع فرقة "مسرح الحكيم": "محاكمة عيلة ضبش" 1971؛ ومع فرقة "مسرح الطليعة": "روميو وجانيت" 1978، و"الأرنب الأسود" 1999؛ ومع "المسرح القومي": "بيت العوانس" 1991.
أما القطاع الخاص فقدمت مع فرقة "الكوميدي المصرية": "هاللو دوللي" 1972، و"سك على بناتك" 1980، و"هالة حبيبتي" 1985؛ ومع فرقة "المسرح الجديد": "عيب يا أنسة" 1974؛ ومع فرقة "المدبوليزم": "بنات العجمي" 1976، و"مع خالص تحياتي" 1979؛ ومع فرقة "أوسكار": "على بلاطة" 1993؛ ومع فرقة "المندوه": "فرح عديلة" 1995.
شاركت في العديد المسرحيات المصورة التي من بينها: "يا سلام على كده، وداعا أيها الفلس، شقة مشتركة" عام 1981، و"ماما عقيلة" 1982، و"الزوجة آخر من يعلم" 1985، و"دكتور مزيف" 1988، و"نصب واحتيال" 1989، و"ناس على الهوا" 1990، و"يكافيك شرها" 1994.
تعاونت من خلال مسرحياتها السابقة مع نخبة من المخرجين منهم: "محمد توفيق، وعبدالرحيم الزرقاني، وعبدالمنعم مدبولي، وجلال الشرقاوي، ومحمد عبدالعزيز، وحسن عبدالسلام، وأحمد زكي، والسيد راضي، وسمير العصفوري، وفؤاد المهندس، ومحمد صبحي، ومحمود الألفي، وهاني مطاوع، وعبدالغني زكي، ومجدي مجاهد، وشاكر عبداللطيف، وماهر عبدالحميد، وزغلول الصيفي، وشاكر خضير، وفاروق زكي، وعصام السيد، وناصر عبدالمنعم".
في السينما
منحتها السينما فرصة المشاركة بأداء بعض الأدوار الرئيسة والثانوية فيما يقرب من 50 فيلمًا منها: "إشاعة حب، واضراب الشحاتين، واحترسي من الرجال يا ماما، واستقالة عالمة ذرة، وحدوتة مصرية، وريا وسكينة، وآخر الرجال المحترمين، والطوفان، والجوع، والدنيا على جناح يمامة، والمجنون، وجيل آخر زمن، وأزواج في ورطة، وضحك ولعب وجد وحب، وحرب الفراولة، وليلة ساخنة، والمصير، والشرف، وجواز بقرار جمهوري، وقصاقيص العشاق، وأوعى وشك، وحرب أطاليا، وأحلام عمرنا..".
دراما
استفادت الدراما التلفزيونية من موهبتها وتميزها، فشاركت فيما يزيد عن 150 مسلسلا وسهرة تليفزيونية، تنوعت من خلالها أدوارها بين الميلودراما والتراجيديا وأيضا الكوميدية منها: "وهزمتني امرأة، ناس وناس (ج1،2)، الشك، المشهد الأخير، الجريمة، الشوارع الخلفية، فارس الأحلام، الكابتن جودة، البشاير، الزنكلوني، شارع المواردي (ج1و 2)، الوسية، رحلة أبو الوفا، ضمير أبلة حكمت، ألف ليلة وليلة، بوابة الحلواني (ج1)، سر الأرض، العائلة، الشراقي، من الذي، ليالي الحلمية (ج5)، صباح الورد، السيرة الهلالية (ج1)، مسلسليكا (سيت كوم)، العميل 1001، فوازير المناسبات.."، بالإضافة لعدد كبير من التمثيليات والسهرات تليفزيونية منها: "يوم سعيد ويوم تعيس، وفية، نوارة، كيد النساء، سي عطوة، الوريث، تحت الصفر، برنامج "حياتي"، الكابتن والوردة، الشقيقة، لقمة القاضي، جناب الست رضا، الخادمة، بسيوني تحت القبة، المخلوع، هكذا دواليك.."؛ كما ساهمت في إثراء الإذاعة المصرية ببعض الأعمال الدرامية المتميزة التي يصعب حصرها منها على سبيل المثال فقط مسلسل "هن وأخواتها".
عانس السينما المصرية
كان لها قصة حب كبيرة جمعتها مع الفنان العملاق محمود المليجي، فارتبطت به عاطفيا أثناء مشاركتهما سويا في مسلسل "ظلال السنين" عام 1964، حتى توطدت علاقتهما ونما الحب بينهما أثناء مشاركتهما معا ببطولة مسرحية "عيب يا آنسة" عام 1974، فقررا الارتباط وتتويج حبهما بالزواج، ولكنهما اتفقا معا على عدم إعلان زواجهما حفاظا على مشاعر زوجته الأولى الفنانة علوية جميل، التي كان يعشقها ولا يستطيع اخبارها بهذا الزواج، وظلت بالفعل على ذمته حتى وفاته، والتزمت "يونس" بوعدها له، وظلت حافظة للعهد حتى بعد وفاته لأكثر من 10 سنوات، ورفضت الاعلان عن زواجهما، كما رفضت الميراث منه احتراما لعهدها معه، ورضيت بالإبقاء على لقب "عانس السينما المصرية".