فى تراث الشعر العربى، منذ ما قبل الإسلام إلى نهاية العصر العباسى، كنوز وجواهر لا ينبغى للأجيال الجديدة أن تجهلها، نقدم كل يوم بيتا من عيون الشعر القديم، مصحوبا بإضاءة قليلة الكلمات، فى محاولة لتحقيق التواصل الضرورى والاستمتاع بعصير الحب والحكمة والموت.
- محمد بن سليمان التلمساني
- «ليت الليالى أحلاما تعود لنا
فربما قد شفى داءَ الهوى الحلمُ»
الحلم وحده كعبة المحرومين التعساء المعذبين فى جحيم الهجر والفقد والحسرة، أولئك الذين تحيطهم الكوابيس المفزعة، وينهشهم الواقع المتجهم بلا رحمة. ما أصعب التعايش مع معطياته والتوافق الذى يبدو سرابا مستحيلا، فلا أمل فى مراودة الخلاص إلا باستعادة الليالى السعيدة، والمراهنة أن تعود لتطل فى الحلم. عندئذ تتحول إلى دواء مسكّن، قد لا يزيل المرض الخطير المزمن ويقتلعه من الجذور العميقة المستقرة فى قيعان القلب، لكنه يبث السلوى ويمنح للمحارب فى فيافى الوجع استراحة قصيرة لالتقاط الأنفاس.
«ليت» فى صدارة البيت، بكل ما تحفل به من دلالات الأسى والحسرة، علامة على الأزمة التى لا تُطاق، والتطلع إلى بارقة أمل تقارب المستحيل، وهى إلى الوهم الجميل أقرب. لا يخلو الماضى المندثر من بهجة منعشة، يزداد الاحتياج إليها عندما تسود الظلمة ويهيمن الاكتئاب وتنغرز سيوف الوحدة والغربة فى قلب مرهق مثقل بأطنان من الألم، لا يجد من يحنو عليه ويرّبت مشفقا.
العواطف الرقيقة الجياشة تصنع بالضرورة شعرا سلسا قوامه الشجن الذى يغزو القلوب بلا عناء، وأى قارىء لبيت كهذا، فى كل زمان ومكان، يخلو من مشاعر كالتى تنتاب الشاعر العاشق، ولا تراوده أحلام مثل أحلامه؟.
البوابة لايت
مئة بيت من الشعر العربى عصير الحب.. محمد بن سليمان التلمساني
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق