على مائدة«البوابة نيوز» الثقافية خلال شهر رمضان، مثقفون وأدباء يتحدثون عن البدايات وكيف تكونت شخصية المثقف، ومدى تأثرهم بالأدب العربي والعالمي، ذكريات وطقوس المثقفين خلال الشهر المبارك، الدراما ومسلسلات رمضان من وجهة نظر المثقفين، ونصائح للجيل الجديد والشباب.. حوارات يومية على مدار الشهر؛ موعدنا اليوم مع حوار جديد من حوارات رمضان الثقافية مع الفنان التشكيلي رائد جلال، وإليكم نص الحوار:-
■ ما ذكرياتك فى رمضان؟
- نحن من الأجيال التى عاصرت ليالى رمضان التى كانت بها روحانية وصدق، حيث لم يكن موجود خلال تلك الأيام الانفتاح الإعلامى الموجود حاليا، والعولمة التى زادت بصورة ضخمة بسبب السوشيال ميديا، كنا من الأجيال التى عاصرت تليفزيون ماسبيرو القديم بقناتيه الأولى والثانية.
تربيت فى حى شعبى بمحافظة الإسماعيلية يطلق عليه اسم المحطة الجديدة فى شارع مكة تحديدا المشهور بأنه ما زال يحتفظ برونق شهر رمضان القديم، والناس به تتغنى بأغانى السمسمية والفطرة السليمة والمصداقية فى التعامل ولا توجد فوارق اجتماعية ضخمة مثلما يحدث الآن.
أتذكر فى شهر رمضان زمان بائع العرقسوس وبيع الزبادى فى الأوانى الفخار، جميع تلك الأحداث ربت لدى موروث ثقافى فى عمق محافظة الإسماعيلية، وظهرت تلك الأمور معى فى رسوماتى وتصميماتى فى الرسم على الأسوار حيث إننى متخصص فى الرسم الجرافيتى، ومنها رسم سور السكة الحديد حيث رسمنا عليه كل الموروثات الثقافية الإسماعيلية.
■ كيف كانت بدايتك مع الفن؟
- كان والدى الملقب شيخ الرسامين فى الإسماعيلية حيث نشأت على الألوان والفرش ومرسم والدى الذى كان يصيغ فيه لوحاته القديمة، وكان والدى من الرسامين الشعبيين الذين عاصروا فترة الحروب والهجرة، ويعبرون عن وطنيتهم عن طريق الرسوم الجدارية، وقبل والدى كان جدى رسام أيضا، والفن التشكيلى بالنسبة لنا فن فطرى والأساس لدينا الموهبة وليس الدراسة الأكاديمية، فهناك من يدرس القوانين وهناك من يصيغ القوانين ذلك الذى يملك الملكة الفطرية التى يولد بها، بدأت من الصغر محاكاة لوحات والدى ثم اكتسبت شخصيتى المستقلة بعيدا عن لوحات والدى فى تطور الفكر والتغييرات الحادثة.
قبل الدراسة عمل أبحاث فى الرسم عن الظل والنور والمساحات والتكوين اللونى، لأن تلك الأمور موهبة وملكة فطرية يمنحها الله لشخص معين.
■ من من الفنانين تأثرت بهم؟
- مع بدايتى مع الرسم كنت متأثرا بالمدرسة التأثيرية فى الرسم التى تأخذ من الواقع وتبدأ صياغة تأثير جديد وهو أساس الفن التشكيلى وهو نقل الواقع، تأثرت بعدد من الرسامين العالمين مثل الإيطالى دا فينشى، والنمساوى إرنست، حيث كانا هذين الرسامين يستطعان نقل الإحساس فى اللوحة وليس مجرد رسم مثل لوحة الموناليزا الذى نجح دافنشى من خلال وضع أكثر من إحساس فى اللوحة حيث عندما تنظر إليها للمرة الأولى تشعر بطيبتها بينما كلما تعمقت بها شعرت بمكرها، تلك المدرسة أعجبتنى وهى رسم أكثر من إحساس فى اللوحة الواحدة.
■ تنتمى إلى الأشراف.. ما علاقة الفن بالإشراف؟
- بمأ أننى من عائلة ينتمى نسبها إلى أهل البيت الأشراف حيث الصدق فى المشاعر والشفافية، فأثر ذلك على رسمى وأعد حاليا معرض رسومات تربط بين أهل البيت والرسم وأن يخدم الفن البشرية كرسالة إنسانية.
أحاول استرجاع الفطرة السليمة للمصريين التى كانت فى الماضى فى ظل الحروب الثقافية والمؤامرات الاجتماعية التى تواجه المجتمع المصرى خلال الفترة الراهنة. فالفن الحقيقى يستطيع تغيير السلوك الإنسانى إذا امتلك الصدق، واستمد من أهل البيت رمز الصدق فى رسوماتى، وجانب كبير جدا من الفنان التشكيلى يحب أن يختلى بنفسه نوعا ما ولكن ذلك ليس على المدى الطويل، لأن العزلة الدائمة لن تخلق فنانا تشكيليا حقيقيا وإنما يحتاج الفنان التشكيلى من وقت إلى آخر العزلة لاستعادة لياقته الفنية.
■ هل أنت راض على صورة الفنان التشكيلى فى السينما؟
- تعرضت صورة الفنان التشكيلى للإساءة فى السينما المصرية حيث دائما يظهر أنه إنسان غير جميل وغير نظيف، بينما الفن التشكيلى هو الجمال ومنه نستمد الجمال، والفنان التشكيلى مصدر من مصادر الجمال وهذه هى القاعدة، ونجد ذلك على مر التاريخ المصرى منذ قدماء المصريين على جدران المعابد المصرية القديمة.
■ مدرسة تقدير الجمال الروحى:
- أتخصص فى الإسماعيلية فى مدرسة رمزية خاصة وهى مدرسة تقدير الجمال الروحى، ومؤمن بأننا نحارب بالريشة والألوان. أتبنى فى الإسماعيلية مبادرة «الإسماعيلية أحلى» للرسوم الجدارية أسستها عام 2018 يتلوين وتجميل أسوار المحافظة وتعليم الأطفال الرسم والفن التشكيلى مما يرسم الفرحة على النشء الصغير ويزيد الانتماء لديهم للوطن.
أتمنى تعميم «مبادرة الإسماعيلية أحلى» للرسوم الجدارية على مستوى جميع محافظات جمهورية مصر العربية كلها، بمشاركة المتخصصين فى كل محافظة، واختيار الرسامين الموهبين فى المدارس لرسم رسومات جميلة على الجدران والأسوار لتزيين وتجميل المحافظات وتغييرها للأجمل.