أثار مرسوم الرئيس التونسي قيس سعيد، المتعلق بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، غضب حركة النهضة الإخوانية، وهو أمر طبيعي لما لخطوة الرئيس التونسي من أهمية تأتي في نفس مساره الإصلاحي الذي يقضي بتحرير الهيئات والمؤسسات المستقلة من سيطرة أو اختراق جماعة الإخوان في تونس.
ويقضي مرسوم الرئيس سعيد باستبدال أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بسبعة أعضاء جدد، ليحقق للهيئة استقلالها بعيدا عن اختراق حركة النهضة التي وضعت قانون الهيئة في ديسمبر من العام 2012.
وأكد الكاتب والمحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، أن مرسوم الرئيس يمثل خطورة كبيرة لكونه ضرب هيمنة طيف الإخوان المقنع علي الهيئة، وأن اختبار الهيئة الجديدة سيكون في أولى المحطات الانتخابية المقررة في شهر ديسمبر المقبل.
وقال "الجليدي" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز": يوم 22 أبريل 2022 سيبقى محفورا في الذاكرة السياسية للتونسيين كما بقي يوم 18 أبريل 2011، فالتاريخ الأول هو قبر الهيئة المستقلة للانتخابات بصيغتها القديمة القائمة على الانتخاب لأعضائها ورئيسها والتي كان لها شرف تنظيم أكثر من انتخابات ناجحة بشهادة الملاحظين الدوليين فضلا عن المحليين، أما التاريخ الثاني فهو ميلاد هذه الهيئة كأوّل هيئة من نوعها في العالم العربي وقد مثّلت فخرا لكل التونسيين رغم الهنات والنقائص التي اعترتها لكنها أنتجت لنا انتخابات أفضل من التي كانت تشرف عليها وزارة الداخلية مسبقًا.
ويتوقع الكاتب في الشأن السياسي، أن منصب رئيس الهيئة الجديدة يقترب من شخصية أستاذ القانون الدستوري محمد شفيق صرصار، رئيس الهيئة السابق الذي استقال في مايو من العام 2017، مُعلنًا أنه اضطر للاستقالة بعدما تأكد أن الخلاف الداخلي والدائر بين أعضاء الهيئة "يمس القيم والمبادئ التي تتأسس عليها الديمقراطية".
وأضاف "الجليدي"، أن المرسوم الجديد منح الرئيس صلاحيات كاملة من تعيين رئيسها من ضمن الرؤساء السابقين للهيئة والأقرب أنه سيكون أستاذ القانون الدستوري شفيق صرصار الذي استقال منها لاعتبارات كثيرة.
ولفت "الجليدي" إلى أن الشارع السياسي التونسي متخوف من الهيئة الجديدة، ويعتقد البعض أنها ستفقد مصداقيتها لأن تركيبتها لا يمكن أن تخضع للتعيين مهما كانت حسن نوايا ووطنية ونظافة يد المعيّن؛ لأن المشكلة ليست في تعيين الرئيس للهيئة، وإنما في المعيّنين أنفسهم الذين يصعب عليهم تحقيق استقلاليتهم.
يشار إلى أن حركة النهضة هاجمت مرسوم الرئيس، في بيان لها، وادعت أن الرئيس يتجاوز المكاسب الديمقراطية التي حققتها الثورة التونسية، متجاهلة أنها هي الحركة التي سيطرت على المشهد آنذاك واستغلت الفرصة، وهيمنت على المجالس والهيئات الرسمية للدولة.
ويكشف بيان الحركة الأخير، نواياها التخريبية ضد الدولة، فزعمت أن البرلمان المنحل اتخذ قرارا بإنهاء الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها رئيس الجمهورية بداية من قرارات الـ25 من يوليو، وذلك أثناء الجلسة الافتراضية التي استهدفت الانقلاب على شرعية الرئيس، ما دعا الأخير لاتخاذ قراره الحاسم بحل البرلمان وإحالة المشاركين في الجلسة الافتراضية إلى جهات التحقيق المختصة.