لا تزال الزيادة السكانية على رأس أولويات الدولة المصرية ضمن القضايا التي تعمل الدولة على الحد من مخاطرها وتداعياتها من أجل الحفاظ على جهود التنمية المبذولة خلال السنوات الأخيرة، ولعل هذا ما حذر منه الرئيس عبدالفتاح السيسي، على هامش لقاء مع مجموعة من الصحفيين والإعلاميين، وذلك بعد جولته التفقدية لمنطقة توشكى الخميس الماضي.
وقال الرئيس: "إننا مش هنشعر بالنمو واحنا بنشوف الزيادة السكانية دي، مصر زادت بعد 2011 أكثر من 20 مليونا ووصلنا اليوم لأكثر من 104 مليون مواطن، وهو ما لا يماثل حجم النمو في مصر، فلو لم نستطع ضبط النمو السكاني لن تشعروا بتحسن في النمو الاقتصادي".
36 توصية من الصحة لوقف الزيادة السكانية
وفي هذا الصدد، أحال مجلس الشيوخ قبل أيام تقريرا أعدته لجنة الصحة والسكان ومكتب لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي، لرئيس الجمهورية بشأن حل مشكلة الزيادة السكانية.
وتشمن تقرير "الصحة 36 توصية من شانها معالجة جذور القضية السكانية، ومن أبرزها إنشاء هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري طبقا لأحكام الدستور في الهيئات المستقلة، وتكون تابعة لرئيس الجمهورية تحت مسمى الهيئة القومية للسكان وتنمية الأسرة وتصدر بقانون.
إحصائيات مخيفة
وبحسب تقرير نشره الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، في فبراير 2020، فإن من ارتفاع أعداد السكان يؤثر بشكل حاد على الخدمات الصحية والتعليمية وقوة العمل، كما توقع أن يتضاعف عدد سكان مصر بعد 2050، مشيرا إلى أنه وفقا لمعدلات الإنجاب الحالية سيصل عدد سكان مصر إلى ١٩١.٣ مليون حتى عام ٢٠٥٢.
ووفقا للتقرير فإننا نحتاج في ظل وصول عدد السكان إلى ١٥٣.٧ مليون نسمة، عام ٢٠٥٢،إلى ٣٠٠٠ مستشفى و٣٤٥ ألف ممرض و٢٠٧ آلاف طبيب و٢١٣ سريرا،أما في ظل وصول عدد السكان لـ١٩١.٣ مليون عام ٢٠٥٢، فنحتاج إلى ٤ آلاف مستشفى و٤٢٩ ألف ممرض و٢٥٧ ألف طبيب و٢٦٥ سريرا مع مراعات أن عدد المستشفيات حاليا ٢٠٠٠ مستشفى.
حلول لعلاج المشكلة
وفي هذا الشأن، يقول الدكتور عاطف الشيتاني المقرر الأسبق للمجلس القومي للسكان، إن الدولة المصرية تتعامل مع أزمة القضية السكانية باهتمام كبير، نظرا لخطورتها الفعلية على جهود التنمية، ولعل الجهود التي اتخذتها مصر خلال السنوات القليلة الماضية بدأت تؤتي ثمارها وذلك ينعكس على انخفاض معدلالزيادة السكانية سنويا بحسب إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وأضاف الشيتاني في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" إن الوصول إلى أهداف مصر يتطلب تخطيط طويل الأمد، واستكمال الخطط السابقة حتى مع تغيير المسؤولين عن القضية السكانية، والتعامل مع القضية بكل أبعادها، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن مبادرة حياة كريمة قادرة على إحداث خطوة كبيرة في مكافحة الزيادة السكانية من خلال تمكين المرأة وزيادة الوعي لديها، والحد من نسب الأمية في بعض المحافظات مما يسهم في فهم خطورة القضية".
وتابع: "إحداث تغيير حقيقي في معدل الإنجاب يتطلب القضاء على الأمية بين النساء، وتوفير فرص عمل طويلة الأمد للفتيات الأمر الذي يسهم في خفض معدلالت الإنجاب العالية في مصر، والتي وصلت إلى أن كل 10 سيدات ينجبن 35 طفل، كما أنه من الواجب العمل على تغيير ثقافة المرأة المصرية التي تستهدف الإنجاب من أجل أن يساعد الأبناء الصغار في سد احتياجات المعيشة اليومية للأسرة".
العنصر البشري ثروة قومية
من جهته، عبر الدكتور شريف الدمرداش الخبير الاقتصادي، عن رفضه لفكرة الزيادة السكانية أزمة، وأكد أن مصر بحاجة لاستغلال هذه الزيادة بالطرق الصحيحة من خلال الاستفادة القصوى من العنصر البشري من أجل تحويل الزيادة السكانية إلى ثروة يمكن أن تستغلها الدولة في تحقيق التنمية".
وأضاف الدمرداش في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" إن مصر مطالبة باستغلال الثروة البشرية التي بحوزتها في خطط التنمية على غرار دول مثل الصين التي سخرت ثرواتها السكانية لتصبح ثاني أكبر الاقتصاديات حول العالم، بعدما تحولت من دولة استهلاكية إلى دولة منتجة وتمثل ركنا أساسيا في سلاسل الإمداد العالمية لمختلف السلع والخدمات في كل أسواق العالم.
ودعا "الدمرداش" إلى ضرورة العمل على إشراك العنصر البشري في الخطط الاقتصادية لتحقيق نهضة اقتصادية كبيرة قادرة على إدارة عجلة الإنتاج، وتأهيل الشباب من أجل امتلاك أيدي عاملة مدربة ومؤهلة وقادرة على مواكبة التطور التكنولوجي الذي يكتسح العالم أجمع.