السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الإسماعيلية.. ظواهر تحتاج معالجة سريعة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

اسمه هشام زكريا عمره أربعون عاما، مات لأن أكثر من صبي لا يتجاوز عمر الواحد منهم خمسة عشر عاما قد سخروا منه بإلقاء أكياس مليئة بالمياة عليه وهو جالس على مقهى بالإسماعيلية.
هكذا وببساطة يضيع العمر حتى يستمتع الصبية بقهقهات المنتصرون، ليست حالة فردية حتى نتجاوزها لنكتب مقالا عميقا عن ثقب الأوزون وحرب روسيا وأوكرانيا، ظاهرة الإنفلات واضحة لكل ذي عينين، تزيد وتنمو في المحافظات التي كانت مدنا حضارية ثم انهارت بفعل الهجرات والاقتصاد والفساد وصعود المنحط وسقوط الموهبة.
ما حدث في الإسماعيلية بوفاة البريء هشام زكريا لم يعد غريبا عنها، فهي المحافظة التي شهدت قطع الرأس في الشارع البحري وهي المحافظة التي شهدت تمترس بلطجية على سطح أحد العقارات وانهالوا بالبنادق الآلية على رؤوس أفراد الشرطة حتى  استشهد ضابطان كبار الرتبة، هي المحافظة التي يضرب فيها عريس عروسه أمام الكوافير يوم الزفاف، هي المحافظة التي لا يلتقي محافظها بأي رمز من رموز العمل العام بل ويسارع بمقاضاتهم إذا ما كتب أحدهم بوست على الفيسبوك ليس على هوى معالي الوزير المحافظ.
يبدو أنني غبت كثيرا عن المدينة حتى أنني أمشي غريبا تحت أبراجها السكنية التي تم تشييدها في شوارع ضيقة للغاية بالمخالفة للقانون، الإسماعيلية التي كانت منتجعا وملاذا آمنا لأبناء العاصمة ليقضوا بها سياحة اليوم الواحد، مستمتعين بالبحيرة وحدائق الملاحة وشاطىء القناة، صارت مدينة لها وجه عبوس لا يبتسم إلا لمخدر الشابو والبانجو وبواقي اللصوص.
صحيح أن النيابة العامة وجهت اتهام صحيح الوصف للأطفال الذين قتلوا هشام زكريا وقالت انه ضرب عمد أفضى إلى موت، ولكن العقل الثقافي في مدينتي يحاول أن يجد مخرجا سهلا لأسباب الجريمة ويقول أنها جاءت بسبب إهمال الأسرة، وبالرغم من الصحة الجزئية  لذلك السبب ولكنني أشير إلى أن هذه الأسر مشغولة بتدبير إيجار الشقة حيث تسجل الإسماعيلية الرقم المستفز في الإيجارات ومشغولة بتدبير تكاليف السناتر ومن ذهب إلى منطقة الخامسة سوف يرى بعينيه مافيا السناتر، الأسرة في الإسماعيلية شأنها شأن كل الأسر المصرية، قدمت التضحيات في 30 يونيو حتى أن مجموع تلك الأسر في الإسماعيلية استطاعوا كسر حظر التجول الذي حاول نظام الإخوان فرضة وكانت شرارة التقدم إلى الأمام ونجاح الثورة،
لم تفعل تلك الأسر مثلما فعلت أنا وزملائي على المقهى الذي نرتاده حيث نسجنا أحلام تماثيل رخام ع الترعة وأوبرا، هم فقط نسجوا أحلام الستر ولكن هشام زكريا مات فانفضح المستور وتلقوا السهام في صدورهم، هم الناجحون في حماية وطن الفاشلون في حماية أبنائهم الذين يقضون الآن الحبس على ذمة القضية.
بهذه السبيكة الدرامية نسأل ما العمل ؟ الإجابة ليست عندى ولا توجد وصفة جاهزة ولكن ما أعرفه أن في المدينة قبل أربعين عاما كانت تشابكات التنفيذي والشعبي لها اعتبارها وارتباط الأمني بالإنساني له وزنه، وتفريغ طاقات الصبية والشباب هدف أسمى للجميع سواء في أنشطة المدرسة الرياضية والموسيقية أو أنشطة الأندية الاجتماعية التي تبنت فكرة الأسر الشبابية ونشاطها الثقافي والإجتماعي، كان فريق الاسماعيلي ومدرسة الموهوبين به مفرخة لمواهب كروية جبارة، لن أقول دور الأحزاب لأنها بصراحة ليست أفضل حالا ولا أقل سوء مما نراه اليوم في المساحة المشتركة بين الدولة والأحزاب.
الإسماعيلية قنبلة موقوتة على حدود القاهرة هي الأقرب للعاصمة الإدارية والمجتمعات العمرانية الجديدة،  الإسماعيلية التي تضم مرفق عالمي مثل هيئة قناة السويس لا يجب أن تحتار في تصريف قمامتها ولا يموت فيها أب بسبب قهره وعدم استطاعته توظيف أبنائه، الإسماعيلية تحتاج  الكثير وأول ما تحتاجه هو باب مفتوح وأذن تستمع لمقترحات النجاة حتى لا يموت هشام زكريا من جديد.