على مائدة «البوابة نيوز» الثقافية خلال شهر رمضان، مثقفون وأدباء يتحدثون عن البدايات وكيف تكونت شخصية المثقف، ومدى تأثرهم بالأدب العربى والعالمى، ذكريات وطقوس المثقفين خلال الشهر المبارك، الدراما ومسلسلات رمضان من وجهة نظر المثقفين، ونصائح للجيل الجديد والشباب.. حوارات يومية على مدار الشهر. موعدنا اليوم مع حوار جديد من حوارات رمضان الثقافية مع الكاتب وائل لطفى، وإليكم نص الحوار
■ ما ذكرياتك فى رمضان؟
أهم ذكرياتى مع شهر رمضان كانت فى عمر الـ٦ سنوات قادما من بلد عربى خليجى، ورأيت لأول مرة زينة رمضان فى شوارع مصر فشعرت بحالة من السعادة والبهجة، شيئا لم يكن موجودا فى البلد العربى التي كنت بها، وشعرت وقتها أن مصر مختلفة، مصر لها طابع خاص جدا غير موجود فى أى مكان آخر فى العالم. أتذكر سنة ١٩٨٠ إعلانات ما قبل عرض المسلسل الرمضانى، حيث تنوه الطفلة فى الإعلان إلى عرض المسلسل، بالإضافة إلى العديد من الأعمال الفنية الرمضانية التى لا تنسى مثل فوازير نيللى، ومسلسل بابا عبده «أبنائى الأعزاء شكرا» بطولة الفنان الراحل عبدالمنعم مدبولى. ذكريات رمضان اندثرت حاليا تحت تأثير السوشيال ميديا، وتغير العادات وإيقاع العصر السريع، وأصبحت هناك حالة زحام من القنوات الفضائية والمسلسلات والإعلانات، وبالتالى قلت فرص لقاء الناس بعضهم البعض، والكنافة أح ملامح رمضان التى لا أنساها بطعمها المميز ومذاقها الرائع ونكهتها الطيبة، وتدميس الفول وعمل الزبادى فى المنزل خلال شهر رمضان من العادات المصرية المندثرة. كثرة الاعلانات جعلت المصريين شعبا استهلاكيا من المقام الأول، حيث ترى سيدات المنزل الأطعمة الجاهزة فتفضل المنتج الجاهز عن تحضيره بنفسها داخل منزلها.
■ هل قلة القنوات التليفزيونية قديمًا «ميزة» افتقدناها؟
- قلة القنوات التليفزيونية المصرية قديما حيث كانت تقتصر الشاشة الصغيرة على ٣ قنوات وتعرض مسلسلين فى رمضان فقط كانت ميزة حيث ارتبط ذلك العصر بفكرة المساواة فى التلقي الفكرى الإعلامى حيث كلنا نتلقى نفس المتلقى، واستمرت تلك الفكرة من أوائل الستينيات إلى نهاية الثمانينيات. حينما يتحد جميع المصريين حول مشاهدة عمل واحد مثل رأفت الهجان مثلا فإن ذلك الأمر يزيد من الوطنية والانتماء وحب المواطن لبلده، والتنوع الإعلامي له مميزات أيضا ولكن ليس بصورة أكبر.
■ كيف ترى الحى الشعبى في الدراما؟
ـ إظهار سكان الأحياء الشعبية بصورة سلبية دائما خلال السنوات الأخيرة فى الأعمال الرمضانية التليفزيونية شيء سيئ لأن تلك الأحياء أخرجت الكثير من العلماء والأدباء وأهل الفكر، ويجب عدم الإصرار على الشيء السيئ. أرى الحارة الشعبية المصرية الأصيلة فى كتابات أسامة أنور عكاشة، أرى الحارة فى ليالى الحلمية وأرابيسك، وذلك هو النموذج المصرى الحقيقى. تقديم صناع الدراما الحارة الشعبية بشكل مسيء فى أعمالهم هو أسلوب رخيص للفت النظر وشد الانتباه. تجربة القنوات المتعددة لها مميزات وعيوب، وعيوبها أكثر من مميزاتها، بالنسبة لنا كمصريين تأثرنا بالبعد التجارى للقنوات من برامج استهلاكية سواء دينيا أو غذائيا أو الإثارة فى برامج التوك شو، الإعلام المصرى تميز تحت إدارة الدولة بكفاءة المذيعين مثل أحمد سمير وسناء منصور وفريدة الزمر وبابا ماجد وملك إسماعيل، إعلاميين كبار أصحاب ثقافة كبيرة وأصحاب رسالة، وبعد رحيل هؤلاء لجأت القنوات الخاصة إلى عديمى الخبرة الذين لجأوا إلى برامج الإثارة والفتنة من أجل جلب المشاهدات وزيادة التفاعل.
■ حدثنا عن النشأة؟
- نشأت فى أسرة متدينة ووالدى كان قارئا جيدا حيث نشأ وتعلم خلال فترة الأربعينيات، حيث كان يمتلك مكتبة كبيرة بها العديد من الكتب المهمة التي قرأتها فى فترة بدايات القراءة، مثل كتاب «حياة محمد» للكاتب محمد حسين هيكل، ذلك الكتاب المهم والمتميز والذى ما زال يستشهد به الناس فى قضية «الإسراء والمعراج» وهو تاريخ لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسرحية للكاتب توفيق الحكيم. محمدحسين هيكل كان كاتبا ليبراليا يكتب فى الإسلام وكان وزيرا ورئيس مجلس نواب ورئيس تحرير ومن كبار مثقفى مصر، وكتب فى الإسلام مثله مثل عباس العقاد «العبقريات» وطه حسين «على هامش السيرة».
■ ماذا عن أهم الكتب؟
- قرأت كتابا مهما جدا للكاتب حسين أحمد أمين ابن المفكر أحمد أمين، اسمه «دليل المسلم الحزين إلى مقتضى السلوك فى القرن العشرين» وهو مجموعة مقالات وأبحاث عن تجديد الدين لم يلتفت إليه أحد، وتتحدث عن التراث بصورة نقدية، وكل ما يثار حاليا من قضايا دينية. وأول كتاب نشرته عام ٢٠٠٥ بعنوان «ظاهرة الدعاة الجدد» عن الشكل الجديد فى الدعوة بطرحى مجموعة من الافتراضات وقتها ثبت صحتها جميعا فيما بعد منها ارتباطهم بجماعة الإخوان وتأثرهم بالبروتستانتية الأمريكية، وحاز الكتاب جائزة الدولة التشجيعية سنة ٢٠٠٨، ثم طبعت ثانى كتبى سنة ٢٠١٧ وهو يعتبر الجزء الثانى عن الدعاة الجدد، ثم أخيرا كتاب «دعاة عصر السادات» الذى حاز جائزة الدولة للتفوق.
■ ماأمنيتك الثقافية؟
- أتمنى عودة المكتبة المتنقلة التى كانت عبارة عن سيارة كبيرة داخلها مكتبة تتنقل بين الشوارع لزيادة القراءة والوعى لدى الجميع، حيث تسمح بالقراءة والاستعارة، قرأت وقتها العديد من الكُتَّاب مثل يوسف إدريس ومحمد التابعى ومصطفى أمين. وصلاح حافظ رئيس تحرير جريدة روزاليوسف خلال فترة السبعينيات من أهم الصحفيين المصريين ولم ينل حقه، كان زميل الكاتب يوسف إدريس فى كلية الطب، ولا يقل عنه موهبة، ولكنه احترف الصحافة ورأس تحرير مجلة «آخر ساعة» وهو أستاذ عادل حمودة أستاذى فى روزاليوسف ولكنى لم ألتقيه فى أرض الواقع.