في مثل هذا اليوم، 21 رمضان، من سنة 1349 هجرية (1931 ميلادية)، ولدت في حي الحلمية الجديدة بمدينة عابدين الفنانة «شادية» لأم تركية وأب مصري، لتصبح فيما بعد أهم فنانة شاملة في تاريخ السينما المصرية.
«فاطمة أحمد كمال شاكر»، أو كما اشتهرت في أسرتها بـ«فتوش»، نشأت في قرية «أنشاص» بمحافظة الشرقية أثناء عمل والدها مهندسًا زراعيًا ومشرفًا على أراضي المزارع الملكية في القرية.
بدأت موهبتها في الغناء تظهر في «المدرسة الملكية» بأنشاص، وشكلت أول جمهور لها في مدرسة «شبرا للبنات» بعد أن انتقلت مع أسرتها إلى منطقة عابدين في القاهرة، وكان اهتمامها بالغناء سببًا في رسوبها المُتكرر.
موهبتها اللافتة، دفعت «خالتها» لتشجيعها على الاستمرار، رغم اعتراض والدها. لكن بمرور الوقت، أيقن الأب أن ابنته «غاوية فن» فبدأ هو الآخر في دعمها بتخصيص مدرس لتعليمها التواشيح، وآخر يعلمها العزف على «العود»، والأخير أوصلها بالمخرج «أحمد بدرخان» الذي وقع معها أول عقد لصالح شركته الناشئة «أفلام التاج» مُقابل 20 جنيها في الشهر.
في الفترة نفسها، لفتت صاحبة الـ15 سنة انتباه المخرج والمنتج «حلمي رفلة» الذي كان يبحث عن فتاة في دور فلاحة لبطولة أول فيلم من إخراجه وأول فيلم أيضًا من إنتاج «محمد فوزي»، فتعاقد معها ليظهر فيلم «العقل في أجازة» سنة 1947، وتحقق من خلاله شادية نجاحها الأول. و«شادية» هو الاسم الذي اختارته لنفسها، فأثناء زيارتها لإحدى صديقات والدتها في «أسبوع» ابنتها، اقترحت عليها الأخيرة الاسم الذي أطلقته على مولدتها الجديدة.. أعجبها الاسم، واختارته رفقيًا لمشوارها الفني.
اشتهرت شادية بأدوار «البنت الشقية» في مجموعة كبيرة من الأفلام، لكن في منتصف الخمسينيات، خلعت عباءة البنت الشقية وبدأت مرحلة النضوج السينمائي ببطولة مجموعة من الأفلام المهمة، فخلال مسيرتها في السينما كانت «شادية» بطلة لـ6 أفلام صُنفت ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية هي؛ شباب امرأة، واللص والكلاب، وشيء من الخوف، وميرامار لنجيب محفوظ، ومراتي مدير عام، والزوجة 13.
وعلى مستوى الغناء، حققت «شادية» نجاحًا كبيرًا بأغانيها القصيرة والخفيفة وبعض الأغاني الطويلة. وخلال تلك الرحلة تعاونت مع كبار الملحنين أمثال؛ محمد عبدالوهاب ومنير مراد ومحمود الشريف وبليغ حمدي. ومن أبرز أغنياتها؛ دبلة الخطوبة، وعين الشمس، ويا أسمراني اللون. كما قدمت، بعاطفة وإحساس، مجموعة مهمة من الأغاني الوطنية الخالدة في وجدان المصريين مثل «يا حبيبتي يا مصر» و«يا أم الصابرين» و«مصر اليوم في عيد».
كانت «شادية» تخشى الشاشة الصغيرة، فلم تقدم أعمالًا للتليفزيون، رغم أنها خاضت تجربة الوقوف على خشبة المسرح، وجهًا لوجه مع الجمهور، لمرة واحدة، بعد إصرار وتشجيع من المخرج «حسين كمال» في مسرحيتها الناجحة «ريا وسكينة سنة 1980». كما أنها قدمت مجموعة من المسلسلات الإذاعية منها؛ نحن لا نزرع الشوك.
وفي نوفمبر 2017 رحلت عن عالمنا «دلوعة السينما» عن عمر يناهز 86 سنة، بعد تعرضها لجلطة في المخ.