تغيرت الأوضاع في مصر بعد الأحداث التي مرت بها البلاد أواخر عام 1925، خاصة بعد اجتماع مجلس النواب بأمر الدستور في فندق الكونتيننتال، وتعددت مظاهر التقارب والائتلاف بين الأحزاب (الوفد والأحرار الدستوريين والحزب الوطني)، وكانت خطوة انعقاد البرلمان من تلقاء نفسه، هي الخطوة الأولى التي أدت إلى ذلك التحول، وتوقفت الصحف عن الطعن في الخصوم السياسيين بعدما كانت كل صحيفة تميل إلى حزب ما تكيل الاتهامات للمعارضين، وظهرت روح طيبة من الدعوة إلى التعاون القومي وتوحيد الصفوف، وتجلت هذه الروح أول ما تجلت في اجتماع 21 نوفمبر بالكونتيننتال.
ويقول المؤرخ عبدالرحمن الرافعي في الجزء الأول من كتابه «في أعقاب الثورة المصرية 1919»، أن سعد باشا زغلول أقام حفلة شاي في النادي السعدي يوم 11 ديسمبر 1925، ودعا إليها أعضاء الحزب الوطني والأحرار الدستوريين وألقى خطبة أيد فيها الروح الوطنية، وأكد أنه يسعى إلى توحيد الصفوف وتآلف الأحزاب، وأنه كان يأمل تنفيذ هذه الفكرة من بداية انعقاد برلمان 1925 في 23 مارس ولكن لم تكتمل لحل البرلمان في نفس اليوم.. وأشار الكاتب إلى أن هذه الحفلة كانت مظهرًا لاتحاد الكلمة وتآلف الأحزاب.
وأنشئت في يناير 1926 لجنة تنفيذية للأحزاب المؤتلفة لتنظيم الجهود المشتركة، ومثل حزب الوفد في اللجنة فتح الله بركات، علي الشمس، علوي الجزار، ويصا واصف، بينما مثل الحزب الوطني حافظ رمضان، أحمد لطفي، عبدالحميد سعيد، محمد زكي، وأحمد وجدي، ومثل حزب الأحرار الدستوريين محمد محمود، محمود عبدالرازق، حافظ عفيفي وأحمد عبدالغفار.
واتفقت الأحزاب المؤتلفة على إصدار قرار مشترك بمقاطعة الانتخابات في حالة إجرائها بقانون الانتخابات الجديد، وعقد مؤتمر وطني يضم شيوخ الأمة ونوابها لبحث ما وصلت إليه البلاد وتقرير ما هو مناسبًا للخروج من هذه الأزمات.
كما عقدت القوى السياسية اجتماعًا في 19 فبراير 1926، وبلغ عدد الحاضرين 1097 عضوًا من المجالس النيابية والهيئات المختلفة، كما سبقه اجتماع لأعضاء مجلس الشيوخ بالنادي السعدي كانت جميع المطالب تنادي بعودة الحياة الدستورية للبلاد، وأمام هذه المطالب أذعنت الحكومة وأصدرت مرسومًا في 22 فبراير من نفس العام بإجراء الانتخابات طبقًا لقانون الانتخابات المباشر الذى أقره برلمان 1924، على أن تجرى الانتخابات يوم 22 مايو 1926.
وبعد هذه الخطوات قامت الأحزاب بحسب ما يذكره الرافعي بالاتفاق على ألا تتنافس أو تتناحر في الانتخابات صونًا للوحدة وجمعًا للكلمة، ومنعًا لأسباب الفرقة والانقسام، وتم الاتفاق على توزيع الدوائر بين الأحزاب وأن يتعهد كل حزب بألا يرشح أحدًا من أعضائه في الدوائر التي خصصت لغيره، ونشرت الأحزاب بيانًا في 3 أبريل 1926 وتم تخصيص 160 دائرة للوفد، 145 دائرة للأحرار الدستوريين، 19 دوائر للحزب الوطني كما تم السماح له بمنافسة الوفد في 3 دوائر أخرى.
ويذكر الكاتب أن الحزب الوطني تم تخصيص دوائره وهي الخليفة في القاهرة، وقليوب في القليوبية، وسنهوا في الشرقية، ومحلة مرحوم وحصتها في الغربية، والسنطة وسخا والكفر الغربي والمعتمدية، وكذلك أولاد عمرو في قنا، بينما تخصص لحزب الأحرار الدستوريين، باب الشعرية والجمالية بالقاهرة، ومحرم بك بالإسكندرية ودمياط في دمياط، والبرادعة وخلوتها والمطرية في القليوبية، وفي الشرقية بردين والتلين وفاقوس، وفي المنوفية النعناعية وقويسنا وبركة السبع وبالتانون وتلا وطنوب وشوني، وفي الدقهلية كفر بدراوي القديم، وفي الغربية قطور وتطاي وفرسيس، وفي الجيزة نكلا وبشتيل وناهيا، وسنورس وسنهور البلية وأطسا في الفيوم، والحسانية وأطسا (حسن باشا) في المنيا وسمالوط وقلوصنا وبني مزار وأبو جرج صفانية، وفي أسيوط ملوي، الحواتكة، أبو تيج، بندر أسيوط، الغنايم، الواسطى، الداري، القوصية، وفي جرجا طهطا نقطة بوليس الخيام، وفي قنا دنفيق، وفي أسوان كوم أمبو.
بينما تقع بقية الدوائر في جميع أنحاء القطر لأعضاء حزب الوفد ومخصصة لترشحهم، ويجوز للحزب الوطني منافسة حزب الوفد في ثلاث دوائر وهم كفر داود ودفر الدوار ومركز المنصورة، ووقع على الاتفاق رؤساء الأحزاب الثلاثة، سعد زغلول عن الوفد ومحمد محمود عن الأحرار الدستوريين ومحمد حافظ رمضان عن الحزب الوطني.
وشهدت البلاد النزاهة في العملية الانتخابية، وفاز حزب الوفد بالأغلبية إذ فاز 165 وفديا، و29 من الأحرار الدستوريين و5 من الحزب الوطني، و10 مستقلين و5 اتحاديين.