تكشف الحضارة المصرية القديمة كل يوم عن سر جديد من أسرارها، ورغم ما يأتينا من جديد تظل المعلومات القديمة عن هبة النيل، راسخة في وجدان المصريين والعرب والعالم أجمع.
حينما كانت مصر دولة ذات حدود واضحة، ومعالم بارزة ونظام حكم قائم، ودستور وشرائع وأعراف ونُظم ري وزراعة وعمارة وتشييد وبناء، كان العالم يعيش تحت وطأة الجهل والحياة البدائية، ومن معالم عظمة مصر وتقدمها إضافة للعلوم السابقة الذكر، أنها عرفت الإله الواحد، وقدّسته بل وتقرّبت له وقدمت له القرابين، واتخذت مقدسًا من نبات أو طير أو حيوان واعتبرته رمزًا للخير الذي فاض به الرب على شعب مصر، بل ورفعت هذا المُقدس وأعلت من شأنه وبنت له المعابد ونقشت رموزه على جدران المعابد وأطلقت عليه لقب الإله.
لم يكن لقب الإله الذي أطلق على هذه المقدسات مقصود به الإله الأكبر خالق الكون، وإنما إله خاص بشأن معين من شئون الحياة، كالزراعة والخصوبة، والنيل، والهواء، كنوع من أنواع العرفان والشكر لهذا المُقدس وفق المعتقد المصري القديم.
خلال الشهر الفضيل تصحبكم "البوابة" في رحلة للتعرف على أشهر مقدسات مصر القديمة التي كان لها النصيب الأكبر لدى المصريين من التقديس والإجلال والاحترام.
المعبود "خبري" إله الشمس على شكل جعل "جعران "، وهو مظهر لشمس الصباح أو "الشمس المشرقة "، اى " الشمس التى تولد للوجود "، كان خبري مرتبطا بخنفساء الجعل لأنه يدفع كرات الروث في جميع أنحاء الأرض، وهو الفعل الذي اعتبره المصريون رمزا للقوى التي تحرك الشمس عبر السماء، كان خبري بالتالي إلها شمسياً.
كان المعبود "خبري " ممثلاً للخلق والبعث، وقد كان مرتبطاً تحديدا بشروق الشمس وأسطورة خلق العالم، وقد ربط المصريون بين اسمه والفعل"خبر" في اللغة المصرية القديمة والذي يعنى "تطوّر" أو "أتي إلى حيز الوجود".
يشير "خبري" إلى الجعران وهو تلك الحشرة التى رأى المصريون فيها تجسيداً له، نظراً للعادة الغريبة المرتبطة بهذه الحشرة، حيث يتحرك "الجعران" في الصباح الباكر دافعاً أمامه كرة من الروث، والتى ربط المصرى القديم بينها وبين قرص الشمس، وكأن المعبود يدفع قرص الشمس أمامه في السماء، وعادة ما تضع أنثى الجعران "الخنفساء" بيضها في كرة مماثلة.
صُور المعبود "خبري" في هيئة خنفساء الجعل، وإن كان في بعض لوحات المقابر الجنائزية وأوراق البردي، ثم تصويره كرجل مع رأس خنفساء أو خنفساء كاملة بدلاً عن رأسه، فهو يصور أيضاً على هيئة الجعل في المركب الشمسي الذي يرفع عاليا من قبل نون، تمائم الجعل "الخنفساء" التي استخدمها المصريون كمجوهرات وأختام كانت تمثل خبري.
لم يوجد عبادة مكرسة بالمعبود "خبري"، وكان مرؤوساً بشكل واضح لأكبر إله للشمس رع، وفي كثير من الأحيان، كان ينظر إلى خبري والإله الشمسي الآخر آتوم على أنهما مجرد تجليات مخلفة من رع: فقد كان خبري يمثل شمس الصباح، وكان رع الشمس في منتصف النهار، وكان آتوم الشمس في المساء.