الكوميديا نوع من أنواع التشخيص الجميل ذات طابع خاص، يجسد فيه الممثل شخوص معينة في صور وقوالب مرحه من صنع المفارقات، ينتج عنها عروض تُكتب بقصد التسلية في فصول سهلة تنهض على المفارقة والإفيهات الخالدة لصنع حالة من البهجة والسعادة للجمهور.
وتحت قبة المسرح تجتمع كافة أشكال الفنون، وخلال رحلته الطويلة وقف على خشبته مبكرا؛ مجموعة من الرائدات منذ مراحله الأولى وصولا اللحظة الحالية، قدمن تراثًا خالدًا سيبقى على مر الزمان.
اختص المؤرخ المسرحي د. عمرو دوارة "البوابة نيوز" بفصول لم تنشر بعد من موسوعته الجديدة "سيدات المسرح المصري"، التي تضم السيرة الذاتية والمسيرة المسرحية لـ150 رائدة، منذ بدايات المسرح الحديثة 1870 حتى 2020، والمصحوبة بصور نادرة سواء شخصية أو لعروضهن المسرحية، وقد نجحن في المساهمة بإبداعهن في إثراء مسيرة المسرح المصري.
وخلال أيام الشهر المبارك نستكمل نشر 30 حلقة للسيرة الذاتية لرائدات برعن في أداء الأدوار الكوميدية، بعدما قدمنا على مدار الأعوام الماضية عددا من السلاسل حول رائدات المسرح المصري.
بدأت ابنة مدينة الإسكندرية، الفنانة كوثر العسال "26 نوفمبر 1939 – 29 سبتمبر 2013" الحاصلة على شهادة التوجيهية ولم تكمل دراستها الجامعية، حياتها الفنية من خلال المسرح المدرسي والجامعي، حتى انضمت لفرقة "الإسكندرية القومية" في مرحلة بداياتها في نهاية خمسينيات وبداية ستينيات القرن العشرين.
وأخرج لهذه الفرقة كبار المخرجين وفي مقدمتهم الأساتذة: "نور الدمرداش، د.كمال عيد، ومحمد عبدالعزيز، وحسن عبد السلام"، والتي ضمت أيضا نخبة من الهواة الموهوبين الذين احترف أكثرهم الفن بعد ذلك منهم: "سميرة عبدالعزيز، وحيد سيف، وعثمان محمد علي، وعايدة حسن إسماعيل، ومحمد وفيق، وعادل أمين، ومحمود عبدالعزيز، ويوسف داود" هكذا أشار الدكتور عمرو دوارة، مضيفا أن نجاحها بإذاعة الإسكندرية شجعها على احتراف الفن والإستقرار بالقاهرة، خاصة بعدما انضمت في أوائل ستينيات القرن الماضي إلى فرق التليفزيون المسرحية - عند تأسيسها - وتحديدا فرقة "المسرح الكوميدي" عام 1962، والذي قدمت من خلاله بعض الأدوار المتميزة ببعض المسرحيات الناجحة ومن بينها على سبيل المثال: "حلمك يا شيخ علام، ومعروف الإسكافي" عام 1967، و"إزاي ده يحصل؟، وممنوع الضحك"، كما قدمت بعد ذلك بعض المسرحيات المتميزة أيضا بكبرى الفرق الخاصة.
بدأت العمل الفني في منتصف الستينيات، وقدمت العديد من الأفلام منذ ذلك الحين وحتى اعتزالها في العام 1996، فشاركت خلال مسيرتها الفنية بأداء بعض الأدوار الرئيسة في عدد كبير من الأعمال بمختلف القنوات الفنية سواء الإذاعة، والسينما، والمسرح، والتليفزيون، ومن أهم أدوارها التليفزيونية التي يتذكرها بها الجمهور دور زوجة الوزير السابق "رشوان توفيق" في مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي"، وكذلك أدوارها بمسلسلات: "القاهرة والناس، والمرشدي عنتر، وأحزان نوح".
تزوجت "كوثر" تقريبا من الفنان عبد المنعم إبراهيم، عقب وفاة زوجته الأولى، في العام 1968، واستمر لمدة 20 عاما حتى وفاته، وتزوجت بعد ذلك من ابن خالتها الفنان محمد وفيق في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وهو الزواج الذي وصفه الزوجان بالزواج السعيد، والذي استمر ما يقرب من 15 عامًا حتى وفاتها، ولم يمنحها الله فرصة الإنجاب في المرتين.
مسرح كوثر
قدمت مع فرقة "المسرح الكوميدي" عروض: "حكاية ماما، و3 مجانين عقلاء" عام 1963، و"حلمك يا شيخ علام" 1963، و"شارع البهلوان" 1964، و"معروف الإسكافي" 1967، و"إزاي ده يحصل؟ 1968، و"نجمة نص الليل" 1971، و"ممنوع الضحك" 1978؛ ومع فرقة "المسرح الحديث" عرضين "المصيدة" عام 1963، و"عالم علي بابا" في 1976.
أما القطاع الخاص، فقدمت مع فرقة "الهنيدي المسرحية" عرض "عبود عبده عبود" عام 1970؛ ومع فرقة "الفنانين المتحدين" مسرحية "العيال الطيبين" في 1972؛ إلى جانب المسرحيات المصورة، التي من بينها: "حلال المشاكل، والصغيرة، وثمانية في الهواء، والقضية رقم واحد" عام 1979، و"أدم 85، وتمانية على الهوا".
ومن خلال مسرحياتها السابقة فقد تعاونت مع نخبة من المخرجين الذين يمثلون أكثر من جيل ومن بينهم: "السيد بدير، وسعيد أبوبكر، وعبدالمنعم مدبولي، ونور الدمرداش، وكمال حسين، ومحمود السباع، وسعد أردش، وحسن عبدالسلام، والسيد راضي، وأحمد حلمي، وإبراهيم السيد، وعصام السيد، وعادل جلال".
في السينما
لم تمنحها السينما فرصة المشاركة بأدوار البطولة المطلقة، فظلت مشاركاتها بين الأدوار الثانوية وبعض المساعدة، ولذا فقد شاركت نسبيا في عدد قليل من الأفلام لم يتجاوز 20 فيلمًا، وإن كان يحسب لها برصيدها الفني مشاركتها بأدوار البطولة الثانية مع نخبة من كبار النجمات وفي مقدمتهن الفنانات: فاتن حمامة، وشادية، وماجدة، ونجلاء فتحي، وميرفت أمين. كانت أولى مشاركتها السينمائية بفيلم "امرأة في دوامة" عام 1962، للمخرج محمود ذوالفقار، ومن بطولة: شادية، وعماد حمدي، وأحمد رمزي"، في حين كانت آخر مشاركاتها السينمائية بفيلم "شفاه غليظة" عام 1992، للمخرج شريف يحيى، ومن بطولة: "سهير رمزي، وفاروق الفيشاوي، ومجدي وهبة".
ومن بين أفلامها: "شهيدة الحب الإلهي، ولعبة الحب والجواز، والحرام، وليلة واحدة، وصباح الخير يا زوجتي العزيزة، ونحن لا نزرع الشوك، وأنف وثلاث عيون، والسلم الخلفي، وامرأة للحب، ومين يقدر على عزيزة، وحافية على جسر الذهب، ومن أجل الحياة، والإرهاب، ومصيدة الحب والزواج".
دراما
أتاحت لها الدراما التليفزيونية تقديم بعض الأدوار المتنوعة والرئيسة فيما يزيد على 20 مسلسلا، بالإضافة لعدد من السهرات والتمثيليات التليفزيونية، ومن بين مسلسلاتها: "موعد مع الخوف، ومغامرات ميشو، وبنات الثانوية، وأشجان، والقاهرة والناس، والجريمة، وأوراق الورد، والمرشدي عنتر، وزهور من نور، وأحزان نوح، وأهل الطريق، وكوبري الأحلام، والمتهم البريء، ولن أعيش في جلباب أبي، والبرنسيسة"، كما شاركت أيضا في فوازير "ثلاثي أضواء المسرح" عام 1968، بالإضافة إلى مشاركاتها ببطولة السهرات والتمثيليات منها: "نعيشها آه نفهمها لأ، وفديت ولدي، ومع استعمال الرأفة، وعودة الربيع، والنظارة السحرية، وجمعية الرفق بالإنسان، والدليل، والحرمان، والخيط الأخضر، والرهان".
كما ساهمت في إثراء الإذاعة المصرية بعدد كبير من الأعمال الدرامية على مدار ما يقرب من 30 عامًا، والتي يصعب حصرها ولكن نذكر منها على سبيل المثال مسلسل "غربة الحب".
لا تربطها أي صلة قرابة بالشقيقتين الكاتبتين نجيبة، وفتحية العسال، وكذلك استثمر عددا كبيرا من المخرجين والمنتجين خاصة في مجال السينما، والدراما التليفزيونية نجاحها في تجسيد بعض أدوار الشر في مرحلة بداياتها الفنية، وهي تلك الأدوار التي برعت من خلالها في توظيف ملامحها الجادة وطبقات صوتها الحادة بصورة رائعة، فعملوا على حبسها في هذا الاطار ولم يفكروا في مغامرة الكشف عن مناطق أخرى من موهبتها وإمكانياتها.