عندما تكون علاقة الأم بوليدها تزيد عن كونها أما وهو ابنها وتأتى بصداقة وربما هى تعتبره أخيها الأصغر، وكذلك بادلها حسن شعور الأخوة فكانت بمثابة أخته أيضا وتشابكت حكايات الأم والصديقة والأخت مع وليدها وصديقها الصدوق وأخيها المدلل، حتى تنفسا معا وتفهم كل منهما الآخر دون أحاديث الكلام المسموع والمعهود، لم يخف عنها سرا ولم يفكر أبدا منفردا عنها سوى مرة وحيدة فى حياته، وكانت عند تخرجه فى الكلية الحربية وتقدمه برغبته الشديدة فى خدمة الوطن على أعتاب سيناء الحبيبة، تلك الحبيبة التى بدأت تنازع الأم الغيورة على وليدها حب حسن لها، وكان عليها أن تعى أن الوليد كبر واشتد عوده ودب حب آخر فى قلبه غير حبه لأمه، حب ربما جاوز مداه أمه التى تحولت عنده بكل صفاتها من أم وأخت كبرى وصديقة إلى الأم الصغرى فكانت الأم الكبرى هناك اسمها «سيناء»، ولأن الشهيد يحمل من الصفات التى حباها له خالقه التى تجعل من يتبنهاه ويحبه أن يصادقه وربما تكن هى أيضا أختا كبرى له حتى تخللت خلاياه فأخفى عن حبيبته الأولى «والدته» سر حبه الجديد القديم، ولم يفصح لوالدته الصغرى عن مجيئه وغدوه لحبيبته سيناء حتى احتضنته للأبد وألبسته رداء الشرف ولقبته بأنقى الألقاب وأطهرها هو الشهيد ملازم أول حسن محمد حسن قائد كمين النافورة برفح.
السيدة حنان والدة الشهيد حسن محمد تبكى كثيرا عليه وهى تحكى علاقتها بوليدها البكر: حسن ابنى الكبير وابن عمرى، يليه سيف الدين الذى أنهى تعليمه الجامعى، ثم ياسين وهو مازال بالتعليم الأساسى، كان حسن عمرى وحياتى، كنا مش مجرد أم وابنها، لا كنا أصحاب وإخوات وأصدقاء، كان عمرى كله، كان يعرف أنا عايزه إيه قبل ما لسانى يقول كلمة، واللى مصبرنى على فراقه إنه فى الجنة إن شاء الله، الله يرحمه ويصبر كل أم فقدت ضناها وعمرها».
وعن مراحل حياة الشهيد تحكى : «.. التحق بمدرسة الوفاء الإعدادى ومنها مدرسة يوسف السباعى الثانوية يشهد له مدرسوه وأصدقاؤه بأدبه وأخلاقه وتفوقه الدراسى، تخرج فى المدرسة الثانوية، ومرت السنوات سريعا وتخرج حسن فى الكلية الحربية ٢١/٧/٢٠١٦ وتم توزيعه للعمل فى سيناء، بناء على رغبته التى تقدم بها لإدارة سلاحه، وتحقق مطلبه بفضل ربنا، ولم أكن أعرف أنه فى سيناء، وكان مفهمنى أنه فى الإسماعيلية، بسلاح مشاة، وكان قائد كمين النافورة فى رفح، كان عامل شغل حلو وتفان فى أداء عمله بإخلاص للدرجة التى جعلت قادته يقولون له :» اهدى شوية يا حسن، أنت بقيت مطلوب بالاسم »، فقال لهم :» يا أنا يا هما يا أفندم، يا موتونى يا موتهم».
ويحكى لى زملاؤه بعد استشهاده عن شجاعته وبغضه الشديد لهؤلاء التكفيريين لدرجة أنه فى إحدى المداهمات على أوكار التكفيريين استطاع القبض على خمسة عناصر منهم وعلى لسان زملائه :» أنه كان رابط ٥ تكفيريين على المدرعة بالحبال وجاررهم وراه زى الخرفان»، والأمر ده وغيره من الأفعال التى كان يقوم بها بمنتهى الجرأة تجاه التكفيريين، حكى لى زميل ثانى لحسن :» أن التكفيريين ترصدوا الشهيد حسن من كتر شغله عليهم، ومواقفه وأعماله ذاع صيتها ببث الرعب فى نفوس التكفيريين حتى أنهم رصدوا ٨٠ ألف جنيه لقتله».
وعن حكاية استشهاد البطل أسد كمين النافورة تحكى والدته البطلة :» بعد رصد تحركاته وارتفاع مدى حقدهم على ابنى، وبالفعل تم تنفيذ مخطط للهجوم على كمين بعدد ٤ عربيات دفع رباعى، كى يدخلوا الكمين، ومنه للكتيبة، واستطاع البطل حينها ورجاله التصدى لهم، وبعد قتال مرير بين رجال كمين النافورة والتكفيريين، وتدمير سيارتين لهم وقتل عدد كبير منهم وعلى رأسهم قائدهم، واشتدت المعركة واضطر حسن لتأمين جنوده، والتعامل مع التكفيريين، وحافظ على كل جنوده وما أن هدأت المعركة وبدأ التكفيريين بالفرار استطاع قناصهم أن يرسل طلقته إلى وجه ابنى وأصابت فكه الأيمن وأدت إلى استشهاده فى حينها ربنا يرحمه ويرحم جميع شهداء الوطن».