الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الأخبار

وقف المقابر.. لا يُباع ولا يُوهب ولا يُورث

وقف المقابر
وقف المقابر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

وقفُ الأرضِ لتكونَ مقبرة لأمواتِ المسلمينَ يأتى ضمن تعددية الوقف ومِنْ أعظَمِهِ، وهذا من أعمالِ البرِّ والإحسانِ، وخاصةً عند قِلَّةِ الأراضى، أو غلاءِ أثمانها، فعن أبى هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال: (إذا مَاتَ الإنسانُ انقَطَعَ عنه عَمَلُهُ إلاَّ من ثلاثةٍ: صدَقةٍ جاريةٍ، أو عِلْمٍ يُنتفَعُ بهِ، أو ولَدٍ صالح يَدعُو له)، ولذا اتفقَ الفقهاءُ على جواز وقف الأرض لتكون مقبرة.
قال ابنُ قدامة: (الوقفُ لا يَصحُّ إلاَّ على مَن يُعرفُ، كولَده، وأقاربهِ، ورَجُلٍ مُعيَّنٍ، أو على برٍّ: كبناءِ المساجدِ، والقناطرِ، وكتبِ الفقهِ، والعلمِ، والقرآنِ، والمقابرِ، والسقاياتِ، وسبيلِ الله)[٢].
وقال النوويُّ: (إذا جَعَلَ داره مَسجداً، أو أرضه مقبرةً، أو بنى مدرسة، أو رباطاً، فلكلِّ أحدٍ أنْ يُصليَ ويعتكف فى المسجد، ويَدفنَ فى المقبرةِ، ويَسكن المدرسة بشرط الأهلية ويَنزل الرباط، وسواء فيه الواقف وغيره).
وجاء فى الفتاوى الهندية: (وحُكيَ عن الحاكمِ المعروفِ بمَهْرَوَيْهِ أنهُ قال: وَجَدْتُ فى النوادرِ عن أبى حنيفةَ رحمه الله تعالى: أنهُ أجَازَ وقفَ المقبرةِ، والطَّريقِ، كما أجازَ المسجدَ)[٤].
وإذا أُوقفت الأرض لتكون مقبرة فإن الوقفَ لا يعودُ ملكاً.
فيما قال ابن نجيم: (ولا يُملَكُ الوقفُ بإجماعِ الفقهاءِ، كما نقَلَهُ فى فتحِ القديرِ، ولقولهِ عليهِ السلامُ لعُمَرَ رضيَ اللهُ عنهُ: «تصدَّق بأصلها لا تُباعُ ولا تُورَثُ»[٥]، ولأنهُ باللُّزُومِ خرَجَ عن ملكِ الواقفِ).
كما أن الأصل فى الوقف أنه لا يُباع ولا يُوهب ولا يُورث، دلَّ على ذلك حديث ابن عمر رضى الله عنهما، والذى فيه أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه: أصَابَ أرْضًا بخَيْبَرَ، فأتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إنِّى أصَبْتُ أرْضًا بخَيْبَرَ لَم أُصِبْ مَالًا قَطُّ أنْفَسَ عِنْدِى مِنْهُ، فمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ: «إنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا». قَالَ: فتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ: أنَّهُ لا يُبَاعُ، ولا يُوهَبُ، ولا يُورَثُ. [رواه البخارى ومسلم]. وعلى ذلك فإذا وقفت الدولةُ أو البلديةُ أو أى شخصٍ آخر أرضًا للدفن؛ فإنها تكون وقفًا بمجرد ذلك؛ لأنَّ شرط الواقف مُعتبر فى الوقف، وإذا انضم إلى ذلك استعمالها مقبرةً فقد تأكدت وقفيتها مقبرة.
وبما أن هذه المقبرة تم الدفن فيها فعلًا، فالذى يراه المجلس هو عدم جواز استبدال أرض المقبرة، خاصة وأنه قد دُفن فيها بالفعل؛ لأنَّ الأرض إذا وقفت للدفن يجب أن تبقى مقصورةً لهذه الغاية إلى قيام الساعة، ولا يجوز أى تصرف فيها يُخرجها عن الغاية التى وُقفت لأجلها.