عززت الدولة المصرية من ثقة المؤسسات الدولية في أداء ومرونة الاقتصاد المصري، وقدرته على التكيف والصمود أمام التحديات الاقتصادية المختلفة التي فرضتها الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث دعمت المنهجية الاستباقية للدولة، من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي وما شمله من دعم للسياسات المالية والنقدية، من قدرتها على مواجهة تأثيرات تلك الأزمة على القطاعات الحيوية في الاقتصاد، وامتصاص الصدمات والمتغيرات الداخلية والخارجية المتلاحقة، ورفع قدرته على الاستجابة السريعة لها، فضلاً عن تمكين الدولة من اتخاذ الإجراءات اللازمة لتخفيف حدة الأزمة على المواطنين، وهو الأمر الذي كان له انعكاساته الإيجابية في دفع المؤسسات الدولية إلى الحفاظ على توقعاتها المتفائلة لمستقبل الاقتصاد المصري.
وفي هذا الصدد نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء تقريراً تضمن إنفوجرافات تسلط الضوء على الرسائل الدولية المطمئنة التي تعكس صلابة الاقتصاد المصري، وتشيد بتعامل مصر مع التحديات المختلفة التى تفرضها الأزمة الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي.
وأبرز التقرير رؤية البنك الدولي لتعامل مصر مع الأزمة، والذي أشار إلى أن العالم يواجه تداعيات وتحديات اقتصادية غير مسبوقة مع دخول جائحة كورونا عامها الثالث ونشوب الأزمة الروسية الأوكرانية، ارتفعت معها معدلات التضخم وأسعار الطاقة والغذاء إلى مستويات تاريخية.
وأكد البنك الدولي أيضاً، أن مصر اتخذت عدة إجراءات لمواجهة آثار الأزمة على رأسها تقديم حزم تمويلية للتخفيف من ارتفاع الأسعار من خلال زيادة الأجور والمعاشات، مضيفاً أن بعض القطاعات آخذة في التعافي كقطاعات استخراج الغاز وقناة السويس كما يواصل قطاعا الاتصالات والبناء دورهما كمساهمين مهمين في تحقيق النمو.
كما شدد البنك في الوقت نفسه على أن الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية أمر هام لخلق فرص عمل جديدة وتحسين مستويات المعيشة.
وتطرق التقرير إلى تأكيد البنك الدولي على أن توقعات معدل نمو الاقتصاد المصري لا تزال إيجابية رغم تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، مقارنة بتوقعات ما قبل الأزمة، حيث جاءت نتائج توقعات معدل النمو للعام المالي 2021 /2022 في كل من تقريري إبريل ويناير 2022 مسجلة 5.5%، مقابل نتائج توقعات تقرير أكتوبر 2021 والتي سجلت 5%.
وتوقع البنك وفقاً للتقرير أن تحقق البلدان المستوردة للنفط بالمنطقة نمواً بنسبة 4% لعام 2022، وهو ما يعززه النمو القوي المتوقع أن تحققه مصر، ومشيراً أيضاً إلى أنه مع التأثيرات المتوالية للأزمة، فمن المتوقع أن ينخفض معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 5% عام 2022 /2023 ولكنه سيظل أعلى معدل نمو بين أكبر اقتصادات المنطقة.
وبالإضافة لما سبق، فقد أكد البنك الدولي أيضاً، أن الزيادة الأخيرة بالنشاط الاقتصادي وضعت مصر على المسار الصحيح لتحقيق نمو يصل إلى 5.5% عام 2021 /2022، مشيداً بالجهود المتضافرة منذ عام 2016 جنبًا إلى جنب مع التدابير المتخذة في بداية جائحة كورونا وتوفير الدعم للقطاعات والتي مكنت البلاد من مواجهة الجائحة بمرونة.
وأشاد البنك بما نفذته مصر من إصلاحات عدة لتحقيق الاستقرار بالاقتصاد، فضلاً عن اتخاذ خطوات لتعزيز إدارة ملف الدين وتعزيز بيئة الأعمال وإصلاح قطاع الطاقة.
أما عن رؤية صندوق النقد الدولي لتعامل مصر مع الأزمة، فقد أشار إلى أن الأزمة في أوكرانيا مثلت تحديات كبيرة لجميع دول العالم بما فيها مصر، لما فرضته من تداعيات سريعة التغير مثلت حالة من عدم اليقين.
وأكد الصندوق، وفقاً للتقرير، أن مجموعة التدابير والسياسات الاقتصادية التي اتخذتها مصر من شأنها الحفاظ على آفاق النمو الاقتصادي على المدى المتوسط، موضحاً أن الإجراءات المتخذة شملت توسيع نطاق الحماية الاجتماعية وضمان مرونة سعر الصرف، وهي خطوات مرحب بها لامتصاص الصدمات الخارجية خلال ذلك الوقت المضطرب.
وألمح التقرير إلى رؤية الصندوق بأنه لا تزال هناك حاجة لاستمرار السياسات المالية والنقدية الحكيمة لمواصلة الحفاظ على استقرار الاقتصاد وتنفيذ برنامج يدعم النمو المستدام والتشغيل المستمر.
ومن جانبها رحبت المدير العام لصندوق النقد الدولي "كريستالينا جورجيفا" باستجابة مصر السريعة لتفادي تأثيرات الأزمة السلبية على ميزان المدفوعات وارتفاع أسعار أغلب المواد الغذائية.
كما أعربت المدير العام للصندوق عن أمنيتها بأن ترى مصر تحمي ما حققته خلال السنوات الأخيرة من تكوين احتياطيات كافية من النقد الأجنبي ومنح الثقة للمستثمرين، مشيرة إلى أن مصر قد تأثرت سلباً رغم الإصلاحات بالأزمة الروسية الأوكرانية لاعتمادها على الواردات من هاتين الدولتين، إلا أنها اتخذت إجراءات مناسبة للحد من تلك الضغوطات الخارجية.
وبدورها، أشارت فيتش إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية من شأنها أن تؤدي لزيادة الضغوط التضخمية على مستوى العالم والتأثير على تدفقات التجارة العالمية، كما تعتقد أن استجابة مصر السريعة لتلك التداعيات تبشر بالخير لمستقبل الاقتصاد المصري.
وأيضاً، أكدت فيتش أنه على الرغم من التأثيرات السلبية للأزمة على أسعار الطاقة والغذاء على مستوى دول المنطقة، تعتبر مصر دولة متميزة وسط هذه الاقتصادات لما لديها من عجز ضئيل جداً بالميزان التجارى البترولي.
أما الإيكونوميست فقد رأت أن البعد الأول للأزمة الأوكرانية والأكثر تأثيرًا على مصر هو أسعار القمح المرتفعة والتي تستدعي زيادة الإنفاق على الواردات، مشيرة في ذات الوقت إلى بُعد آخر للأزمة والمتمثل في ارتفاع أسعار الطاقة بصورة كبيرة، مما سيؤدى لزيادة عائدات صادرات الغاز المصري والتي من المحتمل أن تفوق تكاليف استيراد القمح.
وإلى جانب ما سبق توقعت مؤسسة جولدمان ساكس أن يكون لرفع سعر الفائدة انعكاسات إيجابية قوية على الاقتصاد المصري، وسيزيد من جاذبية السوق المصرية أمام المستثمرين الدوليين.