صدر حديثًا عن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت كتاب "الإيلاف الثقافي: جدل الشرق والغرب"، الكاتب التونسي عز الدين عناية.
يعالج عناية جملةً من القضايا ذات الصلة بموضوع الثقافة والمثقَّفين، من زوايا مختلفة، سواء في البلاد العربية أو في الغرب، وما يصحب ذلك من آمال معلَّقة على المثاقَفة، بقصد إيجاد مؤتلَف جامع. هذا وقد جاء تناوُلُ القضايا على شكل مواضيعَ مستقلّةٍ، يمكن قراءتها على نحو متّصل أو منفصِل، وإن آثر المؤلِف تجميعها تحت مُعَنوَنات شاملة تلتقي إجمالاً حول مسائل متقارِبة. فلا يتعّقب الكتاب قضايا التشوّفِ الثقافيّ نحو الغرب، أو معوِّقات الاستِعْرَاب الناشئ في الجامعات الغربية، أو مستلزَمات التعدّدية الثقافية داخل الاجتماع وما شابهها من قضايا، وِفقَ خطّة مترابطة ومنهجيّة؛ وإنّما يتناول تلك المسائل وغيرها بالنظر، ضمن مراجَعات لمنهج التناظر وتقفّي التحوّلات الجارية لدى الجانبين، العربيّ والغربيّ، بفعل ترابط الوقائع والمصائر.
وبوجهٍ عامّ، بقدرِ ما يسعى الكاتب إلى شرح طبيعة العلاقة السائدة بين ثقافتيْن، اِستناداً إلى تجربة معيشية في العالمين، العربيّ والغربيّ، ينشد كذلك تلمّس ملامح بديل يتلخّص في ما يُطلِق عليه الإيلاف الثقافيّ. فلا ينكر المؤلّف ما منحه إياه الغرب من تطهّر، ممّا كان يحمِله عنه من أوْهام، وبالقدر نفسه ممّا كان يُحَمِّله من أوْزار، وتلك من مزايا النظر للأشياء عن قرب.