الخوانك كلمة فارسية معناها بيت الأكل وتنطق بلفظ آخر يقال «الخوانق» خونقاه يعنى الموضع الذى يأكل فيه الملك، والخوانك نشأت فى الإسلامتقريبا القرن الرابع الهجرى، وأُسست لتخلى الصوفية فيها لعبادة الله«تعالى».
ولم تظهر الخوانق فى مصر، إلا فى القرن السادس الهجرى وكانتالعمارة الإسلامية قد بدأت ببناء المساجد والأربطة «المدارس والمصليات والخوانق والأسبلة والتكايا».
وهناك بعض الروايات تقول إن بداية ظهور الخانقاه كان فى مطلع القرنالثانى الهجرى، وأقيمت بمدينة الرملة بفلسطين، لكنها رواية غير مؤكدة،وهناك رأى آخر أنها وجدت فى القرن الخامس الهجرى، وأول منأسسها السلاجقة، ونالت اهتماما خاصا فى العهد الأيوبى، واستمرتتُؤدى دورها فى عهد المماليك، وبدأ يندثر ويتراجع دورها فى القرنالثامن الهجرى / الرابع عشر الميلادى.
ومن أقدم أمثلة الخانقاه فى مصر، هو خانقاه الجاشنكير، ويليها قدمًاخانقاه الفرافرة بحلب التى عُرفت بالرباط الناصرى والتى تأسست فىالعهد الأيوبى، وكان لتأسيسها أسباب أخرى ليس فقط تعليم الدين، علىسبيل المثال، ترسيخ أركان الدولة وشّد أزرها فى الجهاد ضد الإفرنجالصليبيين الذين احتلوا الأرض المقدسة، فلسطين، القدس، وبلاد الشامالأخرى وهددوا مصر والعالم الإسلامى منذ نهاية القرن الحادى عشر.
«الخانقة الصلاحية» أسسها صلاح الدين الأيوبى بالقدس عام ١٠٨٠م،وقد أوقف عليها أوقافاً كثيرة للإنفاق على نشاطاتها، ومن تلك الأوقافالتى أوقفت على الخانقاه الصلاحية، أراضى البقعة بظاهر القدس، بركةماملا بظاهر القدس أيضاً، الحمّام المعروف بالبطرك بالقدس والقبووالحوانيت المجاورة له وكذلك البركة المعروفة بالبطرك والمربّع الملاصق لها،جرت تعميرات وترميمات فى مبنى الخانقاه بناء على طلب المتولين سنة١٠٨٠م.
ومع التقدم فى الزمن، ظهرت طائفة يطلق عليها الدراويش، أدخلت بدعًالم تكن مألوفة سابقاً ولا تمت للإسلام بصلة على حد تعبير البعض. وفىالعهد العثمانى، خُصت التكايا بأوقاف كثيرة مما جعل الكثير من الناسيدخلون فى هذه التكايا والتمتع بما تقدمه الأوقاف من أكل ولباسوخيرات أخرى.
وفى هذا شابهت الرهبانيات التى كانت منتشرة فى أوروبا، وربماتسربت تلك الأساليب إلى الدولة العثمانية عن طريق تواجدهم فى جنوبأوروبا لنيشروها بعد ذلك فى سائر البلاد العثمانية.
وكان النصف الأول من القرن الخامس الهجرى / الحادى عشر الميلادى،فترة مهمة فى تاريخ الخانقاوات، حيث قام الصوفى أبوسعيد بن أبىالخير، بوضع نظام لأهل الخانقاوات يتكون من عشرة أحكام، وحسبرأى من جاء بعد أبى سعيد بان أبا سعيد هو أول من نظم الحياةالجماعية فى الخانقاوات. أما النصف الثانى من القرن الخامس الهجرىفقد شهد تحالفاً بين أهل الخانقاوات والسلطة السلجوقية الحاكمة فىتلك الفترة وبفضل ذلك التحالف انتشرت الخانقاوات خارج خراسان «فىالعراق وبلاد الشام»، كما استطاع أصحاب المذهب الحنفى التواؤموالتحالف مع هذه الحركة، وقد كان انتشار الخانقاه فى كثير من الأحيانيرتبط مع السياسات الروحية التى يلتزم بها الحكام وقد سار على دربالسلاجقة الأمراء والقادة الذين كانوا يتبعونهم فى بلاد الشام فى الربعالثالث من القرن الخامس الهجرى خاصة فى حلب ودمشق.