رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

كوميديانات الزمن الجميل|| نجوى سالم.. صانعة البهجة المسرحية

الفنانة نجوى سالم
الفنانة نجوى سالم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الكوميديا نوع من أنواع التشخيص الجميل ذات طابع خاص، يجسد فيه الممثل شخوص معينة في صور وقوالب مرحه من صنع المفارقات، ينتج عنها عروضا تُكتب بقصد التسلية في فصول سهلة تنهض على المفارقة والافيهات الخالدة لصنع حالة من البهجة والسعادة للجمهور.
وتحت قبة المسرح تجتمع كافة أشكال الفنون، وخلال رحلته الطويلة وقف على خشبته مبكرا؛ مجموعة من الرائدات منذ مراحله الأولى وصولا اللحظة الحالية، قدمن تراثًا خالدًا سيبقى على مر الزمان.
اختص المؤرخ المسرحي د. عمرو دوارة "البوابة نيوز" بفصول لم تنشر بعد من موسوعته الجديدة "سيدات المسرح المصري"، التي تضم السيرة الذاتية والمسيرة المسرحية لـ150 رائدة، منذ بدايات المسرح الحديثة 1870 حتى 2020، والمصحوبة بصور نادرة سواء شخصية أو لعروضهن المسرحية، وقد نجحن في المساهمة بإبداعهن في إثراء مسيرة المسرح المصري.
وخلال أيام الشهر المبارك نستكمل نشر 30 حلقة للسيرة الذاتية لرائدات برعن في أداء الأدوار الكوميدية، بعدما قدمنا على مدار الأعوام الماضية عدد من السلاسل حول رائدات المسرح المصري.

الفنانة نجوى سالم

تميزت ابنة محافظة القاهرة الفنانة نظيرة موسى شحاتة شالوم، "17 نوفمبر 1925 - 12 مارس 1988" المشهورة بـ"نجوى سالم"، بمهارتها في تجسيد عدة أنماط بصورة كوميدية محببة خاصة في المسرح منها: "الفتاة الطيبة الساذجة، الشابة الدلوعة، المرأة اللعوب"، وتعد إحدى الممثلات القلائل اللاتي تستطعن تحمل البطولات الكوميدية، فهي تنتمي إلى تلك المجموعة النادرة التي تضم بعض الفنانات الجميلات اللاتي يقع عليهن مسؤولية الإضحاك اعتمادا على كوميديا الموقف أو مهارتهن الشخصية منهم: "بديعة مصابني، رتيبة رشدي، سعاد حسين، نجوى سالم، خيرية أحمد، شويكار، سهير البابلي، ميمي جمال، نبيلة السيد، سناء يونس، سعاد نصر".

بدأت حياتها الفنية مع نهاية ثلاثينيات وبداية أربعينيات القرن الماضي، من خلال المسرح تحديدا فرقة "نجيب الريحانى"، التي تعد من أكبر وأشهر الفرق الكوميدية آنذاك، لعبت الصدفة دورا كبيرا في اتجاهها للتمثيل، فكان منزلها مجاورا لمكتب متعهد الحفلات المشهور "فيتسايون"، الذي أهدى ذات يوم لأسرتها "بون" مجاني لحضور إحدى عروض فرقة "الريحاني"، لمشاهدة مسرحية "حكاية كل يوم" التي يقوم ببطولتها "الريحاني"، وبمجرد انتهاءها، وبعد انبهارها بأضواء المسرح طلبت من "فيتسايون" وأصرت أن يقدمها لهذا الفنان، وقابلته وأخبرته بأنها معجبة وتعشق التمثيل، كما أخبرته برغبتها في الالتحاق بفرقته، ولكن "الريحاني" ضحك حينذاك ولم يأخذ الموضوع مأخذ الجد لحداثة عمرها وأخبرها بأنها ما تزال صغيرة، وكانت في الثالثة عشر من عمرها، لكنها لم تشعر باليأس بل واظبت على زيارة "الريحاني" كل أسبوع، حتى شعر بصدق رغبتها واصرارها فألحقها كهاوية بفرقته، وظلت تعمل بها عاما كاملا بلا أجر، حتى قرر لها مع بداية عامها الثاني بالفرقة مبلغ 4 جنيهات في الشهر، واختار لها الاسم الفني الذي اشتهرت به.

وكان أول ظهور لها على المسرح في مسرحية "إستنى بختك"، وظلت تلعب أدوارا صغيرة بفرقة "الريحاني" حتى لعبت الصدفة مرة آخرى دورا في منحها فرصة المشاركة بالبطولة المطلقة أمامه، ونجحت في أداء الدور بصورة رائعة، حتى أصبحت منذ ذلك اليوم إحدى نجمات الفرقة، ومن أشهر الأدوار التي قدمتها بفرقة "الريحاني" دور بنت "كوهين" فى مسرحية "حسن ومرقص وكوهين"، وتعد أحد التلاميذ النجباء بمدرسة رائد الكوميديا المصرية نجيب الريحاني التي أسعدها الحظ بالوقوف أمامه، فتأثرت به كثيرا.
وبعد وفاة "الريحاني" تركت الفرقة وعملت مع عدة فرق آخرى وكانت البداية بإنضمامها لفرقة "المسرح الكوميدي" إحدى فرق مسارح التلفزيون، وقدمت خلالها عدة مسرحيات ناجحة من أهمها: "أصل وصورة، لوكاندة الفردوس، إزاي ده يحصل".

فرقة "المسرح الساخر"
أسست "نجوى" فرقتها المسرحية تحت عنوان "المسرح الساخر" عام 1970، وهي الفرقة التي قدمت عروضها على مسرح "ليسيه الحرية" بباب اللوق، واستمرت لمدة ثلاث سنوات "1970 – 1973"، وهي: "موزة وثلاث سكاكين، وحاجة تلخبط، وصاحبة العصمة، وصديقي اللص، وممنوع لأقل من ثلاثين"، كما يحسب للفرقة منحها الفرصة لبعض الوجوه الجديدة الذين أصبحوا نجوما بعد ذلك منهم: "محمد صبحي، ومحمد نجم، ومحمد أبو الحسن، ومظهر أبو النجا، وحياة قنديل، وسهير توفيق"، إلى جانب إنتاج بعض المسرحيات المصورة.

جانب من إحدى مسرحياتها

مسرح نجوى
قدمت مع فرقة المسرح "الكوميدي" عروض: "أصل وصورة، وزيارة غرامية" عام 1963، و"جنان وسل ك ودكتور، ولوكاندة الفردوس" 1964، و"حركة ترقيات" 1965، و"إزاي ده يحصل" 1968، و"أربع مواقف مجنونة" 1971؛ ومع فرقة "الحكيم" مسرحية "شلة الأنس" 1964؛ ومع "الطليعة" عرض "سلك مقطوع" 1975.
أما القطاع الخاص، فقدمت مع فرقة "الريحاني" مسرحيات: "ما حدش واخد منها حاجة، والدنيا لما تضحك" عام 1960، و"الستات لبعضهم، والدنيا لما تضحك، والدلوعة" 1954، و"حسن ومرقص وكوهين، ويا ما كان في نفسي" 1960، و"استنى بختك، وخليني أتبحبح يوم، والستات ما يعرفوش يكدبوا" 1961، و"إلا خمسة، ولو كنت حليوة" 1962، و"ياريتني ما اتجوزت" 1963؛ ومع فرقة "المتحدين" عرض "البيجاما الحمراء" 1968؛ ومع فرقة "نجوم الكوميديا" حسن أبو داود مسرحية "شقة وخمسين مفتاح" 1969؛ ومع فرقة "المسرح الساخر" نجوى سالم عروض: "موزة وثلاث سكاكين" 1970، و"حاجة تلخبط" 1970، و"صاحبة العصمة" 1972، و"صديقي اللص، وممنوع لأقل من ثلاثين" 1973؛ ومع فرقة "الهنيدي" مسرحية "أنا آه أنا لأ" 1977.
تعاونت من خلال مسرحياتها السابقة مع نخبة من كبار المخرجين الذين يمثلون أكثر من جيل منهم: "فتوح نشاطي، نور الدمرداش، سعيد أبو بكر، كمال يس، محمود مرسي، عبدالمنعم مدبولي، السيد راضي، عادل خيري، أحمد حلمي، علي الغندور، أحمد طنطاوي، فهمي الخولي".

في السينما
ساهمت "نجوى" بأداء بعض الأدوار المساعدة والثانوية المؤثرة فيما يقرب من 25 فيلمًا خلال ربع قرن تقريبا في الفترة من 1942 إلى 1967 منها: "أحلام الشباب، غرام وانتقام، ليلى بنت الفقراء، 30 يوم في السجن، شمشون ولبلب، حسن ومرقص وكوهين، إسماعيل يس في دمشق، السبع بنات".
كما أثرت التليفزيون المصري بالعديد من برامج المنوعات والأعمال الدرامية التي يصعب حصرها منها: "مذكرات زوجة، وغارة زوجية، ولدي، والعابثة".

نجوى الإنسانة

وكان لها كثير من المواقف الإنسانية النبيلة مع زملائها منها على سبيل المثال مشاركتها في رعاية الفنان عبد الفتاح القصرى، ويحسب لها أنها الفنانة الوحيدة التي حضرت جنازته عام 1964، وبخلاف مساندتها لعدد من زملائها في بعض محنهم الشخصية، بالإضافة لدعوتها عدد كبير من مرضى المستشفيات الخيرية لمشاهدة المسرحيات التي تقدمها فرقتها، وكذلك تنظيمها لجولات فنية لتقديم عروض فرقتها ببعض المستشفيات بالأقاليم للترفيه عن مرضاها.
كما قدمت عدة عروض مع فرقتها على الجبهة في منطقة "قناة السويس" بعد نكسة 1967، وذلك للمشاركة في الترفيه على الجنود أثناء مرحلة "حرب الإستنزاف"، حتى منحت "درع الجهاد المقدس" تقديرا لدورها الوطني، وحرصت بعد نصر أكتوبر على توجيه الدعوة لمجموعات من أبطال الحرب وبعض الجرحي لمشاهدة مسرحيتها "ممنوع لأقل من 30"، وكانت تقف كل ليلة مع أعضاء فرقتها للمبادرة باستقبالهم بالزهور والتحية.