الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الأخبار

في ذكر وفاتها.. السيدة نفيسة رفضت الإفطار وهي صائمة أثناء احتضارها

مسجد السيدة نفيسة
مسجد السيدة نفيسة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

نفيسة بنت حسن الأنور بن زيد الأبلج بن الإمام الحسن بن الغمام علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين، وُلدت بمكة المكرمة في يوم الأربعاء الحادي عشر من شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين ومائة من الهجرة النبوية، وقد فرحت أمها بمولودتها، ومما زاد في سرور الحسن الأنور أنها قريبة الشبه بأخته السيدة نفيسة بنت زيد رضي الله عنها، وهي التي تزوج بها الخليفة الوليد بن عبد الملك.

كانت نشأتها في وسط يزخر بالعلماء والعبّاد والزهّاد فقرأت القرآن وحفظته، ودرست العلم ووعته، وسمعت مسائل الحديث والفقه ففهمتها، وعندما اقتربت من سن الزواج وبلغته تهافت عليها خيرة شباب قريش وكان أشدهم حرصًا عليها إسحق بن جعفر الصادق وهو الذي كان يُلقّب بين أقرانه، ويُعرف بين الناس بإسحق "المؤتمن" لكثرة أمانته وقوة إيمانه ودينه، ولم يكن هذا الشاب بغريب عنها فهو ابن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حجت 30 حجة أدت معظمها وهي سائرة على الأقدام، وكانت فيها تتعلق بأستار الكعبة وتقول: "إلهي وسيدي ومولاي متعني وفرحني برضاك عني، ولا تسبب لي سببًا يحجبك عني"، وتقص زينب ابنة أخيها يحيى المتوج طرفًا من حياة عمتها فتقول: خدمت عمتي نفيسة أربعين سنة فما رأيتها نامت الليل ولا أفطرت بنهار إلا في الأعياد فقلت لها أما ترفقين بنفسك فقالت كيف أرفق بنفسي وأمامي عقبات لا يقطعها إلا الفائزون.

وأضافت زينب: كانت عمتي تأكل في كل ثلاثة أيام أكلة واحدة، وكان للسيدة نفيسة رضي الله عنها من زوجها "إسحاق المؤتمن بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب" ولدان هما "القاسم وأم كلثوم"، وقد جاءت إلى مصر مع زوجها وأبيها وابنها وبنتها وكان عمر السيدة نفيسة 48 سنة وكان قدومها يوم السبت الموافق 26 من رمضان عام 193 هجرية لزيارة من كان بمصر من آل البيت بعد أن زارت بيت المقدس وقبر الخليل، ولما علم الناس في مصر بنبأ قدومها خرجوا لاستقبالها في مدينة العريش أعظم استقبال ثم صحبوها إلى القاهرة.
أحبها أهل مصر حبًا جمًا وكانوا يعتقدون في كرامتها فإذا نزل بهم أمر جاءوا إليها يسألونها الدعاء فتدعو لهم وأجرى الله على يديها شفاء المرضى والعجزة فسميت بأم العواجز، وأقبلوا عليها يلتمسون منها العلم حتى كادوا يشغلونها عما اعتادت عليه من عبادات، ففكر زوجها أن يرحلا إلى الحجاز ولكنها قالت له: لا أستطيع ذلك لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وقال لي لا ترحلي من مصر فإن الله تبارك وتعالى متوفيك بها.

ووهبها والي مصر "عبد الله بن السري بن الحكم" داره الكبرى بدرب السباع وحدد لزيارتها يومي السبت والأربعاء من كل أسبوع، وكان يتردد على السيدة نفيسة أئمة الفقه الإسلامي وكبار العلماء فقد زارها الإمام الشافعي وبصحبته والي مصر وقال لها من وراء حجاب: أدعي لي فدعت له، وأوصى أن تصلي عليه ولما توفي أدخلت جنازته إليها وصلت عليه في دارها وقالت: رحم الله الشافعي فقد كان يحسن الوضوء.

 في مثل هذه الساعات.. 

ويقول الدكتور علي الجمال، إمام وخطيب مسجد السيدة زينب في تصريح له اليوم عبر حسابه الرسمي علي موقع "فيس بوك"صعدت الروح النفيسة إلى بارئها لما اشتد المرض على السيدة نفيسة في رجب 208هـ وأقعدها عن الحركة احتضرت وهي صائمة فى رمضان فطلب الطبيب منها الفطر فقالت:  وا عجباه لي منذ ثلاثين سنة أسأل الله أن ألقاه وأنا صائمة وأفطر الآن، هذا لا يكون، ونظرت إلى من حولها وقالت:

أصرفوا عني طبيبي                 ودعـــــوني وحبيــــبي

زاد شـــــوقي إليــــه                وغرامــــي في لهـــــيب

طاب هتكي في هواه               بيـــــن واش ورقـــــيب

لا أبالـــــي بفـــــوات                حيث قد صــار مصيبي

جسدي راض بسقمي               وجفـــــونى بنحيـــــبي

ثم راحت تقرأ بخشوع من سورة "الأنعام"، فلما وصلت إلى قوله تعالى: (لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فغُشى عليها، وكان وراء ستار لها قبر محفور، فأشارت إليه، وقالت: هذا قبري وها  هنا أُدفن إن شاء الله  فإذا متُّ فأدخلوني فيها، وكانت قد حفرته بيدها، وكانت تنزل فيه وتصلي كثيرًا، ويقال: أنها ختمت فيه القرآن عشرات المرات وهي تبكي بكاءً شديدًا.

 توفيت في مصر في ١٥ رمضان سنة 208هـ عن عمر 63 سنة ونال المصريون 15سنة شرف جوارها، ودفنت في (قبرها) الذي (حفرته في بيتها)  بالقاهرة، ومقامها الشريف هو الوحيد الذي لا خلاف عليه، وأراد زوجها نقلها بعد موتها إلى المدينة ودفنها في البقيع، فسأله أهل مصر تركها عندهم  وبذلوا له مالاً كثيراً  فلم يرض فرأى النبي في المنام، فقال له: «يا إسحق لا تعارض أهل مصر في نفيسة فإن الرحمة تنزل عليهم ببركتها».

وعن ستنا النفيسة نفيسة أنشدوا: 

 بنفسها قد حفرت قبرها ***** حال الحياة يالها حافرة 

تتلو كتاب الله في لحدها *** وهى لمن قد زارها ناظرة

 حجت ثلاثين على رجلها ***** صائمة عن أكلها قاصرة

 كانت تصلى وتقوم الدجى ** دوماً على أقدامها ساهرة