الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ما عفريت إلا بني آدم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ومازلنا مع أيام الشهر الكريم  وحبس الشياطين، عدا بالطبع شياطين الإنس:

ما عفريت إلا بني آدم واوعي تقلق من التخريف

ده اللي  يسلّم عقله لحاوي يبقى تقولي عليه يالطيف

خد بالك يا ابن آدم وإياك تعيشها عبيط

شياطين الإنس إقوى من أي جني حويط

(من كلمات للشاعرالغنائى  سامح فرج).

العفريت (والجمع عفاريت) هو نوع فائق القوة من الجن/ديمون موجود في الأساطير الإسلامية. وغالبًا هو مرتبط بالعالم السفلي كما إنَّه مُتَمَاهَى مع أرواح الموتى، وقد شاع في الثقافة الأوروبية بأنَّ له صلة بالأماكن التي تحفل بالشَّر. وفي الفولكلور اللاحق، تطوروا إلى كينونات مستقلة، عُرفت على أنها شياطين قوية أو على أنهم أرواح الموتى الذين يسكنون أحيانًا في أماكن مقفرة مثل الأطلال والمعابد. وإنَّ موطنهم الحقيقي هو العالم السفلي (ويكبيديا الموسوعة الحرة).

وتستخدم كلمة عفريت للدلالة على شخصيات معينة غالبا ما تكون خرافية أو خيالية وأحيانا يمكن أن تذكر كشخصيات حقيقية لها وجودها في عالمنا وموضوع خرافية أو حقيقة وجودهم تتعلق عادة بمعتقدات الشعوب وطريقة تفكيرهم أو عقيدتهم وما ورثوه من أسلافهم. وقد تم ذكر العفاريت في كثير من القصص والحكايات الشعبية والأساطير المختلفة والتراث المتناقل بين الأجيال كما وتم ذكرهم في كثير من الأديان. وقد تنوعت شخصيات العفاريت وأشكالها فمنهم من هو طيب وخير ومنهم من هو شرير وخبيث. وبالنسبة لأشكالهم فتارة يتم ذكرهم على أنهم ذوي وجه حسن وتارة بأنهم ذوي وجه قبيح منهم الطويل جدا ومنهم القصير جدا بعضهم يشبه البشر وبعضهم الآخر يشبه أو فيه خصلة من أحد الحيوانات وكثير منهم قادر على تحويل أشكاله وصوته. ويعود هذا الاختلاف والتنوع في شخصياتهم وأشكالهم إلى طبيعة دورهم الذي يلعبونه في القصة المحكية عنهم وهكذا فعندما يتم ذكرهم على أنهم سيئون غالبا ما يتم تصويرهم على أنهم قبيحون والعكس بالعكس.

والعفريت كان وما زال له مكانة هامة في النتاج الأدبي والفلكلوري للشعوب فهو يظهر في القصص المحكية وفي الأفلام السينمائية وأفلام الكرتون وألعاب الفيديو كما وأن شخصيته تم تجسيدها في الكثير من المسرحيات.

يأتي الاسم عفريت من الجذر الثلاثي (ع - ف - ر) ويجمع على عفاريت أو عفاري ومعنى الكلمة:

الخبيث - الماكر - الداهية - الداهي الخبيث الشرير - الشديد القوي - المتشيطن وأيضا يأتي معنى عرف الديك.

و تستعمل الكلمة في العربية المعاصرة بمعنى المبالغة سواء بالحركة أو بالدهاء والمُكر بالإضافة إلى استعمالها للدلالة على العفريت بمعناه القصصي.

نظرا لتعدد القصص والحكايات التي تتحدث عن العفاريت في مختلف أنحاء العالم فقد أدى ذلك إلى تنوع أيضا في الكلمات الدالة على العفاريت سواء في القصص العربية أو في قصص الشعوب الأخرى. ويمكن لكل الكلمات التالية أن تكون دالة على كلمة عفريت بمعناها القصصي:عفريت - مارد - جني - الساحر - المخلوق الصغير - القزم - الطّيف - الخيال - الظل - السواد - الشبح – الشيطان

ومن موقع وزارة الثقافة تكتب أسماء عبد الهادي:

"الشبح، العفريت، الجن، النداهة، الغول، وحش".. كل هذه المسميات وغيرها يتداولها المصريون، ليس في حكاياتهم الشعبية والخرافية الموروثة فقط، ولكن في مواقفهم اليومية وتنادوا بها فيما بينهم بها كألقاب، وقد تستخدم إحدى الكلمات للتعبير عن موقفين متناقضين فمثلًا "عفريت" استخدمت للشخص الذي أنجز شيئًا ما بشكل محنك "الشاطر"، وقد تستخدم على آخر مثير للمشاكل "الشقاوة".

وكعادة المصريين تميزت القصص الشعبية بالبساطة رغم توغلها الخرافي سواء في الأساطير أو الشخصيات الخيالية وساعدت طبيعة المصري العاطفية على تصديق هذه الحكايات الوهمية، 

وتتنوع المعتقدات الخرافية الشعبية للمجتمع المصري فنجد الخرافات الدينية التي تتمثل في الأضرحة والموالي وزيارتها لقضاء الحاجة، وهناك خرافات اجتماعية كالخرافات المرتبطة بالزواج والعنوسة والإنجاب والموت والحسد وغيرها الكثير المرتبط بفكر المصريين.

كما تنوعت حكايات الأبطال الخرافية الشعبية المصرية وأشهرها جنية البحر والنداهة وامنا الغولة وابو سبع رجلين وغيرها.

أما العفاريت فوصل الاعتقاد بها إلى حد الإيمان وكانت تأخذ أشكالا مختلفة كالقط الأسود، وعادة تقيم العفاريت في الأماكن المهجورة والتي تعرض أصحابها لحوادث كالقتل والحرق والانتحار، فأصبحت أرواحهم معلقة.

ومن اشهر الخرافات الحديثة "عمارة العفاريت" بالإسكندرية.

العمارة تقع في حي رشدي بالإسكندرية، وفي واحد من أهم شوارع المدينة، وهو شارع أبو قير، وصارت عنونا للأساطير، فلا تحتاج للذهاب إلى هناك سوى أن تقول لسائق تاكسي أريد الذهاب إلى ''عمارة العفاريت''.

تداول السكندريون حكايات وأساطير تدور حول (عمارة العفاريت) وتعود بعضها لأيام مالكها الاصلى (الخواجة اليونانى)، الذى غرق مع عدد من أبنائه فى رحلة صيد بعد انتهاء بنائها وقبل أن يسكنها، مما دفع أرملته لبيعها والهجرة من مصر، ومن وقتها توالت الحكايات المرعبة عن العمارة، وترددت شائعات كثيرة، وانتشرت قصة عن زوجين سكنا الدور الأول فى العمارة، وفى اليوم التالى تم العثور على جثتيهما ملطخة بالدماء خارج المبنى.. وكذا قصة عن زوجين سكنا العمارة وفى اليوم ذاته خرجا إلى الشارع يصرخان، بعد أن وجدا جدران الشقة ملطخة بالدماء».

وبعدها كانت الحقيقة "ما عفريت إلا بني آدم" وهذا البنى آدم كان صاحب العمارة، وهو من أطلق شائعة «عمارة العفاريت»، وساهم فى رواجها بين المجتمع السكندرى، بعد خلافات مع حى شرق الإسكندرية، الذى رفض تعديل التراخيص الخاصة بالعقار من غرض سكنى الى فندق سياحى، مما أوصل الأمور إلى ترك العقار بمثابة «خيال مآتة» نحو 70 عامًا، قبل أن يقتحم العمارة شباب انتفاضة 25 يناير  لتنتهى معها حدوتة الجن والعفاريت إلى الأبد.

المعمارى عمرو حبيب قال لـ«المصرى اليوم» الثلاثاء 23-11-2021: «أرض العقار تم بيعها عبر مزاد علنى من قبل محافظة الإسكندرية ممثلة فى حى شرق، واشتراها احد الاشخاص واستخرج تراخيص البناء، (أرضى و11 طابقا)، وبعد ان وصل بالتنفيذ حتى الطابق السادس،  فكر فى تغيير النشاط من سكنى إلى فندقى، وهو ما قوبل بالرفض من قبل الحى، واستمر النزاع قائما بين الطرفين ».

«خلال تلك الفترة، حصل المالك على قرض من أحد البنوك بالإنشاء ورفع دعاوى قضائية ضد الحى وتراكمت عليه الديون والفوائد ولم يتمكن من السداد، وقرر رهن العقار لعدم التمكن من سداد المديونيات، وهنا لجأ صاحب العقار إلى حيلة ماكرة وهى إطلاق شائعة أن العقار مسكون بالعفاريت حتى لا يستطيع أحد دخوله أو شراءه، ليتمكن من حل النزاع مع الورثة الحقيقيين، ولم يستكمل بناء العقار وتركه كما هو».

وتابع: «بعد شراء العقار من قبل شركته، قرر تعديل الرسومات وإضافة مظاهر هندسية ومعمارية وطراز عالمى للشكل العام للعمارة لتغيير شكلها، فلم يكن متوفرا بها مظاهر للحياة أو مرافق أو تشطيبات أو نوافذ؛ فقرر إعادة تأهيل العقار واستكماله ليصل إلى أرضى و11 طابقا، وتعديل التصميم الداخلى مع الاحتفاظ بالشكل القديم للعمارة، وكذلك الاحتفاظ بعمودين من الجرانيت فى مدخلها»، مشيرا إلى أن العمارة جرى تسكينها بالكامل، (60% من الشقق)، والباقى مشغول بعملاء جدد، وباتت لعنة العفاريت مجرد أضحوكة يتندر بها السكان، لدرجة أننا أطلقنا عليها عمارة «الجن والعفاريت».

ولله فى خلقه ملاك وأحياء وعفاريت، كل سنة وانتم طيبين.