قبل أيام انطلق موسم حصاد القمح المحلي في مصر، ولعل هذا الموسم يعد موسما استثنائيا في ظل ما تواجهه مصر من تحديات نتيجة للأزمة التي تواجه أسواق القمح العالمية، بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مما تسبب في ارتفاع أسعاره إلى أعلى مستوى منذ عام ٢٠٠٨، في ظل سيطرة روسيا وأوكرانيا على ٢٥ ٪ من سوق القمح العالمي.
وكانت مصر سباقة في توفير المحصول الاستراتيجي حيث سعت قبل 5 سنوات إلى تأمين إمدادات القمح من خلال إطلاق أكبر مشروع قومي لإقامة صوامع الغلال، لزيادة قدرات التخزين بأحدث المواصفات العالمية التكنولوجية في ذلك المجال، مما أدى إلى ارتفاع مستوى الاحتياطي الاستراتيجي من القمح إلى ٤ أشهر حاليًا.
وبعد أن نجحت في تحسين مستويات تخزين القمح، عملت مصر على تنويع مصادر استيراده من ١٦ دولة، وعدم الاعتماد على دولة واحدة في توريد القمح، قد تزامن مع إطلاق الدولة أكبر المشروعات القومية لزيادة مساحات زراعة القمح، من خلال مشروعات "مستقبل مصر" و"توشكى" و"شرق العوينات"، مما أدى إلى ارتفاع مساحات زراعة القمح بحجم يقترب من المليون فدان خلال السنوات الخمس الماضية، سعيًا نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من ذلك المحصول الاستراتيجي خلال السنوات المقبلة.
توريد القمح المحلي
ومطلع الأسبوع الماضي، قال مجلس الوزراء في بيان له إن منظومة توريد القمح خلال الموسم الحالي تتضمن العديد من التسهيلات للمزارعين، ويتمثل أبرزها في الدفع الفوري للمزارعين نظير شراء محصول القمح خلال 48 ساعة فقط من تسليم الأقماح وبعد الانتهاء من الفرز والفحص، بزيادة قدرها 100 جنيه للإردب عن الموسم الماضي، فضلًا عن منح حافز إضافي استثنائي للتوريد والنقل للموسم الحالي بقيمة 65 جنيهًا، ليصبح إجمالي الزيادة 165 جنيهًا، إلى جانب تقريب نقاط الاستلام من المزارعين عن طريق مشاركة الجمعيات التعاونية الزراعية مع مديريات التموين في استلام المحصول من المزارعين، بما يوفر عليهم الوقت والجهد والتكاليف.
وفي سياق متصل، اتخذت الدولة العديد من الإجراءات لضمان نجاح موسم توريد القمح المحلي، والتي يتمثل أبرزها في تجهيز غرفة عمليات مركزية بالوزارة، والتي تضم في عضويتها ممثلين من قطاع الرقابة والتوزيع بالوزارة وهيئة السلع التموينية ومباحث التموين وعضوا من الجهات المسوقة للعمل على مدار الساعة لحل المشاكل وتذليل أي عقبات أمام المزارعين، إلى جانب تخصيص 450 لجنة لاستلام القمح والقيام بعمليات الوزن والفحص لتحديد درجة النظافة والرطوبة، على أن يبدأ العمل في نقاط استلام الأقماح من الساعة الثامنة صباحًا حتى الخامسة مساءً خلال شهر رمضان المبارك، مع الالتزام بتطبيق الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا.
الهند مصدر جديد لتوريد القمح
وكان وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السيد القصير، قد أعلن أمس اعتماد دولة الهند كدولة منشأ لاستيراد القمح وفقا للتقرير الذي تلقاه من الدكتور أحمد العطار رئيس الحجر الزراعي المصري، ويأتي ذلك في اطار جهود الدولة المتواصلة لفتح مناشئ جديدة وتأمين واردات مصر من القمح كسلعة استراتيجيه.
من جهته غرد وزير التجارة الهندي، شري بيوش غويال، عبر "تويتر" قائلا: "إن بلاده مستعدة لبدء تصدير القمح إلى مصر، ومصر اعتمدت الهند كمورد للقمح، نحن على استعداد لبدء تصدير القمح إلى مصر".
وفي هذا الشأن، قال الدكتور محمد القرش، المتحدث باسم وزارة الزراعة، إن مصر حريصة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية، بالإضافة إلى تأمين توريد الاحتياجات من المحاصيل التي تواجه فيها نقص وعلى راسها القمح.
وأضاف القرش لـ"البوابة نيوز" إن الدولة المصرية تضع المواطن على قمة أولوياتها، من خلال توفير احتياجات المواطن، وزيادة إنتاجية القمح من خلال زيادة المساحة المزروعة وزيادة إنتاجية الفدان، وذلك في إطار خطتها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحصول الاستراتيجي.
وتابع: "مصر كانت حريصة على تنويع مصادر توريد القمح لذلك عملت فتح علاقات التبادل التجاري في القطاع الزراعي مع 12 بلدًا معتمدا لإضافة مصادر جديدة لتوريد القمح".
من جهته، قال الدكتور محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي، إن مصر تتعامل مع القضايا الكبرى بوعي كبير وذلك اتضح خلال السنوات الماضية، وبما أن توفير القمح الذي يعد المكون الأساسي لرغيف الخبر أمرًا مهما عملت مصر على وضع خطة لزيادة المخزون الاستراتيجي من القمح.
وأضاف البهواشي في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" إن خطط وجهود مصر اتضحت مع بداية أزمة كورونا، وفي الوقت الذي عانت منه سلاسل الإنتاج، كان المخزون الاستراتيجي لمصر يكفيها لفترات طويلة بفضل التوسع في صوامع الغلال".
وتابع: " مصر تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية، لذلك تعمل مصر على تنويع مصادر توريد الاحتياجات الأساسية، واتضح ذلك من خلال تعميق التعاون مع الهند".