أكد الدكتور مجدي عاشور، أن شهر رمضان هو شهر الجهاد الأكبر ومجاهدة النفس الأمارة بالسوء وتدريب النفس على الطاعة لا طاعة النفس وهو شهر تصفد فيه نماردة الشياطين أو كبارهم.
وأوضح ـ خلال لقائه اليوم في الحلقة الخامسة العاشرة من حلقات برنامج " آيات محكمات" والذي نتناول فيه قبس من أنوار القرآن الكريم في شهر القرآن، والذي تقدمه وكالة أنباء الشرق الأوسط "أ ش أ" على النشرة العامة ومواقع السوشيال ميديا عن جهاد النفس وتصفيد الشياطين وكيفية الوصول إلى المرتبة العليا مع النفس، حيث الرسول صلى الله عليه وسلم: رجعتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر. قالوا وما الجهاد الأكبر يا رسول الله. قال صلى الله عليه وسلم جهاد النفس ـ أن الشياطين تصفد في شهر رمضان بدليل عدم انتشار الجريمة في الشهر الكريم كغيره من الأشهر والأيام.
وأضاف عاشور، أن الأبحاث العلمية للمراكز البحثية الاجتماعية والجنائية تؤكد تراجع نسب الجريمة في شهر رمضان، كما ترد على من يقول كيف تصفد الشياطين وهناك جرائم تقع في رمضان. ونحن نقول لهم مادامت الدنيا قائمة فالمعاصي واقعة ولكن بنسب بسيطة تختلف عمل يقع في غير رمضان، ولأن المكان الوحيد الذي لا معاصي فيه هو الجنة وعند الملائكة. لماذا ل، الجواب هو قوله تعالى " لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ".
وتابع قائلا: سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذا الشهر الكريم: (أقبل عليكم رمضان شهر ترفع فيه الأعمال وتضاعف فيه الحسنات وتصفد فيه الشياطين وفي رواية أخرى مردة الشياطين) وهنا يحمل المطلق على المقيد مثلما يقول الفقهاء ز بمعنى آخر تصفد وتقيد مردة الشياطين. لافتا إلى أن مردة الشياطين ـ الشقية أو كبار الشياطين ـ والشياطين الصغيرين يكونوا غير مقيدين. بمعنى آخر وكما يقول العلماء حملوا المطلق شياطين على المقيد الذي هو مردة ومن ثم يتضح أن الذي يصفد ويقيد ويرتبط هم الشياطين الكبار وأن صغار الشياطين هم من يوقعون الناس في المعاصي.
وأردف قائلا: ولهذا نجد الناس تتراجع في رمضان عن فعل المنكرات وارتكاب الكبائر ويكون لديها خوف وخشية من الله عز وجل، وهذا يبين لنا أن الشياطين الكبار التي تجعله يرتكب الفواحش أو الكبائر تكون مربوطة. وبالإضافة إلى ذلك وبجانب صغار الشياطين نجد النفس البشرية الأمارة بالسوء حيث تحرض الانسان على المعاصي. نعم النفس التي بين جنبي الإنسان تحرضه بجانب صغار الشياطين على المعصية وتوسوس له بأن يفعل المعصية والسوء قال تعالى "إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ". وهنا لما نقول النفس أمارة بالسوء لأنها بتأمر الإنسان بكده. ولهذا نقول إن شهر رمضان هو شهر الجهاد لأن الصيام يجعل الانسان فيه يجاهد نفسه ويمنعها عن ارتكاب المعاصي والآثام.
وأشار عاشور إلى أن المجاهدة في رمضان ليست هينة أو بسيطة ولذلك ثوابها عظيم. لماذا لنك في نهار رمضان تمنع نفسك عما كان مباحا لك في غيره. بمعنى أنك تجاهد نفسك التي تريد أن تأكل وتشرب أو يريد أن يأتي بشيء كبيرا كان مباحا في غير رمضان وأصبح القيام به معصية والعياذ بالله فيجاهد نفسه، ومن يقول العارفين والعلماء. انظر إلى حلاوة رمضان وشاهد كيف يدربك على مجاهدة النفس ليس ضد المعصية فقط ولكن ضد الشيء كان مباحا لك قبل الفجر وبعد الفجر يصبح الأمر غير مباح لك سواء الأكل والشرب والمفطرات. مضيفا هنا يدرب الإنسان نفسه ويعلمها لكي يخرج من شهر رمضان لكي يتحكم في نفسه وفي الدنيا ولا تتحكم فيه الدنيا أو نفسه وهذا هو فارق بين أهل الطاعة وأهل المعصية فارق بين الإنسان الذي سار على الصراط المستقيم والإنسان المنحرف.
وقال عاشور، إن الإنسان المنحرف هو من تلعب به نفسه واتبع هواه من صدق فيه قول الحق تبارك وتعالى "وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا "وهو عكس من خالف نفسه وجاهدها وصابر وامتثل لأمر الله عز وجل "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ"، لافتا إلى ما ذكره الإمام البوصيري رضي الله عنه في البردة (وَخَالِفِ النَّفْسَ وَالشَّيْطَانَ وَاعْصِـهِـمَا وَإِنْ هُمَا مَحَّضَاكَ النُّصْحَ فَـــــــــاتَّهِمِ)، ومن ثم ليس الشيطان هو من يحرض على ارتكاب المعاصي وإنما أيضا النفس ولهذا يقوا يقول سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم إن الجهاد الأصغر هو جهاد العدو لأنه واضح أمام الانسان. الانسان منا يعرفه ويعرفه قدرته وأبعاده. أما الجهاد الأكبر فهو جهاد النفس التي يحبها الانسان وتريده أن يأكل ويشرب وتزين له المعصية ولهذا عندما يجاهدها الانسان فهو يجاهد شيء خفي ليس ظاهرًا يجاهد نزواته ورغباته وشهواته وتطلعاته فكان شهر رمضان هدية جميلة لأنه يهذب النفس ويعلم الانسان كيفية التحكم فيها وليس هي ما تتحكم فيه.