الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تحولات صناعة المحتوى في بيئة المنصات المتعددة؟ «101»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أدت البيئة الاعلامية الجديدة إلى التراجع عن المنجز الديمقراطي الكبير المتمثل في تعزيز ما هو عام ومشترك والذي رسخته الصحافة عبر مسيرتها الطويلة من خلال الإعلام العام والذي يسمح بتداول واسع للأفكار والآراء المختلفة والمتعارضة ومناقشتها بشكل علني، حيث كان الصحفي يقوم بمهمة تجميع القراء حول الأحداث والأخبار والآراء التي يجمعها وينتقيها ويرتبها وفق متطلبات مهنية تساهم في صياغتها اعتبارات أدبية وأخلاقية في حين تحولت إلى مجموعة من الفضاءات الخاصة بالمجموعة البشرية التي تشترك في متابعة موضوع معين على شبكات التواصل الاجتماعي أو تتقاسم الفضاء التدويني ذاته.

وتتم عملیة التحریر في المؤسسات الصحفية وفق خطوات متسلسلة یمكن اختصارھا في التخطیط لتغطیة الخبر المتوقع، ویتم ذلك من خلال تحدید محاور الخبر ونقاطه الرئیسیة، وجمع الخلفیات المتعلقة به وجمع المعلومات من المصادر المختلفة المتاحة الرسمیة وغیر الرسمیة، البشریة والوثائقیة، ثم اختیار البناء الفني للخبر الصحفي: أي تحدید القالب الإخباري المخطط لاعتماده (المعتدل - المعكوس - المعكوس المتدرج...) وتحدید المضامین المصورة ( الفوتوغرافیة أو الفیدیو أو حتى الرسوم الیدویة التعبیریة والتوضیحیة والساخرة ) المناسبة للخبر،  ومن بعدھا مراجعة وتقییم المادة الصحفیة المكتوبة أو المصورة وتحدید مدى صلاحیتھا للنشر من قبل المحرر المسؤول، أو غیره حسب خط سیر النص الصحفي داخل الوسیلة المعنیة بالنشر لیتم بعد ذلك تحریر النص الصحفي وإخضاعه للمراجعة والتقییم النھائیین وتحدید أولویات النشر على ضوء ما یفرضه الخط الافتتاحي للمؤسسة الإعلامیة..

غیر أن التغیرات الكبیرة والتحولات العمیقة التي تعرفھا البیئة الإعلامیة یجعل ھذه المراحل الكلاسیكیة الخاصة بصناعة الأخبار تقلیدا مھنیا غیر قادر على الصمود بفعل مشاركة المستخدمین وغیاب المنطق المؤسساتي في صناعة الخبر (إعلام المواطن )، ولعل أبرز مظاھر التغییر ھو الترتیب ذاته ففي حین یمر الخبر بمختلف عملیات التصحیح والتنقیح قبل عملیة النشر عملا بقاعدة "الفلترة قبل النشر" فإن إجراءات الفلترة في البیئة الإعلامیة الجدیدة تؤجل إلى ما بعد النشر والبث، كما أن تدعیم النص الصحفي بالصور والمعلومات تتم أیضا بعد النشر بفعل مشاركة فاعلین متعددین.

كما تغير شكل إنتاج المضامین عما سبق، بحیث أصبحت تُنشر مشفوعة بالوسائط المتعددة ضمن مزیج وسائطي یجمع بین النص والصوت والصورة، ولعل أبرز تجلیات التغیر في المضمون الإعلامي یكمن في بناء النص الصحفي الذي لم یعد قائما على أحادیة الرؤیة بسبب أحادیة المتكلم المحرر، بل أصبح متعدد الرؤى بفعل تكنولوجیا النص الفائق HyperText، التي تفتح أمام القارئ نوافذ متعددة للنظر إلى الأحداث عن طریق وصل النص الصحفي بالوثائق والوسائط والمواقع والصفحات التي تحمل وجھات نظر ورؤى متنوعة ومختلفة إذ یساھم النص المتشعب في تعمیق أزمة السردیة الصحفیة التقلیدیة. 

و عليه فإن النص الصحفي بات یتخذ مسارات جدیدة للوصول إلى المتلقین عبر ما یوفره المستخدمون المنتجون كالمدونین ونشطاء الشبكات الاجتماعیة من روابط، للمصادر الأصلیة للمحتویات والمضامین الإعلامیة مشبعة بتعلیقاتھم وأفكارھم، وھو ما ساھم في تجدید آلیات التلقي عبر إعادة تشكیل أفعال القراءة والمشاھدة، إذ تعكس تكنولوجیا النص الفائق خصائص التلقي الإیجابي للمستخدمین اللذین استقبلوا نصوصا إعلامیة وأعادوا إنتاج محتویاتھا عبر مسارات لا یمكن التنبؤ باتجاھاتها.

للتواصل:

علي التركي

مدير عام تحرير موقع «البوابة نيوز»

Ali_turkey2005@yahoo.com

 ===============

المراجع 

الصادق الحمامي: الإعلام الجديد مقاربة تواصلیة، مجلة الإذاعات العربیة، اتحاد إذاعات الدول العربیة، العدد 04، 2006.

سعاد ولد جاب الله، الخطاب الإعلامي العربي والإعلام الجديد، رسالة دكتوراه، الجزائر، جامعة باتنة 2017.

علي التركي، صناعة المواقع الإخبارية، دار روافد للنشر 2017.

نصر الدین العیاضي: في البحث عن العلاقة بین المدونات الالكترونیة والصحافة، مجلة ثقافات، كلية الاتصال، جامعة الشارقة.