يبدو أن الدولة عازمة على وقف كارثة المعديات النيلية، وبتوجيهات من وزارة التنمية المحلية؛ تشن الإدارات المحلية بالمحافظات حملات دورية مفاجئة للرقابة على المعديات النهرية وضبط المخالف منها، ومراجعة جميع المعديات النهرية العاملة بنطاق المحافظة والتأكد من سريان تراخيصها وتوافر كافة الاشتراطات الفنية ومقومات السلامة والالتزام بتحميل الأعداد المقررة وإيقاف المخالف منها للحفاظ على أمن وسلامة وأرواح المواطنين.
وفي آخر الجولات الميدانية، أقدمت العديد من المحافظات على مصادرة وإيقاف عمل المعديات، حيث قامت إدارة الرقابة بمحافظة بمتابعة أعمال المعديات والمراسي بنطاق الوحدة المحلية لمركز ومدينة كوم حمادة وتم المرور على ١٢ معدية نقل ركاب بنطاق كوم حمادة، حيث تم ضبط ٣معديات بها الملاحظات الآتية ( حمولة زائدة - نقص في أدوات السلامة والإنقاذ - رخصة ريس بحري منتهية - ماتور شفط المياه لا يعمل)، فيما تم المرور على عدد 8 معديات بنطاق قرى كوم شريك والبريجات والعمل جاري، وإيقاف معدية بمعرفة الوحدة المحلية بالبريجات لانتهاء التراخيص.
وتأتي هذه الحملات الرقابية لمنع تكرار الحوادث المتكررة التي شهدتها مصر طوال السنوات الماضية، فهناك في مصر ما يزيد عن 9500 مركب ومعدية على نهر الميل بمحافظات مصر المختلفة، الامر الذي جعل المعديات وسيلة النقل الأساسية للألاف من المصريين المقيمين على ضفاف نهر النيل، وتشير الإحصائيات غير الرسمية إلى أن لأكثر من 95٪ من المعديّات، فيما يعمل 70% من قائديها دون رخص، بحسب مركز الدراسات الاقتصادية.
فيما تشير البيانات الرسمية لوزارة النقل عن الأعوام ما بين 2007 حتى 2020 إلى أن هناك 15 حادثة معديّة وقعت خلال 15 عامًا، بمعدل حادثة سنويًا، أدت إلى وفاة 180 شخصًا، والسبب الرئيسي للغالبية العظمى من هذه الحوادث هو عدم مراعاة عوامل الأمان والسلامة من خلال الحمولة الزائدة وعدم توافر عوامل الأمان في المعديات.
آخر الحوادث
وشهدت قرية "القطا" التابعة لمركز ومدينة منشأة القناطر حادثًا مأساويًا، منتصف يناير الماضي عندما سقطت سيارة نصف نقل تقل 23 شابًا وفتاة أثناء عودتهم من العمل بإحدى مزارع الدواجن، من أعلى معدية – تبين من التحقيقات أنها غير مرخصة- في نهر النيل فرع رشيد، كانت في طريقها إلى قرية التفتيش التابعة لمركز أشمون بالمنوفية، مما أدى إلى غرق 10 أشخاص، وإصابة 13 آخرين.
وبعد الحادث، شهدت مصر تحركًا برلمانيا من أجل وقف الحوادث المأسوية للمعديات، كما قرر مجلس الوزراء أن يتم تشكيل لجنة برئاسة الهيئة العامة للنقل النهري، وتضم في عضويتها مسئولي الوزارات والجهات المعنية، بحيث تتولى هذه اللجنة تنظيم عملية منح التراخيص وإدارة وتشغيل المعديات والعائمات على نهر النيل خلال فترة انتقالية؛ لحين الانتهاء من إصدار القانون الخاص بهذه المنظومة.
محاور وكباري بديلة للمعديات
وتنفذ الدولة عددًا من مشروعات المحاور والكباري على النيل، لتقليل استخدام المعديات، حيث أوضحت وزارة النقل، أنه طبقًا لتوجيهات القيادة السياسية، تم الموافقة على إنشاء 29 محورا وكوبري على النيل، منها 12 في الدلتا؛ تم تنفيذ 13 ويجرى إنشاء 16 أخرى.
وقبل أيام، تمت الموافقة بشكل مبدئي على قانون المعديات والسفن الجديد، رقم ٢٤ لعام ٢٠٢٢، والذي أقر عقوبات تصل الي الحبس وغرامه ٥٠٠ ألف جنيه للمخالفين.
وفي هذا الشأن، قال الدكتور حمدي عرفه، استاذ الإدارة المحلية، إن المعديات والمراكب تقع تحت المسؤولية المشتركة لوزارة النقل والمحافظات، حيث طالب عرفة السلطات المحلية ممثلة في المحافظين والمجالس المحلية بعمل حملات دورية لمراجعة رخص قائدي المعديات والمراكب ورخص المراكب ذاتها، وتوافر الأمن بها من إنارة وصافرات إنذار أو وجود وسائل حريق.
وأضاف "عرفة" في تصريحاته لـ "البوابة نيوز" إن الرقابة على المعديات يجب أن تكون بالتنسيق بين كل محافظ وبين الأجهزة التنفيذية في كل محافظة سواء وزارة الري أو شرطة المسطحات التابعة لكل مديرية أمن، لذا يجب التأكد من وجود وسائل الأمان مع تحديد خط سير محدد وسرعة وحمولة محددتين.
وتابع: "القانون الجديد رقم ٢٤ لعام ٢٠٢٢، اقر عقوبات تصل الي الحبس وغرامة ٥٠٠ ألف جنيه للمخالفين، داعيا إلى ضرورة الالتفات أيضا إلى المراسي، حيث يوجد العديد من المراسي النيلية تم إنشاؤها بطرق عشوائية، فضلا عن العديد من المراسي النيلية الخاصة بالمعديات في المحافظات لا يوجد بها إنارة نهائيا أو خدمات، بالإضافة إلى التوسع في إنشاء الكباري والمحاور لتكون بديلة للمعديات.
من جهته، قال الدكتور عبد العظيم محمد، الرئيس الأسبق لهيئة النقل النهرى، إن عصب القضية يكمن في الوعي المجتمعي، لذلك يجب على المواطنين الحرص على عدم التزاحم على المعديات لان ذلك يعرضهم للخطر.
ولفت محمد في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" إلى أن التزاحم على المعديات والكوب بإعداد زائدة فوق الحمولة القصوى يعرض المعديات لخطر الغرق، وحتى في حال توافر اطواق النجاة فانها لا تكفى لإنقاذ كل العدد، ونصح بضرورة توخي الحذر وبخاصة في اوقات المناسبات والأعياد.
كما دعا قائدي المراكب والمعديات بعدم المغامرة والتأكد من توافر مستلزمات الأمان، وعدم السماح بركوب إعداد فوق الطاقة الاستيعابية.