الكوميديا نوع من أنواع التشخيص الجميل ذات طابع خاص، يجسد فيه الممثل شخوص معينة في صور وقوالب مرحه من صنع المفارقات، ينتج عنها عروضا تُكتب بقصد التسلية في فصول سهلة تنهض على المفارقة والافيهات الخالدة لصنع حالة من البهجة والسعادة للجمهور.
وتحت قبة المسرح تجتمع كافة أشكال الفنون، وخلال رحلته الطويلة وقف على خشبته مبكرا؛ مجموعة من الرائدات منذ مراحله الأولى وصولا اللحظة الحالية، قدمن تراثًا خالدًا سيبقى على مر الزمان.
اختص المؤرخ المسرحي د. عمرو دوارة "البوابة نيوز" بفصول لم تنشر بعد من موسوعته الجديدة "سيدات المسرح المصري"، التي تضم السيرة الذاتية والمسيرة المسرحية لـ150 رائدة، منذ بدايات المسرح الحديثة 1870 حتى 2020، والمصحوبة بصور نادرة سواء شخصية أو لعروضهن المسرحية، وقد نجحن في المساهمة بإبداعهن في إثراء مسيرة المسرح المصري.
وخلال أيام الشهر المبارك نستكمل نشر 30 حلقة للسيرة الذاتية لرائدات برعن في أداء الأدوار الكوميدية، بعدما قدمنا على مدار الأعوام الماضية عدد من السلاسل حول رائدات المسرح المصري بمختلف تصنيفاته.
تعد ابنة محافظة بورسعيد الفنانة ملك الجمل "29 يناير 1929 - 23 ديسمبر 1982" من أبرز فنانات السينما المصرية الذين لمعوا في أداء أدوار الشر، ولعل ملامحها التي تبدو قاسية ونظرات عينيها الحادة جعلت منها خامة فنية جيدة للمخرجين الذين قاموا بتوظيفيها لأداء تلك الأدوار، التي نجحت في تجسيدها بحرفية شديدة، وتميزت أيضا في تجسيد أدوار بنت البلد خفيفة الظل، والمرأة الريفية، والخاطبة، والزوجة القوية، والمرأة الشعبية سليطة اللسان، التي حققت شهرة كبيرة من خلالها.
كانت بداياتها الفنية من خلال ميكروفون الإذاعة أثناء مرحلة الدراسة الأولية، والتحقت بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب، والمعهد العالي للتمثيل "المعهد العالي للفنون المسرحية حاليا"، وبرغم عدم استقرارها بالقاهرة إلا أنها استطاعت الحصول على درجة بكالوريوس قسم التمثيل بنجاح عام 1950 ضمن دفعة من الموهوبين الذين نجحوا في تحقيق نجوميتهم بعد ذلك من بينهم الأساتذة: علي الغندور، وعبد الحفيظ التطاوي، ونور الدمرداش، وأحمد سعيد"، هكذا أشار المؤرخ المسرحي الدكتور عمرو دوارة إلى ذلك، مضيفا أنها تتلمذت على يد نخبة من كبار الأساتذة منهم: الدكتور زكي مبارك، والمخرج زكي طليمات.
وعقب تخرجها انضمت لفرقة "المسرح المصري الحديث" التي أسسها الرائد زكي طليمات من طلبة وخريجي المعهد العالي للتمثيل، حيث قدمت عددا كبيرا من الشخصيات الدرامية الثرية من خلال إنضمامها إلى الفرقة "المصرية الحديثة - المسرح القومي حاليا" منذ عام 1954، كما سافرت مع عميد المسرح العربي يوسف وهبي، إلى "باريس" لإعادة تقديم بعض المسرحيات المتميزة من ريبرتوار فرقة "رمسيس"، فشاركت معه في تجسيد ثلاث شخصيات درامية رئيسة في مسرحيات: "أولاد الشوارع"، "أولاد الذوات" و"أولاد الفقراء".
مسرح ملك
شاركت الجمل في عرض افتتاح فرقة "المسرح المصري الحديث" عام 1950، قبل تخرجها من المعهد، وذلك بتمثيل دور "جهينة" بمسرحية "إبن جلا"، إضافة لمشاركتها في عروض موسم 1950- 1951، وفي الموسم الثاني جسدت شخصية "أم سلوى" بمسرحية "دنشواي الحمراء"، "مارسين" في رائعة موليير "طبيب رغم أنفه"، مفيدة هانم في مسرحية "كدب×كدب"، و"الخادمة بهانة" في مسرحية "متلوف".
وعند اندماج فرقتي "المسرح المصري الحديث" مع "المصرية للتمثيل والموسيقى" عام 1954 تحت مسمى الفرقة "المصرية الحديثة" انضمت إليها وشاركت في عدد كبير من عروضها بتقديم بعض الشخصيات الثانوية منها: "الفلاحة" بمسرحيتين "إيزيس"، و"دموع إبليس"، و"الراقصة" بـ"إبن عز"، و"عديلة" في "جمعية قتل الزوجات"، و"الوصيفة" في "السلطان الحائر"، والخاطبة في "القضية"، والمعلقة والمحذرة لابوتشيا بـ"بيت برنارد ألبا"، و"رحمة الثرثارة الفضولية" زوجة النقابي الراحل في "بلاد برة".
ظل المسرح عشقها الأول للفنانة، والمجال الذي منحها فرصة القيام ببعض أدوار البطولة المطلقة، وتعد شخصية زينب الدوغري في "عائلة الدوغري" من أهم الشخصيات الدرامية التي جسدتها بالمسرح، وكذلك "فهيمة" في "الجيل إللي طالع"، و"جلنار" في "سكة السلامة"، و"أم العروسة" في أوبريت "ملك الشحاتين".
قدمت مع فرقة "المسرح القومي" مسرحيات: "أعظم امرأة" عام 1949، و"ابن جلا، والجلف" 1950، و"كدب في كدب، والفرسان الثلاثة، وفي إحدى الضواحي، وفي خدمة الملكة" 1951، و"دنشواي الحمراء، وطبيب رغم أنفه، وشروع في جواز، وصندوق الدنيا، وقصة مدينتين، وكسبنا البريمو، ومتلوف" 1952، و"أصحاب العقول" 1953، و"إشاعة هانم" 1954، و"الأشباح، وسكان العمارة" 1955، و"إيزيس، وابن عز، وجمهورية فرحات" 1956، و"دموع إبليس، وجمعية قتل الزوجات" 1957، و"الشيخ متلوف، ونائبة النساء" 1958، و"اللحظة الحرجة" 1960، و"القضية، والمحروسة، والسلطان الحائر" 1961، و"بيت برنارد ألبا، والقضية، ودكتور كنوك" 1962، و"عيلة الدوغري، وحلاق بغداد" 1963، و"سكة السلامة" 1965، و"بير السلم" 1966، و"بلاد بره" 1968؛ ومع فرقة "المسرح الكوميدي": "حرم جناب الوزير" عام 1970، و"الجيل اللي طالع" 1971؛ ومع "الفرقة الغنائية الاستعراضية" مسرحية "ملك الشحاتين" عام 1971؛ ومع فرقة "الجيب" عرض "عازب وثلاث عوانس" في 1972؛ ومع فرقة "الحديث" مسرحية "يا أنا يا هو" عام 1975.
أما القطاع الخاص فقدمت مع فرقة "أوبرا ملك" مسرحية "بنت الحطاب" عام 1949؛ ومع فرقة "الهنيدي" عرض "سبع ولا ضبع" 1972؛ إلى جانب بعض المسرحيات التي أنتجت للتصوير التلفزيوني منها: "الحقيقة فين" عام 1973؛ و"طالع نازل" لفرقة عقيلة راتب 1980، و"أهل العروسة".
تعاونت من خلال مسرحياتها مع كبار المسرحيين الذين يمثلون أكثر من جيل من بينهم: "زكي طليمات، ويوسف وهبي، وفتوح نشاطي، والسيد بدير، وعبدالرحيم الزرقاني، ونبيل الألفي، وحمدي غيث، ونور الدمرداش، وكمال يس، وسعيد أبو بكر، وسعد أردش، وجلال الشرقاوي، وعبدالمنعم مدبولي، وفاروق الدمرداش، ومحمود الألفي، وشاكر عبد اللطيف".
في السينما
لم تمنح السينما فرصة البطولة المطلقة لها، لكنها بالرغم من ذلك شاركت بأداء بعض الأدوار الرئيسة والأدوار الثانوية فيما يقرب من 30 فيلمًا، ولا يمكننا أن ننسى تألقها في فيلم"الشموع السوداء" والذي جسدت خلاله شخصية "حكمت" المربية الشريرة القاتلة، أو بفيلم "إسماعيل يس في الإسطول" في شخصية "الخاطبة المتآمرة"، و"الحماة الغيورة" خفيفة الظل بفيلم "أم العروسة"، و"العمة المادية البخيلة المسيطرة" بفيلم "نادية"، و"المدرسة المسترجلة" بفيلم "الطريق المسدود"، و"المرأة القوادة" بفيلم "شفيقة ومتولي".
ومن بين أفلامها: "طيش الشباب، وخد الجميل، وريا وسكينة، وكدبة أبريل، ورصيف نمرة 5، وحواء على الطريق، وحكاية بنت أسمها مرمر، وشيلني وأشيلك، والمغنواتي.."، إلى جانب فيلم قصير بعنوان "حلم فنان".
دراما
شاركت في مسلسلات: "الضحية، والساقية، والقاهرة والناس، وأم العروسة، والليلة الموعودة، ومتى تبتسم الدموع، وغريب في المدينة، والزوبعة، وعيلة الدوغري، والقضية 80، ومبروك جالك ولد، وابن تيمية" وغيرها.
تظل شخصية "خالتي بمبة" في برنامج "عيلة مرزوق أفندي" بالإذاعة من أهم أعمالها التي حققت لها الشهرة، وتعد شخصية "خالتي بمبة" في البرنامج الشهير "ربات البيوت" بالإذاعة المصرية الفاصلة والأشهر في حياتها، فقد أدتها ببراعة منذ منتصف الستينات من القرن الماضي، حتى أصبح الكثيرون يطلقون هذا الاسم حتى الآن على الشخصية الثرثارة التي تتدخل فيما لا يعنيها، حتى واصلت تقديمها لمدة 17 عامًا مع الفنان الراحل رأفت فهيم، الذي جسد شخصية "أبو سيد"، وبالتالي يحسب لها أيضا فضل استمرار المسلسل العائلي المتميز "عائلة مرزوق افندي" طوال هذه المدة، ومن بين مسلسلاتها الإذاعية: "نشال الغرام، وعودة ريا وسكينة، وخروف العيد، وريا وسكينة، وحكيم الزمان، وليلة الفرح، واللهم إني صائم.."، إلى جانب عشرات المسرحيات العالمية المعدة إذاعيا بالبرنامج الثاني "البرنامج الثقافي حاليا".
تزوجت "الجمل" ثلاث مرات أثمر زواجها الأول بإنجابها لإبنها الذي ارتبطت به كثيرا، ثم المخرج محمد مرجان، الذي هاجر إلى إيطاليا في بداية سبعينيات القرن الماضي، حتى انفصلت عن زوجها الثالث المهندس كمال ميشيل عام 1965، الذي أشهر إسلامه بعدما ربط الحب بينهما واستمر زواجهما لمدة 6سنوات.