انضم أبي رحمة الله عليه لصفوف القوات المسلحة بعد أشهر قليلة من العدوان الإسرائيلي الغاشم على سيناء وقناة السويس في ٥ يونيه 1967، حيث تم إلحاقه جنديا مفاتلا للأسلحة والذخيرة على احدى كتائب المدفعية بالجيش الثاني الميداني بمنطقة سرابيوم في الإسماعيلية، وسرعان ما شاركت الكتيبة بكل عتادها وقواتها في حرب الاستنزاف حتى نهاية عام ١٩٧٠، وكان من نتيجتها أن تم تدمير غالبية مباني الكتيبة، واستشهاد معظم افرادها في سبيل النصر خلال التوسعات الاسرائيلية على شاطئ القناة الشرقي ، والذي انتهى ببناء النقطة الحصينة في تبة الشجرة بالاسماعيلية، ولم يتبقى من جنود الكتيبة الأبطال سوى سبعة جنود من بينهم والدي المحارب طلعت الصناديلي، وقائد الكتيبة وكان يدعي العقيد صفي الدين، وإثنان من صف ضباط الكتيبة.
اتخدت القيادة العامة للقُوات المُسلحة قرارا بعودة بقية الكتيبة الى منطقة المرج على حدود القاهرة، وتم بناء كتيبة بديلة لهم، وواصلو استقبال الضباط والجنود الجدد، واستمروا في التدريب الشاق في تخوم جبل ومحاجر أبي زعبل استعدادا للمعركة الحاسمة التي سيثأرون فيها لزملائهم الشهداء ويعبرون القنال ويسحقون الحاجز المنيع خط بارليف ويحررون سيناء، كما كان من الاهداف الحاسمة لهم سحق وتدمير النقطة الحصينة بكل من فيها، واقسموا يمين الله على ذلك طوال خمس سنوات من التدرييات الشاقة حتى جاءت الأوامر بعودة الكتيبة الى مكانها الطبيعي استعدادا لقرار الحرب الوشيك.
عادت كتيبة المدفعية الى سرابيوم مرة جديدة كاملة الجنود والمدافع والأسلحة والعتاد وبلغ عدد افرادها ٣٠٠ ضابط وجندى مقاتل وصف ضابط، وجاءت اللحظة الحاسمة وانطلقت حشود المُقاتلين مُكبرين على الجبهة ومن بينهم أبي المحارب الذي اصبح الاومباشي المسئول على فصيلة الذخيرة بالكتيبة وأبلوا في الحرب بلاءا حسنا، وتم لهم ما اردوا وعبروا القناة وسحقوا الحاجز الهلامي بارليف، ثم عادوا للاخذ بثأرهم الخاص من تبة الشجرة حيث يحتمي قتلة زملائهم الشهداء.
في اليوم السادس للحرب وفي الطريق الي النقطة الحَصينة أُصيب أبي بشِظية حَارقة أصابت جانب البطن الأيسر، وكان يحمل على ظهره رشاش نصف بوصة وفوق كتفه عشرات القنابل والدانات الجاهزة لسحق العدو ، واستقرت الشظية في طُحال أبي وستر الله انها لم تصب الكبد، وتم نفله الي المستشفى الميداني، ثم الى مستشفى الاسماعيلية العام ليجرى جراحة خطيرة يتم فيها استئصال الطُحال من جسده، ولا يمكُث المحارب في العناية اكثر من يومين او ثلاثة، ثم يرتدي ملابسه ويحمل اسلحته ويعود الى الجبهة ليشهد عودة زملاءه الجنود من تبة الشجرة المُحررة بجثث الصَهاينة وأسراهم وجرحاهم فوق العربات الزِل، فيسجد لله شكرا وعرفانا ثم ينضم الى صفوف الجنود المقاتلين الذاهبين لتحرير محافظات القناة من بقايا قوات الصهاينة المنسحبين بلا رجعة ، ويعود الي بيته ةأهله في النهاية منتصرا عام ١٩٧٦ ويعيش ٣٧ عاما بعد هذا التاريخ بدون الطحال الذي سيشهد يوم القيامة _ كما كان يقول _ على بطولاته وجهاده في سبيل أرضه وناسه واولاده واحفاده، ليلقى وجه ربه الكريم في نفس يوم اصابته بالشظية في اايوم السادس عشر من رمضان عام ٢٠٠٩.
اللهم النور والغفران والرحمة وجنات الخلود لروح المحارب أبي الأستاذ طلعت الصناديلي.. أمين.