منذ زمن الكنعانيين ولا زال الثوب الفلسطيني جزءا لا يتجزأ من تراث الفلسطينيين حيث بات يحمل في تطريزات كل رموز الشعوب التي عاشت على تلك الأرض ليصبح رمزا مهما يحكي تاريخ الشعب والأرض.
وكما هو الحال لكل شئ لا زال الإحتلال يحاول سرقة الثوب وتهويده والترويج عالميا أنه " زي إسرائيلي " ليثبت أن الأرض يهودية صهيونية فلم يسلم الثوب من سرقات رمزية عديدة وفي السنوات الأخيرة، حيث انتشرت صور لعارضات إسرائيليات، ومضيفات بشركة الطيران الإسرائيلية (العال)، يرتدين الزي الفلسطيني، على أنه إسرائيلي، أما آخرها فكان في شهر ديسمبر ٢٠٢١ حين ارتدت متسابقات ملكة جمال الكون في مدينة إيلات بفلسطين المحتلة الزي الفلسطيني على أنه زي يهودي، وأثارت تلك الصور ضجةً واسعة على منصات التواصل، حيث اعتبر ناشطون فلسطينيون وعرب أنها تأتي في سياق «السرقة الإسرائيلية الممنهجة للتراث الفلسطيني».
وفي الشهر ذاته من نفس العام – ديسمبر ٢٠٢١ - أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) فن التطريز الفلسطيني، على قوائمها للتراث الثقافي العالمي، بناء على طلب تقدمت به وزارة الخارجية الفلسطينية، وجاء القرار تزامنا مع هجمة إسرائيلية شرسة على كل ما يندرج تحت التراث الفلسطيني بما يشمل الثوب والتطريز الفلسطيني.
لكن ما قصة هذا الثوب
بدأت قصة الثوب مع الكنعانيين سكان الأرض الأوائل وأصبح فيما بعد بعدة أشكال يمثل كل شكل فيها منطقة جغرافية ويختلف في طريقة خياطته وتطريزه وقماشه عما هو موجود في منطقة مجاورة لها. ويمثل حالة المرأة الاجتماعية، في للعزباء ثوب يختلف عن المتزوجة أو الأرملة أو العروس الجديدة.
ويتنوع قماش الثوب بين القرى، ويختلف بين فئات الأعمار وباختلاف الفصول. يكون في الصيف قماشا خفيفا، أما في الشتاء فأكثر سمكاً. ويكون عادة «معرقا» للصبايا أي مزركشاً بالرسومات، ولكبار السن يكون من القماش ذي اللون الواحد.
في العاصمة الفلسطينية، القدس؛ يمتاز الثوب بوجود أثر لكل العصور التي مرت على المدينة. فعلى الصدر توجد قبة ملكات الكنعانيين وعلى الجوانب تظهر طريقة التصليب منذ أيام الحكم الصليبي، كما ويظهر الهلال والآيات القرآنية كدليل على عودة القدس للحكم الإسلامي العربي.
في بيت لحم، تتنوع الأثواب الفلسطينية، فهناك ثوب الفلاحة البسيط الذي يتميز بقطبة على الصدر تسمى ـ التلحمية ـ أو القصب. أما ثوب العروس فيكون قماشه من الحرير المخطط بألوان زاهية ويمتاز بكثافة التطريز على القبة فيما تكون أكمامه واسعة ومطرزة. غلبت الرسومات الهندسية على مطرزات شمال فلسطين والجليل الأعلى وصفد. وينتشر في هذه المناطق ثوب المردن الفضفاض وهو من القماش الأبيض أو المزركش السميك أو الخفيف ويعود اسمه إلى أكمامه الواسعة الطويلة حيث يطلق عليه اسم الكم المردن.
فيما ينتشر الثوب المقصب في المناطق الوسطى في فلسطين، التي تمتد من شمال رام الله حتى بيت لحم جنوباً، وحتى ساحل البحر المتوسط غرباً. وهذا الثوب مزين بخيوط القصب بدلًا من خيوط الحرير على الأجزاء نفسها في الثوب المطرز وتكون خيوط القصب قطنية أو حريرية ممزوجة بخيوط معدنية تعطي بريقاً ولمعاناً، أفضلها الخطوط المذهبة.