تعد "الدراويش" لوحة فنية للفنان المصري محمود سعيد، وتم رسم هذه اللوحة في العام 1929، هذه اللوحة هي أحد أعمال محمود سعيد المبكرة تظهر ستة من دراويش المولوية بملامح متشابهة وملابس متماثلة مع فروق في وضعية كل منهم أثناء أداء الأذكار الدينية في العصور العثمانية.
تظهر" الدراويش" ستة من دراويش المولوية بملامح متشابهة وملابس متماثلة مع فروق فى وضعية كل منهم أثناء أداء الأذكار الدينية فى العصور العثمانية، رُسمت اللوحة في مرحلة توظيف الأساليب الغريبة في الرسم، لكنه النموزج الفريد الذي هضم هذه المدارس، فقد طاف فى حلقات الذكر وأنصت إلى الترتيل، رغم أنه ابن الطبقة الأرستقراطية، لكنه اهتم بالبسطاء من الفلاحين والصيادين فى رسم لوحاته، بل سيطرت عليه حالة من التصوف والتأمل فى جماليات الكون والطبيعة، وجذبه جمال الفتيات السمراوات بأجسادهن الخمرية الذهبية، وملامح وجوههن البارزة ونظرات عيونهن الفاتنة، فرسمهن كما لم يرسمهن أحد من قبله أو بعده.
تم بيع لوحة" الدراويش" بقيمة 9 ملايين و350 ألف درهم إماراتي (2.546 مليون دولار أمريكي) بتاريخ 28 أكتوبر 2010 حسب ما أعلنت دار كريستيز للمزادات العالمية حيث أن مزاداً لها في دبي شهد بيع «أغلى لوحة تشكيلية لفنان عربي بالعالم» وكانت التوقعات المبدئية ما قبل المزاد قدرت بيعها بمبلغ يتراوح بين 300 و400 ألف دولار، وتعد اللوحة واحدة من مقتنيات أمين جدة السابق الدكتور محمد فارسي، الذي يعد أهم الشخصيات الداعمة والراعية للحركة الفنية في السعودية ومنطقة الشرق الأوسط، وخلال المزاد نفسه بيعت 30 لوحة من مقتنيات فارسي مقابل 24 مليوناً و700 ألف درهم.
انصب اهتمام محمود سعيد على تصوير الحياة المصرية بجوانبها المختلفة - بدءًا من المناظر الطبيعية، مرورًا بمظاهر الحياة فى الأحياء الشعبية، وحتى تصوير المرأة المصرية بملامحها الجسدية المميزة وزيها- صار وجهة أساسية للمفتونين بالشرق المهتمين باقتناء الأعمال الفنية التى تجسد أجواءه،ورغم أن هناك فنانين برزوا فى هذا المجال مثل المستشرق الفرنسى جان ليون جيروم (1824 – 1904) الذى راح فى لوحاته يصور الشرق بأجوائه الشعبية ومدنه وشوارعه ومناظره الطبيعية، فإن محمود سعيد يمتلك خصوصية تمتاز بها أعماله لدى مقتنى اللوحات من الأجانب، وهى أنه يصور الشرق بعيون شرقية تراه من الداخل لا بعين مستشرق يراه من الخارج، بالإضافة للقيمة الجمالية لأعماله التى تتجاوز النقل الحرفى الميكانيكى للطبيعة.
اشتغل سعيد طوال رحلته الفنية على الموضوع الدينى، فأخذته فكرة الموت والدفن والآخرة والتصوف والتعبد فى مراحل النضج، فى لوحاته: "الدفن 1926، الرسول 1924، قبور باكوس برمل الإسكندرية 1927، الدراويش المولوية 1929، الصلاة 1934، الذكر 1936، المصلى 1941، دعاء المتعطل 1946، واختتمها بلوحة المقرئ فى السرادق 1960" .
حصل "سعيد" على ليسانس الحقوق الفرنسية، ووافق والده محمد باشا سعيد، رئيس وزراء مصر الأسبق، على سفره إلى باريس لدراسة الفن، فالتحق بالقسم الحر بأكاديمية جراند شومبير لمدة عام، ثم أكاديمية جوليان، وانشغل بتأمل ومشاهدة الثروات الفنية فى متاحف باريس ومعارضها، وبالقراءة حول تاريخ الفن فى كل من إيطاليا وفرنسا وبريطانيا.