تعد لوحة "ليلة النجوم" من أشهر لوحات الفنان الهولندي فان جوخ وتوجد الآن وبشكل دائم منذ عام 1941 في متحف الفن الحديث بنيويورك، التي تعد أحد أعمال المناظر الطبيعية، وتعد لوحة تجريدية معتدلة لسماء ليلية لقرية صغيرة على جانب تل، رسمها حين كان يقيم في مستشفى للأمراض النفسية من نافذة غرفته ،وكانت عن ليل مدينة سان ريمي دو بروفانس في فرنسا.
وكان فان جوخ يشاهد الليل من خلال النافذة و يقوم برسم لوحته خلال ساعات النهار من ذاكرته وتخيلاته، في هذه اللوحة تأخذ السماء الحيز الأكبر لأنها بالنسبة لفان جوخ الشيء الوحيد الذي توجد به الحياة الطبيعية بعيدا عن الأضواء الاصطناعية التى تعيق رؤية جمال النجوم.
وتتشكل لوحة "ليلة النجوم "من سماء الليل التي تحوي دوامات زرقاء اللون وهلال أصفر متوهج ونجوم أصبحت بمثابة أجرام سماوية مشعة، تأخد شكلا متحركا يخطف الانظار و التي ترمز إلى وجود حياة جميلة و مختلفة عما نعيشه فوق الأرض.
كما تحتوي على برج أو شجرة من أشجار السرو، والتي تُوصَف بأنّها تشبه اللهب المحلّق بحيث تتجعد أغصانها الداكنة وتتمايل باتجاه السماء التي تحجبها جزئيًا، ووسط كل هذه الرسوم فقد تم رسم قرية منظمة أسفل يمين اللوحة، حيث تشكل الخطوط المستقيمة المنازل الريفية الصغيرة وكنيسة لها منارة ترتفع لأعلى، كما تم رسم مربعات صفراء متوهجة في المنازل كأنوار ترحيبية للمنازل الهادئة، مما ساهم بخلق زاوية هادئة وسط اضطرابات اللوحة الأخرى.
وتحتوي اللوحة على 21 نجما ودوامات عديدة دارت نقاشات كثيرة قديمة حولها مع قول الكثيرين إنها كانت امتدادا لحالته النفسية الهشة في ذلك الوقت.
وذكرت لوحة "ليلة النجوم" في العديد من الكتب، ككتاب الأمريكي مايكل بنسون "كوسميجرافيك" الذي قال فيه إن اللوالب والدوامات باللوحة هي ببساطة تصور للمجرات في الكون، ومن المرجح أنها كانت مستوحاة من رسومات للكون في ذلك الوقت.
تقارنت لوحة ليلة النجوم بنجم فلكي يسمى وحيد القرن تم رصده في عام 2004 من مرصد هابل الفضائي حيث تبدو الأشكال المحيطة بذاك النجم الفلكي شبيهة بلوحة فان جوخ.
أراد فان جوخ في لوحة ليل النجوم تقديمه رساله اإلى أخاه الذي كان يرسلها له في باريس إلى أنها دراسة ليلية توضح سماء مرصعة بالنجوم وقال في وقتها بالنسبة لأهمية اللوحات لديه “أن كل الأشياء الوحيدة التي اعتبرها جيدة، بعض الشيء ويقصد بها أسماء اللوحات.
واستخدم جوخ في رسم تحفته استخدم لرسم السماء لون اللازورد والكوبالت الأزرق، وتم رسم النجوم والقمر ببعض الصبغات الصفراء والتي أتي بها من الهند، ودمج "جوخ" اللون الأصفر في رسم النجوم والقمر مع الزنك الأصفر ليعطي لون نادر الحدوث، وجاءت لمحات في أطراف الصورة ببعض الألوان الزيتية المختلفة، والتي تم دمجها معًا لتكون لون غير مألوف يعطي ظلمة الليل.
جدير بالذكر أن الفنان فينسنت ويليم فان جوخ ولد في 30 مارس من عام 1853 في مدينة زونديرت في هولندا، وتوفي في 29 يوليو من عام 1890 في مدينة أوفيرس سور أويز بالقرب من باريس في فرنسا.
يعد فان جوخ وهو أحد أعظم الرسامين الهولنديين، حيث ساهمت لوحاته ذات الألوان المذهلة وأعمال الفرشاة القوية ذات الأشكال المميزة بالتأثير بشكل كبير على الفن الحديث، ولقد زادت شهرة فان جوخ بعد وفاته بشكل كبير وخاصةً في أواخر القرن العشرين، حيث تم بيع أعماله في مزادات في جميع أنحاء العالم بأسعار عالية جدًا، كما ظهرت أعماله في تصوير الأفلام داخل معارض خاصة، كما عُرف فان جوخ بأنّه الفنان المُعذب المثالي.