" آفة حارتنا النسيان " كلمات الأديب المبدع نجيب محفوظ فى رواية أولاد حارتنا، تلك العبارة التى تلامس الواقع فى مجتمعنا المصري مع الكثير من الأحداث وتنطبق هنا على الفنان العلمي والأدبي أحمد زكي محمد حسين عاكف المشهور باسم "أحمد زكي" الذي ولد فى السويس 5 ابريل 1894 والتحق بمدرسة السويس الابتدائية ليظهر نبوغه عبر سيرته الذاتية.
حيث الاجتهاد والمثابرة فى تحصيل العلوم الذي بدائها منذ أن عمل معلما فى إحدى المدارس الخاصة وبعد أن منعه المرض من السفر فى بعثة تعليمية رسمية إلى بريطانيا ليسافر بعدها على نفقته الخاصة لينهل من العلم ليكون الثالث فى الحصول على الدكتوراه فى العلوم والكيمياء بعد مصطفي مشرفة واحمد عبد العزيز ويستمر فى اجتهاده فى جامعات ليفربول ومانشستر ووينجهام ليصبح فى صفوف النابهين ضمن علوم الكيمياء فى الوطن العربي والعالم.
وقد تم تعيينه عميدًا لكلية العلوم ثم رئيسًا لجامعة القاهرة منحازا بفكره السياسي والاجتماعي الى المدرسة الليبرالية التى كان لها دورًا فى ثورة 1919 وكان له موقفا وهو رئيس الجامعة رافضًا أن تدخل الشرطة للحرم الجامعي فى الخمسينات.
فضلا عن مشاركته فى تأسيس مجموعة من الجمعيات والهيئات العلمية منها " المجمع المصري للثقافة العلمية – الجمعية الكيميائية المصرية وتأسيس المركز القومي للبحوث " خلال اعوام 1929 – 1938 – 1947.
ولانحيازه الاجتماعي تم اختياره وزيرًا للشئون الاجتماعية وعبر مسيرته قدم العديد من المؤلفات والكتب فى تبسيط العلوم من اجل موسعة علمية شاملة بأسلوب ادبي رائع منها كتب " مع الله فى السماء - مع الله فى الارض – بين المسموع والمقروء – قصة الميكروب – فى اعماق المحيطات – بواتق وانابيب – وقصة الكيمياء".
كما كانت له إسهامات فى أعمال الترجمه حيث ترجم "غادة الكاميليا " عن إلكسندر دوماس وترجمة مسرحية " جان دارك ".
وقد مزج أحمد زكي ابن السويس بين العلم والأدب فى معادلة كيميائية بديعة وقد شهد له عباس العقاد بقوله " لا اقرأ لأحمد زكي إلا واتصوره قد جلس على مكتبه وبيده قلم وبالاخرة مسطرة وبرجل "
وقال عنه المفكر أحمد أمين “إنه اديب العلم وكيمائي عظيم واديب كبير مزج بين الأنابيب والمحاليل ويحلل الكلمات ويستخرج المعاني ويصيغ الأفكار”.
وقد شارك أحمد زكي فى الإشراف ورئاسة تحرير مجلة الهلال وشهدت تطورًا خلال فترته التى استمرت حوالي 5 سنوات منذ عام 1946 – 1950.
وحين ذهب للعمل فى الكويت رشحه الأمير صباح الأحمد الصباح ليكون أول رئيس تحرير لمجلة العربي الكويتية والتى صدرت عام 1958 واستمر لمدة 17 عامًا رئيسا لها حيث كانت مجلة العربي ومازالت محل اهتمام وتقدير واعزاز المثقفين العرب لتنوع موضعاتها وثراء موادها الثقفية والعلمية والاجتماعية.
ولقد رحل أحمد زكي ابن السويس البار فى 13 اكتوبر 1975.
وللأسف لا يوجد اهتمام بهذا العالم والأديب إلا مدرسة فى منطقة الصباح بالسويس يطلق عليها اسمه دون أن يعرف تلاميذها وطلابها معلومات عن سيرتة العطرة لهذا العالم والأديب المنسي.
وهنا يحق لنا أن نطالب بالآتي:
• لماذا لا يطلق أو يصدر عميد كلية العلوم جامعة السويس الدكتور أحمد شرين فهمي اسم العالم أحمد زكي ابن السويس على أكبر المدرجات أو المعامل الحديثة لكلية العلوم.. وهل هناك مانع من ذلك.. حتي نعطي لطلاب العلوم القدوة والمثل.
• كما نفترح علي الأستاذ محمد نبيل رئيس اقليم القناة الثقافي بضرورة أن يصدر كتاب عن ابن السويس وإقليم القناة يعرف الجيل الجديد مأثر هذا العالم النموذج الوطني فى التحصيل والعلم.
واذا كان قد سبق نجيب محفوظ فى كلماته البليغة "آفة حارتنا النسيان" فى أننا نأمل فى تغيير الواقع باهمية احياء الذاكرة الوطنية لتكون خصبة دائمًا خصوصًا لابناء مصر الشرفاء والمخلصين فى كافة المجالات.