الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

مئة بيت من الشعر العربى.. عصير الحب والموت والحكم “عمرو بن كلثوم”

مصطفى بيومي
مصطفى بيومي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى تراث الشعر العربى، منذ ما قبل الإسلام إلى نهاية العصر العباسى، كنوز وجواهر لا ينبغى للأجيال الجديدة أن تجهلها. نقدم كل يوم بيتا من عيون الشعر القديم، مصحوبا بإضاءة قليلة الكلمات، فى محاولة لتحقيق التواصل الضرورى والاستمتاع بعصير الحب والحكمة والموت.

عمرو بن كلثوم
«إذا بلغ الرضيعُ لنا فِطامًا
تخرُ له الجبابرُ ساجدينا»
لا مبالغة تستدعى الدهشة والاستنكار فى المقولة الشائعة: «أعذب الشعر أكذبه»، ذلك أن الخيال مادة الشعر، ومفارقة المحاكاة الميكانيكية التقليدية للواقع ضرورة لا غنى عنها، لكن الإسراف المتطرف فى بيت عمرو يتجاوز كل ما يمكن استيعابه من صنوف المبالغة. لا يغيب الأمر عن الشاعر نفسه بطبيعة الحال، والحرص على الفخر يدفعه إلى صياغة تنأى عن المعقولية وتعبر عن مشاعر الاعتزاز والثقة بلا ضفاف فى تفرد القبيلة وتعاليها وتفوقها غير المحدود على الآخرين المنافسين، والكلمة هى السلاح الذى يتكىء عليه دون نظر إلى المنطق ومعطياته.
التقييم وفق مقاييس ومعايير العقل ليس واردا، ومثل هذا التوجه يفسد الشعر ويزلزل سماته الخاصة التى ينبغى أن تُوضع فى الاعتبار ولا يتم إهمالها. لا شك أن الروح الطبقية الطاغية حاضرة بقوة، والتعبير عنها عفوى تلقائى يوحى بالصدق من منظور خاص قوامه الاتفاق الضمنى على إدراك قواعد اللعبة والقبول بها، فلا شيء إلا الغرائبية الكاريكاتورية التى لا تغيب عن الطرفين.
عمرو بن كلثوم صادق على طريقته، ومثل الأطفال يتألق فى معانقة الخيال الذى يتحول عنده إلى حقيقة مستقرة لا يطولها الشك، وعندئذ تبدو مفردة الكذب مقحمة لا معنى لها، ذلك أن الشعراء والأطفال يهيمون ولا يكذبون.