الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

"دورية الليل".. الحارس الليلي للفنان الهولندي رامبرانت

دورية الليل.. الحارس
"دورية الليل".. الحارس الليلي للفنان الهولندي رامبرانت
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تعتبر لوحة "دورية الليل " أشهر لوحات الفنان الهولندي رامبرانت ، وتعرف باسم "الحارس الليلي"، تُعد دورية الليل واحدة من أشهر لوحات العصر الذهبي في هولندا، وتكون هذه اللوحة الأقل ذاتية بين أعمال فنان انطلق في معظم أعماله من الذات حيث رسم نفسه عشرات المرات.

اشتهرت اللوحة بأبعادها التي تساوي (437سم × 363سم) وبتوزيع الظل والضوء وبتصوير الحركة، توجد هذه اللوحة ضمن مجموعة لوحات في متحف أمستردام، لكنها تُعرض في مكان بارز في متحف ريكز باعتبارها اللوحة الأكثر شهرة في مجموعته، ويعد أهم ما عبر عنه رامبرانت في هذه اللوحة هو الحركة، ولذلك تأملاً عميقاً في المشهد يقول أن كل الشخصيات المرسومة تبدو في حركة.

رُسمت اللوحة بتكليف من النقيب  بانينك كوك وسبعة عشر عضوًا من أعضاء حراس الميليشيا المدنية الخاصة به، عام 1639، تظهر 34 شخصية ضمن اللوحة، دُفع لرامبرانت مبلغ 1600 غيلدر في مقابل الرسم دفع كل شخص مئة وهو ما يعتبر مبلغًا كبيرًا في ذاك الوقت، كانت هذه اللوحة واحدة من سلسلة مكونة من سبع لوحات مماثلة لرجال الميليشيا، نُفذت من قبل فنانين مختلفين في ذلك الوقت.

انتهى رامبرانت من رسم اللوحة في عام 1642، أي في ذروة العصر الذهبي الهولندي، تصور اللوحة الفرقة التي تحمل اسمها وهي تنتقل بقيادة النقيب فرانس بانينك كوك (الذي يرتدي ملابس سوداء مع وشاح أحمر) وملازمه ويليام فان رويتنبرج (يرتدي ملابس صفراء مع وشاح أبيض).

لفت رامبرانت الانتباه إلى الشخصيات الثلاث الأكثر أهمية في اللوحة من خلال الاستخدام الفعال لضوء الشمس والظل، وهذه الشخصيات هي الرجلان في الوسط اللذان اكتسبت منهما اللوحة اسمها الأصلي، والمرأة خلفهما إلى يسار وسط اللوحة وهي تحمل دجاجة، بينما نفذت ألوان الفرقة خلف فرانس وويليام بنفس ألوان الراية التي يحملها جان فيشر كورنيلسن، ونفذ رامبرنت شخصيات اللوحة بنفس الحجم الحقيقي تقريبًا.

عرض رامبرانت الشعار التقليدي للقربينة بطريقة طبيعية، مع امرأة في الخلفية تحمل الرموز الرئيسية، والتي تعد بنفسها نوعاً من التميمة، وتمثل مخالب الدجاجة الميتة على حزامها والمعروفة بالكلوينرز "القربينة"، بينما يمثل المسدس وراء الدجاجة نبات النفل، وتحمل المرأة في يدها كأس الميليشيا، يرتدي الرجل الذي يقف أمام المرأة خوذة عليها ورق نبات البلوط، وهي فكرة تقليدية عن القربينة، يُقصد من الدجاج الميت أن يمثل أيضًا الخصم المهزوم وغالبًا ما يرتبط اللون الأصفر بالنصر.

تعد اللوحة مغلفة بالورنيش الداكن لفترة طويلة من تاريخها، مما أعطى انطباعاً خاطئاً بأنها تصور مشهداً ليلياً ، وكان هذا السبب وراء اسمها المعروف بشكل عام، أُزيلت طبقة الورنيش في أربعينيات القرن العشرين.

يظهر التكوين الأصلي للوحة في النسخة التي رسمها جيريت لوندنز (1683-1622) الموجودة في المعرض الوطني بلندن، كان من المفترض أن تعلق اللوحة في قاعة الولائم في الكلوفينيرسدولن قاعة اجتماعات الفرسان المشيد حديثًا في أمستردام، اقترح البعض أن تكون مناسبة تكليف رامبرانت برسم اللوحة.

قُطعت اللوحة من جوانبها الأربعة في عام 1715، إثر نقلها من الكلوفينيرسدولن إلى قاعة بلدية أمستردام، جرى ذلك على الأرجح، لكي تُناسب اللوحة موقعها الجديد بين العمودين، إذ كانت هذه الممارسة شائعة قبل القرن التاسع عشر، نتج عن هذا التغيير فقدان شخصيتين من جانب اللوحة الأيسر إضافة إلى قمة القوس وحافة الدرجة، إذ يمثل الدرج والدرابزين أدوات بصرية كان يستخدمها رامبرانت لإعطاء اللوحة حركة للأمام.

وجدت مناقشات أكاديمية حول حول مكان تنفيذ رامبرانت للوحة، إذ أنها تعد أكبر من أن تُنفذ في الاستوديو الخاص به في منزله، يُذكر في سجلات المدينة في تلك الفترة أنه طلب بناء مطبخ صيفي على ظهر منزله، وتسمح أبعاد هذا المبنى باستيعاب اللوحة على مدار السنوات الثلاث التي استغرقها لرسمها يوجد مكان آخر من المرشح أن يكون رامبرانت قد رسم لوحته فيه، هو إحدى الكنائس المجاورة، أما الاحتمال الثالث هو أن يكون قد نفذها في موقع عرضها.

عُلقت دورية الليل لأول مرة في الكلوفينيرسدولن في أمستردام، ويضم هذا المبنى في الوقت الحالي فندق دولين، نُقلت اللوحة في عام 1715، إلى قاعة البلدية في أمستردام، التي جرى تعديل اللوحة من أجلها، أصبحت قاعة البلدية القصر الملكي في أمستردام ونقل القضاة اللوحة إلى التريبينهويس الخاص برحلة العائلة وذلك بعد احتلال نابليون لهولندا، أمر نابليون بإعادتها، لكن اللوحة انتقلت مرة أخرى إلى التريبينهويس بعد انتهاء الاحتلال في عام 1813، الذي يضم اليوم الأكاديمية الهولندية للعلوم. بقيت اللوحة هناك إلى حين انتقالها إلى متحف ريكز الجديد بعد الانتهاء من بنائه في عام 1885.

أُزيلت اللوحة من المتحف في سبتمبر من عام 1939، في بداية الحرب العالمية الثانية، وفُصلت اللوحة القماشية عن الإطار الخاص بها ولُفت حول اسطوانة، خُزنت اللوحة الملفوفة لمدة أربع سنوات في خزانة خاصة كانت قد بينت لحماية العديد من الأعمال الفنية في كهوف ماستريخت في هولندا، وأعيد تركيب اللوحة بعد نهاية الحرب، ورُممت وأُعيدت إلى مكانها الأصلي في متحف ريكز.

نُقلت دورية الليل في 11 ديسمبر إلى موقع مؤقت، بسبب التجديد الكبير لمتحف ريكز، وفُصلت اللوحة عن إطارها ولُفت بورق خال من البقع ووضعت ضمن إطار خشبي وُضع بدوره ضمن كُمين واقتيدت على عربة إلى وجهتها الجديدة، ثم رُفعت وجُلبت إلى منزلها.