الكوميديا نوع من أنواع التشخيص الجميل ذات طابع خاص، يجسد فيه الممثل شخوص معينة في صور وقوالب مرحه من صنع المفارقات، ينتج عنها عروضا تُكتب بقصد التسلية في فصول سهلة تنهض على المفارقة والافيهات الخالدة لصنع حالة من البهجة والسعادة للجمهور.
وتحت قبة المسرح تجتمع كافة أشكال الفنون، وخلال رحلته الطويلة وقف على خشبته مبكرا؛ مجموعة من الرائدات منذ مراحله الأولى وصولا اللحظة الحالية، قدمن تراثًا خالدًا سيبقى على مر الزمان.
اختص المؤرخ المسرحي د. عمرو دوارة "البوابة نيوز" بفصول لم تنشر بعد من موسوعته الجديدة "سيدات المسرح المصري"، ولم يستقر على دار نشر لطباعتها حتى الآن، التي تضم السيرة الذاتية والمسيرة المسرحية لـ150 رائدة، منذ بدايات المسرح الحديثة 1870 حتى 2020، والمصحوبة بصور نادرة سواء شخصية أو لعروضهن المسرحية، وقد نجحن في المساهمة بإبداعهن في إثراء مسيرة المسرح المصري.
وخلال أيام الشهر المبارك نستكمل نشر 30 حلقة للسيرة الذاتية لرائدات برعن في أداء الأدوار الكوميدية، بعدما قدمنا على مدار الأعوام الماضية عدد من السلاسل حول رائدات المسرح المصري بمختلف تصنيفاته "الغنائي، والاستعراضي، والتراجيدي والميلودرامي، والكوميدي، والأدوار الثانوية، وبين الضوء والظل، والسينما والدراما التليفزيونية، والمعاصر".
كانت بداية الفنانة سهير البارونى «5 ديسمبر 1937 - 31 يناير 2012» ابنة حي باب الشعرية، الفنية من المسرح المدرسي وتحديدًا مدرسة غمرة الابتدائية، واستمرت بعد ذلك في تفوقها الدراسي وبالأنشطة الفنية بالمدرسة الثانوية بالعباسية.
بدأت علاقتها بالتمثيل بالمصادفة عندما كان أحد أقاربها الفنان عثمان محمد علي، يتقدم لامتحانات القبول بمعهد التمثيل واصطحبها معه بالصدفة، وأثناء الامتحان طلب منها عميد المعهد أن تقوم بدور معين، رغم أنها أخبرته بأنها من غير المتقدمات لاختبار القبول، لكن حينما أعجب بأدائها أخبرها بقبولها الأولى في الاختبار، هكذا أوضح المؤرخ المسرحي الدكتور عمرو دوارة، مضيفًا أنها التحقت بالمعهد العالي للتمثيل، لكنها لم تستطع الاستمرار لعدم انتظامها في الدراسة، وكان السبب الرئيسي في ذلك هو انتمائها لعائلة محافظة ترفض دخولها المجال الفني، وفي محاولة للتحايل على ذلك اتفق معها قريبها الفنان عثمان محمد علي أن تخبرهم باستلامها العمل كموجهة مسرحية، ومنذ تلك اللحظة عرفت طريقها إلى عالم الاحتراف، فبدأت حياتها الفنية كممثلة بالإذاعة ثم بالعمل بفرقة «الريحانى» عندما التقاها مديرها وأخبرها برغبته فى ضمها للفرقة وبالفعل نجح في إقناع والدتها بكل الأساليب الممكنة.
فضلت تقديم أنماط مختلفة كالمرأة الشعبية والأرستقراطية والمطربة أو العالمة
تنتمي «البارونى» إلى المجموعة النادرة من الممثلات اللاتي يشتهرن بخفة الظل وبقدرتهن على تفجير الضحكات سواء اعتمادا على كوميديا الموقف أو مهارتهن الشخصية، وإذا كانت الكوميديا الشعبية تعتمد في كثير من المواقف على تقديم وصلات الردح والتشليق للمرأة الشعبية، التي تقوم بها غالبا بعض الممثلات اللاتي يتعمدن تقديم نموذج المرأة الدميمة أو العانس فإنها رفضت حبسها في هذا الإطار وفضلت تقديم أنماط مختلفة كالمرأة الشعبية، والأرستقراطية، والمطربة أو العالمة، وكذلك بعض أدوار المرأة المدللة أو المغلوبة على أمرها، وأيضا المرأة العجوز المسنة.
بدأت التمثيل في السينما منذ حقبة الخمسينيات من القرن العشرين، وشاركت في عدد من الأفلام الشهيرة، كذلك شاركت خلال الربع الأخير من القرن العشرين بعدد كبير من المسلسلات الدرامية المتميزة، حيث تميزت بخفة ظل لا مثيل لها، ونجاحها في إشاعة جو من البهجة بمعظم أعمالها، وأيضا في التعامل مع ثلاثة أجيال من نجوم الكوميديا، فبدأت مع جيل الستينيات «عبدالمنعم مدبولي، وفؤاد المهندس، ومحمد عوض، وسمير غانم، وجورج سيدهم، والضيف أحمد، وحسن مصطفى، وحيد سيف، وعبدالله فرغلى»، وجيل السبعينيات: «عادل إمام، وسعيد صالح، ويونس شلبي، ومحمد نجم»، وجيل الثمانينيات والتسعينيات: «المنتصر بالله، ومحمد هنيدي، وأحمد آدم، وطلعت زكريا، وهاني رمزي».
مسرح البارونى
شاركت في بطولة ما يقرب من 40 مسرحية ما بين فرق مسارح الدولة وبعض الخاصة، واستطاعت أن تنافس كبار فنانات الكوميديا خلال النصف الثاني من القرن العشرين، فقدمت مع فرقة «المسرح الكوميدي» عروضا مثل: «للحريم فقط عام 1963، وملكة الإغراء في 1964، وحالة حب عام 1965»، ومع فرقة «الإسكندرية»: «الدنيا رواية هزلية في 1971»، ومع «المسرح الحديث»: «الكدب له ألف رجل عام 1972»، ومع «مسرح الطليعة»: «أهلا فأر السبتية في 1974»، ومع «مسرح الشباب»: «شباب على طول عام 1984».
أما فرق القطاع الخاص، فقدمت مع فرقة «الريحاني» مسرحيات: «الحكم بعد المداولة عام 1953، وعلى عينك يا تاجر فى 1956، وحماتي بوليس دولي عام 1957، واللي يعيش ياما يشوف في 1959، وكان غيرك أشطر عام 1961، والحرامية في 1977»؛ ومع فرقة «ساعة لقلبك»: «مسرحية الستات ملايكة عام 1960»؛ ومع فرقة «إسماعيل يس» عروض: «ثلاث فرخات وديك، وكناس في جاردن سيتي في 1962، والحب لما يفرقع عام 1963»؛ ومع فرقة «تحية كاريوكا»: «قهوة التوتة، وحضرة صاحب العمارة عام 1966»؛ ومع فرقة «ثلاثي أضواء المسرح» عروض: «حواديت، وزفة العروسة في 1967، وبراغيت عام 1967، وأحدث زوجة في العالم في 1969»؛ ومع «الفنانين المتحدين» مسرحيات: «هاللو شلبى عام 1970، واللص الشريف 1971، وعلشان خاطر عيونك 1987، وشارع محمد علي 1990»؛ ومع فرقة «المسرح الفكاهي» أنور عبدالله: «مسرحية أنا ومراتي وجوزها عام 1972»؛ ومع «المسرح الباسم» نبيل الهجرسى: «مسرحية المحتاس والناس عام 1972»؛ ومع فرقة «نعيمة وصفي»: «عرض ولد وجنيه عام 1973»؛ ومع «نجوم المسرح» كمال الشناوى: «مسرحية اللعب ع المكشوف في 1975»؛ ومع «الكوميدى شو»: «مسرحية الدنيا مزيكا عام 1976»؛ ومع «محمد نجم»: «عرض اعقل يا مجنون عام 1984»؛ ومع «الكوميديا المصرية»: «مسرحية ليلة القبض على حمص عام 1985»؛ ومع «حسام الهجرسى»: «إحنا اللي خرمنا التعريفة في 1989»؛ بالإضافة إلى بعض المسرحيات المصورة التي أنتجت خصيصًا للعرض التليفزيوني منها: «الوصية عام 1968، والحقيقة فين؟ في 1973، واللعبة عام 1985، وثلاثة عشر ليه؟ في 1988».
فى السينما
ساهمت «البارونى» بأداء بعض الأدوار الثانوية المؤثرة في عدد 55 فيلمًا خلال أكثر من 50 عامًا خلال الفترة من 1955 حتى 2006، حيث بدأت أولى مشاركاتها بفيلم «أيام وليالى» للمخرج هنري بركات، ومن بطولة عبدالحليم حافظ، وإيمان، وأحمد رمزي، وهو الفيلم الذي تقاضت عليه أجرًا 100 جنيه، في حين كانت آخر مشاركاتها بفيلم «قصة الحي الشعبي» للمخرج أشرف فايق، وبرغم تميز أدائها بالأدوار التي جسدتها إلا أنها ظلت لسنوات طويلة تنتظر أن تنصفها السينما كما أنصفها المسرح بالبطولات المطلقة، لكن للأسف لم تتحقق طموحاتها السينمائية حتى تاريخ رحيلها.
ومن بين أفلامها: «عريس مراتي، ويوم من عمري، وبين القصرين، وزقاق المدق، وهارب من الزواج، والراهبة، وقصر الشوق، وثلاثة لصوص، وثلاثين يوم في السجن، وإضراب الشحاتين، وللمتزوجين فقط، وأضواء المدينة، وأغنية على الممر، والأبرياء، وبنت اسمها محمود، والنداهة، وآه يا ليل يا زمن، والمجرم، وقضية عم أحمد، وممنوع في مدرسة البنات، وقضية الأستاذة عفت، وسمع هس، وفول الصين العظيم، وقصة الحي الشعبي»، بالإضافة إلى بعض الأفلام القصيرة والتليفزيونية منها: «الهانم وأنا، والأصابع الثلاثة» عام 1973.
دراما
بدأت بأداء بعض الأدوار الرئيسة بفوازير رمضان مع «ثلاثي أضواء المسرح» خلال الفترة من 1967 إلى 1970، وكذلك تجسيد بعض الأدوار المحورية ببعض المسلسلات المهمة بدءًا بمسلسل «عندما يشتعل الرماد» عام 1973 وحتى آخر أعمالها مسلسل «فرقة ناجي عطا الله» عام 2012.
ومن بين مسلسلاتها: «أبوالفوارس، وفوازير ثلاثى أضواء المسرح، وفوازير كلمة × غنوة، وفوازير وحوي يا وحوي، وعندما تضحك الأوتار، ورأفت الهجان (ج2)، ومغامرات زكية هانم، وسر الأرض، وساكن قصادي، ولن أعيش في جلباب أبي، وعريس دليفري، وفرقة ناجي عطا الله، ولحظات حرجة».
كما ساهمت في إثراء الإذاعة المصرية بكثير من برامج المنوعات والأعمال الدرامية التي يصعب حصرها منها مسلسلات: «بنت بحري، وتوتة توتة، وهزار في منتهى الجد، والكدب ليه ألف رجل، والأستاذ مبسوط جدا، وفارس عصره وأوانه»، إلى جانب برنامج «ساعة لقلبك».